Herelllllan
herelllllan2

اليمن.. التاريخ والإنسان في مرمى العدوان

 

بقلم :محمد علي ثامر

يمانيون:

 

تمتلك اليمن ثروة حضارية ثمينة وهي بكل المقاييس جزءٌ مهمٌ من التراث الإنساني العالمي الذي وثَّق حركة الحياة وبناء الرصيد الحضاري الإنساني

في العالم أجمع، ويدرك الكثيرون أيضاً الحقيقة المُرة التي تتمثل في ما تعرضت وما تتعرض له هذه الثروة الأثرية التاريخية وهي تسجل عراقة

الحضارات اليمنية لما قبل التاريخ وعصور ما بعد الميلاد والعصور الإسلامية من تخريب وعدوان بقصد متعمد من قبل قوات تحالف العدوان ومرتزقته.

حيث أدى هذا العدوان الهجمي والغاشم إلى الإضرار بالممتلكات الثقافية والمواقع الأثرية والمدن التاريخية والتراث الثقافي اللامادي، بل

ووصل ببعضها إلى التدمير الكلي لهذه المعالم بل وتسويتها بالأرض كما حدث لمسجد (حمراء علب) الواقع بدار الحيد مديرية سنحان والمدفون فيه

العلامة المحدِّث/ عبد الرزاق بن همام الصنعاني المتوفى سنة 211هـ، وليس غريباً على هذا العدوان فواصل نهجه في استهداف المدن التاريخية

كمدينة براقش، ومدينة صرواح، ومدينة صنعاء القديمة، ومدينة زبيد، ومدينة يريم.. وآخرها استهداف جامع ومدرسة زبيد يوم أمس الأحد الموافق

14/6/2015م، والذي يعدُّ أول جامعة إسلامية في الجزيرة العربية بشكلٍ خاص وفي العالم بشكلٍ أجمع، ومن قبله بيوم تدمير قلعة (حرم) التاريخية بمديرية رازح بمحافظة صعدها، ومن قبلها بيومين استهدف مدينة صنعاء القديمة الذي وصفها بيان الاستنكار والإدانة التي أطلقته منظمة اليونسكو بأنها إحدى جواهر الحضارة الإنسانية العالمية ليدمر ثلاثة من أجمل بيوت صنعاء القديمة وبالذات الإطلالة الجميلة لبيوت بستان القاسمي، كما تضررت عدد (4) منازل أخرى.

فمسلسل التدمير والحقد السعودي على التاريخ والحضارة اليمنية طويلٌ جداً ومتواصل فاستهدف قلعة فج عطّان التاريخية، وقلعة القاهرة بمدينة

تعز، التي تعود إلى القرن الرابع الميلادي بثلاث غارات متواصلة، ودار الحسن التاريخي بمدينة دمت بمحافظة الضالع، وقصر غمدان التاريخي

بمدينة صنعاء القديمة والمدرسة الشمسية الأثرية التي تقع بداخله، وتضررت بجانبه عشرة بيوت من نفس الحي هذا القصر التاريخي، وقشلة جبل

نقم، وقلعة جبل الشريف بمدينة باجل بمحافظة الحديدة، وقصر دار الحجر بوادي ظهر بمديرية همدان بمحافظة صنعاء.

كما تم استهداف جامع الهادي يحيى بن الحسين 290هـ في صعدة بغارة مباشرة استهدفت المكتبة الأثرية الخاصة بالجامع، وسور مدينة صعدة

القديمة وباب اليمن وإحدى الحمامات التاريخية، كما واصل التدمير الهمجي أيضاً لمسجد عويدين الأثري بمديرية العشة بمحافظة عمران، وحصن

وقلعة القشلة بمديرية ساقين بمحافظة صعدة، والمصرف الشمالي لسد مارب القديم بمحافظة مارب بغارتين متتاليتين، كما تم استهداف جرف أسعد

الكامل بمحافظة إب، وقلعة صيرة التاريخية بمحافظة عدن.. الخ.

كما تضررت بعض المباني في مدينة صنعاء التاريخية، ومنها بيتان في باب السبح، بسبب ضغط الانفجار الناتج عن استهداف جبل نقم.. كما تضرر

المتحف الوطني بصنعاء والذي تكسرت زجاجات النوافذ وفترينات العرض الخاصة به، كما تضرر متحف الموروث الشعبي والذي تكسرت أيضاً بعض

النوافذ وفترينات عرضه، وليس ببعيد عن دول العدوان السعودي وحلفائه فهناك أياديها التي تعمل في الأرض ومنها تنظيم القاعدة الذي اقتحم

متحف المكلا الأثرية – قصر السلطان القعيطي – وهو قصر أثري وتاريخي قديم، واستخدم لفتح بواباته البوازيك والقذائف الصاروخية، ونهب وإتلاف

مكتبة إذاعة المكلا السمعية والبصرية، وكما تم استهداف متحف عدن الوطني (قصر السلطان العبدلي) – وهو أيضاً قصر أثري قديم، من قبل الأطراف

المتصارعة والتي تدعم من قبل دول العدوان، ونهب وإتلاف مكتبة إذاعة عدن السمعية والبصرية والتي كانت تحوي من أقدم الأسطوانات الصوتية

والمرئية للتراث اليمني اللامادي.

ومواصلةً لكل هذا الجرم والصلف الهمجي من قبل دول العدوان فقد تم استهداف متحف ذمار الإقليمي وتسويته بالأرض، ويحوي هذا المتحف على المئات

من القطع الأثرية التي تهشمت وتلاصقت بأجساد حراسة هذا المتحف.

