Herelllllan
herelllllan2

الظاهرة الترامبية تهديد للأمن والسلم الدوليين

د.حبيب الرميمة

كثير من الكتاب وخلال الأربع سنوات التي قضاها ترامب في البيت الأبيض ، كتبوا وعبَّروا عن أن سياسية وعقلية ترامب لا تمثل سلوكا شخصيا بقدر ما تمثل ظاهرة متطرفة أفرزتها حقبة الرأسمالية المادية البحتة داخل المجتمع الأمريكي من خلال الميول إلى الذاتية

والشعور بالتمايز الطبقي والعرقي ، هذا التمايز بدا واضحا منذ الدعاية الإعلامية التي استخدمتها الماكينة الإعلامية لترامب كوريث لاوباما (ذات البشرة السوداء)، وكذا مواكبة التطور المجتمعي لكثير من الأمريكيين الذين كبَّلتهم قيود القوانين وأصبحوا يتوقون إلى زعامة العقلية التجارية بدلا من العقلية الإدارية ، فترامب لم يتدرج في أي منصب حكومي، وإنما جاء من سوق المال والأعمال، لذا فلا بد أن يُسخَّر القانون سواء كان القانون الأمريكي أو القانون الدولي لخدمة رأس المال الأمريكي تحت الشعار الذي رفعه (أمريكا أولاً)

صحيح أن ترامب استطاع توفير الكثير من فرص العمل داخل الولايات المتحدة الامريكية بعقلية التاجر النرجسي المتطرِّف ، لكن في مقابل ذلك وجد الشعب الأمريكي وبسبب هذه الظاهرة الترامبية يدخل في أزمات أعمق من خلال زيادة الهوة الاجتماعية وتفشي النفس العنصري بسبب سيطرة الشركات ذات النزعة الترامبية التي تعتبر نفسها فوق القانون،ولنأخذ على سبيل المثال (قتل الشاب الأسود ) من قبل أحد أفراد الشرطة ، والخروج بمظاهرات باسم حياة السود مهمة

وهذا الشعار كان بحد ذاته مؤشراً هاماً لحالة استشعار كثير من المجتمع الأمريكي رخاوة البنية القانونية المؤسساتية في التعامل مع الظاهرة الترامبية التي أصبحت تمسّ النسيج الاجتماعي وتستهدف الطبقة ذات البشرة السوداء لها حجم وازن داخل المجتمع الأمريكي من منطلق عنصري وهو ما ولد ردة فعل لديهم لتحطيم معظم النصب التذكارية لأشخاص اشتهروا بالعنصرية في التاريخ الأمريكي .

على المستوى الدولي ومنذ تولي ترامب الحكم ، ركَّز كل جهوده على استنزاف الأموال الخليجية على وجه الخصوص الصناديق السيادية لدول الخليج وخصوصاً السعودية، وأصبح ترامب يتعامل مع تلك الأنظمة ليس بما تمليه قواعد القانون الدولي وإنما بما تمليه قواعد العقلية الترامبية ، بتشجيع وخلق شخصيات ترامبية مراهقة لا تؤمن بالقانون وإنما بالقوة المرتكزة على الاستحواذ على رأس المال، ولو على حساب العادات والتقاليد المتوارثة داخل تلك الأسر الحاكمة

مثل حالة محمد بن سلمان ، ومحمد بن زايد ، وهو ما أوجد شرخاً عميقاً وتصدعا داخلها، بل أوجد أزمات على مستوى المجتمع المحلي فيها، ستترك آثارا مستقبلية من الصعوبة تجاوزها على المددين المتوسط والبعيد.

الظاهرة الترامبية انعكست أيضا في تعامل أمريكا مع ملفات أخرى ، حيث أن العقلية المتطرفة ذات النزعة البروتستانتية (المسيحية الصهيونية) كان لها نصيب وافر في تحقيق أهدافها ، إذ وجدت اليهودية الصهيونية فيما تمثله النزعة الترامبية المتطرفة خير من يعبِّر عن نزعتها العنصرية المتطرفة والتلموذية، على حساب قواعد القانون الدولي وقواعد قانون التنظيم الدولي

حتى أن كثيرا من المتطرفين اليهود شبَّهوا ترامب بقورش العصر، فكان قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس يمثل تجاوزا خطيرا للقانون الدولي والقرارات الدولية ، والتي أحجمت معظم الدول في مجاراته واعتبرته تجاوزا واضحا وخرقا لقرارات الأمم المتحدة.

هذه النزعة الترامبية سبَّبت في كثير من الأوقات تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر، وكادت أن تفجِّر حربا إقليمية شاملة ،على سبيل المثال انتهاج سياسة الاغتيال لقيادات تمثل دولا مثل الرئيس صالح الصماد في اليمن ، والحاج قاسم سليماني ، وابو مهدي المهندس ، وعلماء نوويين ابرزهم فخري زادة

وفرض قانون قيصر على سوريا، وتشجيع العدوان الصهيوني على سوريا، وكذا دعم العدوان السعودي الإماراتي على اليمن خلافا لقواعد القانون الدولي، وأيضا العقوبات التي طالت روسيا والصين، ولا نستبعد أن يكون نشر فيروس كوفيد 19 مرتبطا بالظاهرة الترامبية في إطار الحرب البيولوجية.

خلاصة القول إن فترة ترامب كانت ظاهرة وليست سلوكا شخصيا ـ وهذه الظاهرة خلقت شرخا وتصدعا على مستوى العالم، حتى وإن رحل ترامب ، فالعالم يحتاج إلى تعزيز قيم القانون بشكل عام ، ورأب الصدع الذي خلَّفته الظاهرة الترامبية، وتعزيز قيم القانون مرهون أولا بمحاكمة ترامب ، ليس على أحداث اقتحام الكونجرس فحسب، بل يجب أن تقام محاكمات عالمية

وان يحال إلى محكمة الجنايات الدولية، ثم محاكمة النتوءات التي أوجدها مثل محمد بن سلمان ومحمد بن زايد ونتنياهو امام المحاكم الدولية، فالقرار الذي اتخذه الديمقراطيون داخل أمريكا بمحاكمة ترامب تمهيدا لعزله هو لا يمس شخص ترامب بقدر ما يعني عودة المؤسسات الأمريكية إلى سكة القانون بعد الشرخ الذي أحدثته الظاهرة الترامبية وهو باعتقادي أمر بالغ الصعوبة، فمعظم الأعضاء الجمهوريين سواء في مجلس الشيوخ أو مجلس النواب الأمريكي يحملون العقلية الترامبية.

تجدر الإشارة إلى أن المحاكم اليمنية كانت السباقة إلى محاكمة أهم رموز الظاهرة الترامبية على مستوى العالم في قضية اغتيال الرئيس الصماد، يأتي على رأسهم ترامب ثم محمد بن سلمان ، ومحمد بن زايد …

فلا مخرج للعالم للقضاء على الظاهرة الترامبية عالميا والتي تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين إلا بالمحاكمات القانونية لها دوليا، والتركيز على تعزيز قيم القانون الداخلي والدولي هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إجراء إصلاحات جوهرية للمنظمة العالمية (الأمم المتحدة) تواكب التهديدات التقليدية وغير التقليدية للأمن والسلم الدوليين.

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com