Herelllllan
herelllllan2

الصراع على المياه: حرب الشّرق العربي القادمة!

الصراع على المياه: حرب الشّرق العربي القادمة!

يمانيون – عبير بسّام

لا يقف الصّراع في منطقة الشّرق العربي على النّفط والغاز فقط، بل يتلازم معه، وبشكل مباشر، الصّراع على المياه. وتزداد الأزمة حدّة لأسباب متعددة منها: أولاً زيادة عدد السّكان وانخفاض نسبة المتساقطات وتلوث مياه الأنهار والبحيرات، وثانياً، يتسبب الكيان العبري ووجوده بتراكم الأزمة، التّي فرضتها حاجاته المتزايدة إلى الماء تلبية لمتطلبات مستوطنيه ومشاريعه الاقتصادية، وأخيراً، يرتبط الصّراع على الماء بالسّياسات التّي تنتهجها الولايات المتحدة من خلال فرض السّيطرة على منابع الأنهار الرّئيسية وصولاً إلى أهدافها في تحديد سياسات دول الشّرق العربي وخاصة ما يتعلق منها بالنّفط والغاز. فالصّراع على الماء يتزايد كلّ يوم، حتى بات توقع بطرس بطرس غالي – الدّبلوماسي المصري والأمين العام للأمم المتحدة 1991- 1996- في العام 1985 بأنّ الحرب القادمة في الشّرق الأوسط ستكون بسبب المياه وليس لدواع سياسية يفرض نفسه. مع العلم أن الدّافع السّياسي في حرب المياه لم يغب يوماً عن صراع القوى عبر التّاريخ.

لم يغب الصّراع على الماء عن كلٍّ من مصر والسّودان واليمن، وذلك من خلال السّدود التي تبنيها إثيوبيا على منابع نهر النّيل. وتشهد الأحداث على الخلافات الحادة القائمة ما بين مصر وإثيوبيا على ذلك بسبب اقتطاع حصص كلٍّ من السّودان ومصر في مياه النّيل، بعد بناء سد النّهضة، والذّي قد يشعل أولى حروب المياه في المنطقة. كما تفرض تركيا من خلال ممارساتها تفرداً في التّحكم في تدفق مياه نهري دجلة والفرات، تفرداً ينبئ بحرب قادمة، خاصة وأنّ تركيا ترفض الاعتراف بحقوق الدّولتين العربيتين المائية والتّاريخية في دجلة والفرات.

وبحسب موقع مركز البيان للدّراسات، فقد أعلنت الحكومة التّركية في العام 1989 عن مشروع جنوب الأناضول، وبدأت ببناء سد أتاتورك على نهر الفرات. وفي العام 2006 قررت تركيا بناء “سد أليسو” على نهر دجلة مما أدى إلى خفض المياه المتدفقة إلى العراق بنسبة 60%، مما تسبب بالتّصحر والجفاف في العراق. والأمر ذاته سينسحب على سوريا وسيؤدي إلى تحول منطقة الجزيرة السّورية المنتج الأول للقطن والقمح، إلى منطقة قاحلة أيضاً. وبذا ستحرم السّدود التّركية سوريا والعراق من مياه هذين النّهرين الحيويين اللّذين بنيت حولهما أوائل الحضارات في العالم. كما تسببت هذه السّدود بإصابة العراق ومنطقة الجزيرة بالجفاف، وخاصة بعد فصل الشتاء الجاف الذّي شهده العام 2012. وجاء أحد أسباب الموقف التّركي جلياً في تصريح وزيرها السّابق “سليمان ديميريل” في العام 1992، كما جاء في مجلة نيوزويك، وذلك خلال افتتاح سد أتاتورك: “المياه التّي تتدفق إلى نهري دجلة والفرات وروافدهما تركية…نحن لا نقول لسوريا والعراق إننا سنشارك مواردهما النّفطية، وليس من حقّهما القول بمشاركتنا مواردنا المائية”. واليوم لا قدرة لكلّ من العراق وسوريا على محاسبة تركيا على هذه المخالفات، خاصة بعد الحرب السّورية وخروج ورقة الضّغط الكّردية لتصبح بيد اللاعب الأميركي والموساد، وخاصة في كردستان العراق.

