Herelllllan
herelllllan2

في الذكرى الـ11 للثورة اليمنية.. كيف أسقطت المبادرة الخليجية التغيير وقادت البلاد إلى الحرب؟

طالب الحسني
اليوم الـ11 من فبراير يوافق الذكرى أيضا الـ11 للثورة اليمنية 2011 ضمن ثورات ” الربيع العربي” ، التي أحدثت تغييرا كبيرا في المنطقة ، وسواء كانت نظرتنا إليه إيجابية أو سلبية .
في ” ربيع اليمن ” علينا أن نعترف كجزء من الثورة انها لم تنجح ليس بسبب الثورة المضادة كما قد يطرح البعض ، بل لأسباب كثيرة خارجية وداخلية ، واحدة منها التدخلات الخليجية ، السعودية تحديدا.
كان بوسع الثورة الشبابية ان تتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمها نظام صالح بعد ان اكتسبت تأييدا شعبيا واسعا وفي كل المحافظات من المهرة أقصى جنوب شرق اليمن وحتى صعدة في شمال الشمال ، من ضمن هذه الخطوط إجبار صالح على التنحي ، ليس بالضرورة على طريقة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي ، ولا أيضا على طريقة الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك ، ولكن على طريقة صالح نفسه التي كان قد بدأ يفكر بها ، الاستجابة لمطلب التغيير والبدء بالإصلاح ..
وصحيح أن صالح عرف بالكثير من ” المراوغة ” والاحتيالات السياسية ، ولكنه كان يفعل ذلك مع خصوم سياسيين اختبرهم على مدى عقدين قبل 2011 أبرزهم الإخوان المسلمين ” التجمع اليمني للاصلاح ” كان هذا الأخير أحد أبرز العوامل التي دفعت صالح للتمسك بالسلطة وحتى التفكير بتوريثها ، لكن البلد كان قد وصل إلى انسداد سياسي واقتصادي ، توسعت حين فشل نظام صالح في التعامل مع ثورتين قويتين تكونتا بفعل الحروب القمعية التي نفذها صالح لإسقاط هذين الحراكين :
الأول : حراك وثورة انصار الله الحوثيين في شمال اليمن الذين انتصروا خلال 6 جولات من الحروب ، عرفت فيما بعد بحروب صعدة .
والثاني : حراك المتقاعدين الجنوبيين في عدن والمحافظات الجنوبية ، اعرفت فيما بعد بالقضية الجنوبية ، تطورت مطالبها من تسوية أوضاع المئات من العسكريين الذين أجبروا على التقاعد إلى المطالبة بالانفصال وفك الارتباط .
لست بصدد الكتابة عن هذين الحراكين الثوريين ، ولكنهم كانا يشكلان التهديد الأكبر على بقاء نظام صالح طويلا ، فحروب صعدة جعلت النظام يبدو عاجزا تماما ، بينما حراك الجنوب كان يتصاعد بشكل كبير بداية من العام 2007 ودون أفق
في المقابل من يقرأ المشهد السياسي في اليمن منذ الوحدة عام 1990 سيدرك إلى حد بعيد أن الحراك السياسي الذي تمثل في الأحزاب السياسية اليمنية وهو حراك تزعمه الاصلاح ” اخوان اليمن ” وخصوصا بعد إعلان اللقاء المشترك في العام 2003 ، عرف فيما بعد بتكتل أحزاب المشترك ، سيدرك أن ذلك لم يكن يشكل أي قلق على صالح ونظامه ، ولهذا فإن الانتخابات الرئاسية التي اجريت في 2006 أتت لصالح الرئيس الأسبق على عبد الله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام ، لقد مثل فوز صالح فيها بنسبة 75% مزيد من الدعم لبقائه في السلطة ، يبدو ذلك من زاوية لم تكن ترى اليمن ومصير النظام السياسي بشكل دقيق ، فالانتخابات تلك وحتى التي قبلها ، كانت تجري بين النظام نفسه وبين النخبة الحاكمة نفسها بجناحيها الحاكم والمعارض ، بينما كان خارج هذا التكتل ، ثورة متراكمة ومتصاعدة ، يمثلها ثلاثة تيارات
– الفئة الصامتة المتذمرة مع النظام والمتضررة من التهاوي الاقتصادي ، والفساد ، والشللية ، وتحول النظام إلى نظام عائلي
– الحراكين الثوريين ، في الشمال والجنوب .
كانت ثورة الشباب 11 فبراير 2011 تمثل هذه الأجنحة الثلاثة والتي هي في الأساس من خارج النظام بل من خارج المشهد السياسي الذي وصل إلى مرحلة العجز ، واحد من صور العجز أن طموح الأحزاب السياسية لم يكن تجاوز حتى تاريخ 2010 إعادة انتخاب البرلمان ومحاولة إيقاف التوريث الذي كان يتحضر بصورة قسرية .
نجزم أن إعلان الاحزاب السياسية المعارضة لنظام صالح الإلتحاق بشباب الثورة ، كان في صورة منه انتصار لصالح ، وأنفاس جديدة أضيفت إليه ، ولهذا فإن الاعلام التابع له مال بشكل كبير لشيطنة الثورة المطالبة بالتغيير بناء على تصنيف الثورة كما لو أنها بنت المعارضة والاخوان تحديدا , أضف إلى ذلك أن هذه الاحزاب سيطرة على الثورة وعلى الشارع واستدعت إليها كل من ينشق على نظام صالح ممن كانوا يمثلون الركن الرئيس للنظام وأبرزهم الجنرال علي محسن الأحمر ، ومن هنا تراكمت الأسباب الداخلية التي أطاحت بالثورة وحولتها إلى أزمة بين النظام والمعارضة ، كان ذلك يشكل الضربة القاضية لطموح التغيير في اليمن