وليس ببعيد عن المركز الثقافي بمحافظة صعدة والذي تم تدميره وتسويته بالأرض، كما تم تدمير المركز الثقافي بمديرية عبس بمحافظة حجة،

وورشة تعليم العود اليمني القديم (الطربي والقنبوس) التابعة لمشروع اليونسكو للحفاظ على الأغنية الصنعانية ومن أهم مخرجاته هو إعادة

إحياء صناعة العود اليمني القديم (القنبوس/ الطربي) ، حيث تم إنشاء ورشة خاصة بصناعة وتعليم صناعة العود اليمني.. والتي تعرضت إلى

التدمير الشامل جراء قصف مطار صنعاء الدولي؛ كونها بجوار مطار صنعاء، وكانت الورشة تحتوي على عدة أعواد يمنية قديمة أثرية لا تقدر

قيمتها بثمن كونها تعد مرجعاً للأبحاث في تاريخ العود بشكل عام.

كما تم استهداف بعض الممتلكات الثقافية بمحافظة عدن كقاعة فلسطين والتي تعرضت في البداية للنهب والسلب من قبل القوى المتصارعة، كما تم

استهدافها من قبل طيران دول العدوان السعودي وحلفائه لقربها من قصر المعاشيق الرئاسي، وليس وضع معهد جميل غانم للفنون الجميلة ومكتبة

الأديب عبدالله باذيب الوطنية ببعيد عن ما حدث لقاعة فلسطين.. فالتدمير شغال والعدوان همجيٌّ.

وإزاء كل هذا يجعلنا ندرك أن الموروث الثقافي اليمني بات في خطر شديد يتوجب علينا جميعاً – مواطنين ودولة وحكومة – أن نتحمل مسؤوليته

أمام الله والوطن والتاريخ.. ولا يقتصر إدراك هذه الحقيقة المرة على أبناء اليمن فهم يمتلكون الحس الحضاري ويعتزون بتراثهم المتوارث فحسب

بل يدركونها ويستوعبون هذه الخسارة الكبيرة من جراء هذا العدوان وأعماله القذرة.

إن آثار اليمن لما قبل التاريخ القديم والتاريخ الإسلامي التي في طول البلاد وعرضها على السطح المكشوف أو في قمم الجبال أو في باطن الأرض

أو في أعماق البحار محمية بموجب معاهدات وأعراف دولية كانت اليمن سباقة من بين البلدان العربية للمصادقة على اتفاقية التراث العالمي في

7/10/1980م ، حيث وصل عدد الأعضاء فيها إلى ( 156 ) دولة، حتى عام 1998م انضم إلى قرار الاتفاقية الدولية لحماية التراث الطبيعي والثقافي

16 دولة عربية فقط، وكانت اليمن سباقة إلى ذلك إذ تحوي الاتفاقية أول ميثاق لهذا الغرض ميثاق أثينا عام 1931م الصادر عن معهد التعاون

للجمعية الدولية، ومن ثم اتفاقية حماية الممتلكات الثقافية في حالة النـزاع المسلح لاهاي عام 1954م الصادرة عن منظمة اليونسكو، وميثاق

البندقية الصادرة عام 1964م عن اليونسكو، والذي تأسس على إثره المجمع العالمي للتراث “World Heritage Convention” في العام 1965م،

وكذلك المجلس العالمي للمعالم والمواقع (ICOMOS) والذي تأسس العام 1965م، والمجلس العالمي للمتاحف “(ICOM).

وتوالت الجهود والأعمال التي تبنتها منظمة اليونسكو حيث صدرت اتفاقية التراث العالمي عن المؤتمر العام لليونسكو المنعقد في 16/11/1972م،

ومن ثم ميثاق واشنطن للحفاظ على المدن والمناطق التاريخية عام 1987م، وانعقاد الندوة العالمية للمجلس العالمي للمعالم والمواقع في

واشنطن أكتوبر عام 1987م، وصدور الميثاق الدولي لإدارة التراث الأثري عام 1990م، ومؤتمر البيئة والتنمية في ريودي جانيرو عام 1992م.

وقد جاءت إضافة مجموعة “اللاندسكيب الثقافي” مؤخراً منفصلة عن “التراث الثقافي” لتشهد بنجاح اتفاقية التراث العالمي كأداة قانونية دولية

تنهض بما يتوقعه منها العالم من أجل إيجاد التكامل بين صون البيئة من جهة والتنمية من جهة أخرى.

وتضم قائمة التراث العالمي حوالي 445 موقعاً ثقافياً، منها 54 موقعاً في الدول العربية، كما تضم 117 موقعاً طبيعياً منها ثلاثة مواقع في

المنطقة العربية، وتضم أيضاً 20 موقعاً مشتركاً – أي مواقع معترف بها لقيمتها الثقافية والطبيعية معاً منها موقع واحد في المنطقة العربية،

وهذه المواقع لاتزال في تزايد منتظم وفق القواعد والشروط التي حددتها الاتفاقية، والتي أوصت أيضاً أن توضع مناطق التراث العالمي في

أولويات العمل العالمي لحمايته وأن تتخذ الكثير من الإجراءات التي تحول الاقتناع بأهميته إلى واقع ملموس. ومن المواقع التراثية اليمنية

المسجلة في قائمة التراث العالمي حتى الآن مدينة صنعاء القديمة وشبام حضرموت وزبيد بالإضافة إلى المحميات الطبيعية كجزيرة سقطرى ومحمية

عتمة وهناك قائمة أخرى لعدد من المواقع والمعالم والمحميات الطبيعية رفعت بها اليمن وهي قيد الدراسة لدى المنظمة الدولية (اليونسكو).

ومن بينها براقش وصرواح وصعدة وغيرها مما تم استهدافه.

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com