في العام 2018 أعاد تيلور هدلي، على موقع nationalinterest.org، في مقال تحت عنوان، “حرب المياه القادمة في الشّرق الأوسط” التّحذير من حرب المياه! وأشار هدلي في تحذيره لكلام كلٍّ من “بطرس غالي” ورئيس جامعة الأمم المتحدة السّابق هانز فان جينكل بأن: ” النّزاع حول المياه، سواء كان حرباً دولية أو أهلية، سيغدو عاملاً أساسياً في صراعات القرن الحادي والعشرين”. ويجزم هدلي بأنّ تمركز القوات الأميركية في كلّ من فلسطين المحتلة وسوريا والأردن مؤشر على أنّ هناك نزاعًا على حوض نهر الأردن، وأنّ الولايات المتحدة وحلفاءها سيتأثرون به بشكل مباشر، أي أن ذلك ينذر بحرب عالمية.
بالإضافة إلى عدم مشروعية وجود الكيان الصّهيوني في منطقتنا العربية، فإن النّزاع على المياه ما بين سوريا والأردن ولبنان من جهة، والعدو الصّهيوني من جهة أخرى بات واضحاً عبر متابعة الأحداث والقراءات المختلفة للصّراع على مياه نهر الأردن، والذّي يفصل ما بين فلسطين والأردن بحسب الحدود التّي رسمها الإنتداب البريطاني عليهما. ويعد كل من: نهر الحاصباني في لبنان والدّان في الأراضي الفلسطينية -1967- ونهر بانياس الذّي ينبع من أراضي جبل الشّيخ ويجري لمسافة 2 كم في سوريا قبل أن يدخل الحدود الفلسطينية، أهم روافد نهر الأردن. وأما في جزء النّهر السّفلي فأهم روافده هو نهر اليرموك وأنهار الزّرقاء ووادي الفرنجة وجالوت في الأردن. وينبع نهر اليرموك من بحيرة المزيريب التّي تقع في الرّيف الغربي لمحافظة درعا، والتّي يغذيها نبع البصل، الذّي يروي مدينة درعا بأكملها. والمعروف أن بداية الأحداث السّورية كانت في درعا في آذار من العام 2011. والجدير ذكره أنّ امتداد الرّيف الغربي لدرعا ينتهي في منطقة وادي اليرموك المحاذية لمدينة الحمّة السّورية المحتلة منذ العام 1967. كما ترفد نهر اليرموك مياه وينابيع الرّيف الغربي في درعا، والتّي تمتاز بوفرة الينابيع فيها ومن أهمها نبع الفوار، الذّي تنتهي مياهه بشلالات تل شهاب. وهناك ينابيع عدة ترفد شلالات زيزون، والتّي كانت تتدفق بغزارة تجاه الأراضي المحتلة عبر قريتي الشّجرة والعجمي، لتصل إلى نهر اليرموك، إلّا أنّ الدّولة السّورية ومنذ أواخر الثّمانينيات قامت بتحويل مياه زيزون لتسقي بها كلٍّ من مدينة السّويداء وريف درعا الشّرقي وأراضيهما الزّراعية.

ويدّعي الكيان الاسرائيلي أن له حقوقًا في مياه اليرموك، مع أنّه يجري كليَّةً في داخل حدود الدّولتين العربيتين سوريا والأردن. ودفعت “اسرئيل” بالأردن نحو اتفاقيات تسمح لها باستخدام النّهر من الجانب الأردني.

واليوم ما يقض مضجع الكيان العبري أنّ سوريا تقيم سدوداً على النهر كلّ منها بسعة 209 أمتار مكعبة تستخدمها لأغراض زراعية. وتسمح سوريا بتدفق باقي المياه ليستفيد منها الأردن حصريّاً. وعودة التّهديد بأمن المياه بالنسبة للإسرائيلي تتمثل من خلال عودة سيطرة الدّولة السّورية على كامل أراضي درعا ومحافظتها. وخلال غياب الدّولة، لثماني سنوات، جفت بحيرة المزيريب لأول مرة في تاريخها، اذ إن تواجد الجماعات الإرهابية في درعا سهّل للدّولة العبرية السُبُل نحو اغتصاب مياه روافد نهر الأردن ومحاولة الاحتفاظ بها كحق حصري لها في مياه الشّرق، وهو ما لم تستطع تطبيقه من خلال القوة والاستعانة الدّائمة بالقوة العسكرية الأميركية الدّاعم المطلق لها، وما لم تستطع الاحتفاظ به بعد عودة الدّولة، فهل نحن على أعتاب حرب جديدة؟

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com