ثمة سردية أخرى تتعلق بممارسة إخوان اليمن خلال الثورة اليمنية في 2011 تجاه من يعتبرون شركاء في التيار الوطني المطالب بالتغيير ، حين فتح الاخوان جبهتين لمواجهة حركة أنصار الله الحوثيين وأيضا الحراك الجنوبي ، انتقلت هذه الجبهات لتصبح عسكرية في محافظتي صعدة وحجة شمال اليمن بدوافع مذهبية وسياسية وبدافع آخر هو الشعور المبكر بالانتصار وإسقاط نظام صالح قبل أن يسقط ، لن أطيل في هذا المحور فهو يحتاج لبحث مستقبل يتتبع تداعياته وتطوراته حتى اللحظة الراهنة .
قبل نهاية 2011 كانت قد تبلورت ما سمي فيما بعد بالمبادرة الخليجية لإحتواء ” الأزمة ” في اليمن ، من يبحث هذه المبادرة كانت الأطراف الخارجية ، السعودية وقطر والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي ، ستحل المبادرة الخليجية محل الثورة اليمنية ، وبالتالي كان التوقيع عليها في الرياض من قبل الأحزاب السياسية وحزب صالح يمثل الضربة الخارجية الموجعة والمجهضة للتغير ، في المضمون هي تدخل خارجي كبير يضع اليمن مرة أخرى تحت الوصاية السعودية بشكل مباشر ، ومن يقرأ بنود المبادرة الخليجية سيشعر بالمرارة
إنها تجمد الدستور ، وتعطل البرلمان ، وتدخل الاحزاب السياسية في عملية إلغاء ، وتعلن الحرب على القوى الثورية ، وبالحقيقة هي صنعت لذلك ، اذ لم تكن الرياض وواشنطن يرغبون أن تصبح حركة أنصار الله جزء من المشهد السياسي ، هذا ما قاله فيما بعد المبعوث الدولي لليمن والذي كان يشرف على المبادرة الخليجية ويقودها جمال بن عمر .
أرادت السعودية تكوين نظام مدمج يتقاسم السلطة بشكل مختلف ، السلطة والمعارضة مرة اخرى يصبحون هم النظام برئيس انتخب دون منافس ، نقل فقط من موقعه كنائب للرئيس علي صالح إلى رئيس ، حين وقع الاختبار على عبد ربه منصور هادي ، فيما بعد فكرت السعودية أن تقوي من هادي ليصبح بديلا لصالح بسحب منشقين عن الاخير ، وقد فعلت ذلك خلال الحوار الوطني 2013 وهي الخطوة التي جعلت صالح يتراجع كثيرا عن أهم بنود المبادرة الخليجية التي ستحمي النظام الجديد ، المتمثل في إعادة هيكلة الجيش ، هذا الخلاف كان في زاوية ضيقة وربما ستتم التغلب عليها ، بينما ما لم تراه واشنطن والرياض ورعاة المبادرة الخليجية أن الثورة الأكبر ستأتي من الطرف الذي استبعدته ، انصار الله الحوثيين الذين كانوا لا يزالون يقودون حراكا شعبيا وسياسيا وقبائليا ، وهو سوء تقدير كبير جدا جاء من عدم القراءة الواقعية لليمن وأضيف إلى سوء التقييم هذا عاملين أساسيين خدما الثورة الجديدة بقيادة أنصار الله
الأول الدفع باتجاه استخدام القوة العسكرية وتحشيد ” السلفيين ” وحتى القاعدة للتقال ضد الحركة في صعدة وعمران وحجة والجوف شمال اليمن
الثاني : محاولة فرض الأقاليم ، بما يجعل اليمن مهدد بالتقسيم خاصة مع انعدام وجود دولة مركزية قوية تحافظ على وحدة البلاد ومنع نزوع بعض الاقاليم التي ستتشكل من الانفصال .
ترافق مع هذين موجة اغتيالات طالت ابرز المفكرين والسياسيين الذين أصبحوا جزء من الحركة ، من بينهم البرلماني والعلامة الدكتور عبد الكريم جدبان ، ثم أستاذ الاعلام والمفكر الدكتور محمد عبد الملك المتوكل ، ثم البروفسور وعضو الحوار الوطني عن الحركة أحمد شرف الدين ، كل أولئك تم اغتيالهم خلال عام وفي قلب العاصمة صنعاء ، وهو ما اعتبر استهدافا خطيرا ، لم يتوقف عند ذلك بل وقبيل العدوان على اليمن بأيام اغتيل الدكتور والمفكر والعلامة المرتضى بن زيد المحطوري أحد أبرز الفقهاء في اليمن في الثلاثة العقود الماضية
لقد أعطى هذا السيناريو الحركة الثورية التي قادها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد أنصار الله محركات جديدة قوية لاستكمال اسقاط المنظومة الجديدة ، وقد حدث ذلك بالفعل في 21 سبتمبر 2014 لندخل مرحلة جديدة ، بتكوين نظام ثوري العنصر الرئيسي فيه القبائل اليمنية التي انحازت للحركة ، قبل أن تنتقل السعودية والولايات المتحدة الأمريكية إلى خطأ أكبر بإعلان الحرب العدوانية على اليمن في مارس 2015

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com