واشنطن تبتز لبنان بـ”ورقة ستارك”.. سلاح حزب الله هدف مباشر للضغوط الأمريكية في ظل العدوان المتواصل
يمانيون | تقرير
دخل العدوان الصهيوني على لبنان شهره الثامن، وسط تصعيد ميداني غير مسبوق وغطاء سياسي أمريكي متواصل، خلف آلاف الغارات والاعتداءات التي طالت قرى الجنوب وأدت إلى استشهاد أكثر من 230 مدنيًا وإصابة 528 آخرين، وفق بيانات وزارة الصحة اللبنانية.
وفيما لا يزال العدو يحتل خمس نقاط حدودية جنوب البلاد، ظهرت الولايات المتحدة مجددًا، لا كوسيط للتهدئة، بل كطرف يدير المعركة بوسائل سياسية واقتصادية، أبرزها ما بات يُعرف بـ”ورقة ستارك”.
الورقة، التي وصلت إلى بيروت عبر القنوات الدبلوماسية، حملت شروطًا صريحة لنزع سلاح حزب الله تدريجيًا، وفي مقدمتها الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة، مقابل وعود أمريكية بإطلاق مسار الدعم المالي لإعادة الإعمار، وتخفيف الضغوط الدولية عن لبنان.
الضغوط تُستكمل بالخرائط.. خطة تنفيذية خلال شهرين
بحسب مصادر مطلعة، تطالب الورقة الأمريكية الحكومة اللبنانية بتقديم “خطة تنفيذية مفصلة” خلال شهرين، تتعهد فيها بجدول زمني واضح لنزع السلاح الثقيل من يد المقاومة، خصوصًا الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيّرة، على أن يُشرف على تنفيذ الخطة فريق مشترك من ضباط لبنانيين وآخرين أجانب، ما يُعد – وفق مراقبين – تعديًا مباشرًا على السيادة الوطنية.
ولا تكتفي الورقة بذلك، بل تُدرج ملف الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى العدو الصهيوني ضمن هذا المسار، في مقايضة وُصفت بأنها “غير أخلاقية”، تهدف لتسويق نزع سلاح المقاومة كشرط لتحرير الأسرى.
حزب الله: السلاح لم يكن يومًا محل تفاوض
في مقابل هذه الضغوط، جاء موقف حزب الله حازمًا، حيث أكدت قيادة المقاومة، في أكثر من تصريح، أن سلاحها لم يكن خيارًا سياسيًا أو ورقة تفاوض، بل كان ثمرة معاناة وتضحيات وضرورة وجودية لحماية لبنان.
وقال مسؤول بارز في الحزب إن “الدولة اللبنانية لم تتمكن من وقف اعتداءات العدو حتى في أدنى مستوياتها، والمقاومة وحدها هي التي ملأت هذا الفراغ، ومنعت اجتياحات جديدة، وفرضت توازن ردع لا يزال قائمًا منذ 2006”.
ووفق مراقبون، فإن الورقة الأمريكية تُظهر بشكل غير مباشر عجز كيان الاحتلال عن نزع سلاح حزب الله بالقوة، ما دفع واشنطن إلى محاولة تفكيك بيئة المقاومة من الداخل، مستخدمة سلاح الاقتصاد والمساعدات المشروطة.
التوقيت والأسلوب.. حسابات أمريكية تحت ضغط الفشل
توقيت طرح الورقة الأمريكية يفتح باب التأويل، خصوصًا مع تزامنه مع فشل الاحتلال في تحقيق أي إنجاز ميداني على جبهتي غزة ولبنان. ويعتبر مراقبون أن الإدارة الأمريكية تحاول:
- استغلال الانهيار الاقتصادي اللبناني لتسويق شروطها على أنها إنقاذ.
- توسيع الفجوة بين الدولة والمقاومة عبر تحميل السلاح مسؤولية تدهور الوضع.
- فرض وقائع سياسية جديدة تمهد لمرحلة ما بعد المقاومة.
كما يؤكد المراقبون إن “الورقة الأمريكية أخطر ما واجه لبنان منذ حرب تموز، لأنها تحاول قلب المعادلة من الداخل، بإعادة توصيف المقاومة كتهديد بدل كونها مظلة حماية”.
سيناريوهات مفتوحة.. والاحتمالات تزداد خطورة
حتى الآن، لم يصدر موقف رسمي من الرئاسة اللبنانية بشأن الورقة، لكن مصادر حكومية أكدت أن الرد سيُسلّم للمبعوث الأمريكي بداية الأسبوع المقبل. وفي انتظار الرد، تبرز ثلاثة سيناريوهات محتملة:
- رفض قاطع لبنود الورقة، ما قد يُفجّر موجة ضغوط اقتصادية وسياسية مضاعفة.
- موافقة جزئية أو مشروطة، ما يُدخل البلد في حالة انقسام حاد.
- المناورة الدبلوماسية وتأجيل الحسم، ريثما تتضح التطورات في غزة والجنوب.
في المقابل، تؤكد المقاومة أنها جاهزة لكل الاحتمالات، وأن ما لم تستطع “إسرائيل” انتزاعه بالقصف، لن تناله واشنطن بالضغط، ولا بالعقوبات، ولا بإغراءات الإعمار.
سلاح المقاومة خط أحمر.. والمواجهة مستمرة
يبدو المشهد اللبناني مفتوحًا على كافة الاحتمالات، لكن المؤكد أن ورقة ستارك لن تمر كما تُخطط واشنطن. فالسلاح الذي انتصر في 2000، وصمد في 2006، وفرض الردع في 2024، لن يكون بندًا على طاولة تفاوض خارجي أو داخلي.
المقاومة، من الجنوب إلى محور القدس، تقرأ المرحلة بأنها الأخطر، لكنّها أيضًا الأكثر وعدًا بانهيار الكيان الصهيوني. وإذا كانت أمريكا تريد انتزاع السلاح اليوم، فإن المقاومة سترد بمنطق أوضح: من يراهن على خضوع لبنان.. لا يعرف تاريخ الجنوب.