اليمن.. صانع الرعب ومُسقط الهيبة الصهيونية
يمانيون../
في لحظة فارقة من تاريخ الصراع العربي–الصهيوني، اخترق صاروخ يمني فرط صوتي كل ما أنفق عليه الغرب مليارات الدولارات من منظومات دفاعية متطورة، وأسقطه بثقل الحقيقة على رأس “إسرائيل” في مطار اللد، المحصّن بترسانة من الطبقات الدفاعية المتشابكة. ليس صاروخًا فحسب، بل إعلان عن ولادة معادلة جديدة، يكون فيها اليمن محور الردع وصانع المعادلات.
الضربة لم تكن مجرد خرق أمني أو عسكري، بل هزة نفسية وأخلاقية وتكنولوجية لواحدة من أكثر مناطق العدو تحصينًا. حفرة بقطر 30 مترًا، وعمق تجاوز الخمسة أمتار، وأضرار طالت محيطًا بكامله، كانت بمثابة صفعة مذلة لا فقط للعدو الصهيوني، بل لكل منظومات الحماية الغربية المتعددة الجنسيات، والتي أخفقت جميعها في اعتراض الصاروخ الفرط صوتي الذي وصفه العميد يحيى سريع بأنه من جيلٍ خاص، دون الإفصاح عن اسمه.
المنظومة الأمريكية “ثاد” والتي تعوّل عليها واشنطن في الدفاع الاستراتيجي ضد الصواريخ البالستية، عجزت بالكامل. فسرعة الصاروخ اليمني التي تجاوزت 16 ماخ، جعلت من “ثاد” التي لا تتعدى سرعتها 8 ماخ مجرد خردة غير صالحة للاستخدام أمام هذه التقنية التي خرجت من قلب صنعاء المحاصرة، إلى قلب “تل أبيب” المحمية.
أما المزاعم الأمريكية بشأن سقوط طائرة “إف-18” من على متن حاملة الطائرات “ترومان” نتيجة مناورة مفاجئة لتفادي صاروخ يمني، فقد فندها عسكريون أمريكيون أنفسهم، معتبرينها محاولة للتستر على فشل تكنولوجي محرج. فالمنطق العسكري، والوقائع البحرية، يؤكدان استحالة أن تتسبب مناورة لحاملة تزن أكثر من 120 ألف طن، وتسير بسرعة لا تتجاوز 60 كلم/ساعة، بإسقاط طائرة مقاتلة، خاصة وأن هذه السفن مُجهّزة لمواجهة أمواج المحيطات العاتية دون أن تسقط طائراتها.
اليمن – الذي خضع لحرب شعواء منذ 2015م، ولقصف همجي ممنهج شمل المطارات والموانئ والمنشآت المدنية والعسكرية – لم يُخضعه الدمار، بل خرج أكثر نضجًا وقدرة على بناء ترسانة هجومية أرهبت “إسرائيل” ودوائر القرار الغربي مجتمعة. لم تُقصف الإرادة، بل صُقلت. ولم يُطفأ صوت “الموت لإسرائيل”، بل تصاعد كالهتاف الأبدي في وجه الطغيان.
أصاب صاروخ الأمس أكثر من مدرج الطائرات؛ أصاب الصورة الذهنية التي لطالما سعت “إسرائيل” لتسويقها عن نفسها كقلعة منيعة. أصاب غرور واشنطن، وأربك حاملاتها وطائراتها وسفنها، فاضطرت للتقهقر نحو قناة السويس بعد خسارة طائرة “إف-18” و22 طائرة مسيّرة “MQ-9” يزيد ثمن الواحدة منها عن 33 مليون دولار.
ليس غريبًا إذًا أن تعلن عشرات شركات الطيران إلغاء رحلاتها من وإلى “إسرائيل”، ليس فقط خوفًا من الضربات بل من مستقبل غامض بات اليمن هو من يرسم حدوده ويُملي إيقاعه. فاليمن أعلن – ولمّح بقوة – إلى الحصار الجوي المفروض على الكيان، مؤكدًا أن لا رحلات ولا أجواء آمنة فوق هذا الكيان، ما لم يُرفع الحصار عن غزة، ويتوقف العدوان على لبنان وسوريا.
اليمن اليوم ليس مجرد بلد يخوض معركة، بل هو أزمة بنيوية في العقل العسكري الصهيوني، ومعضلة استراتيجية حقيقية لعقيدة الأمن القومي “الإسرائيلي”. هو كابوس لأجهزة الاستخبارات، وهو الصفعة التي لم تستطع أمريكا امتصاصها رغم حملاتها الجوية الشرسة. هو المشهد الذي أصبحت فيه البحرية الأمريكية – التي كانت تتسيّد البحار – مُجبَرة على التراجع، مرتابة، مهزوزة، متوترة.
خاتمة:
ذلك البلد الذي تصنّفه واشنطن على لائحة “الإرهاب”، بات الرقم الأصعب في معادلة الصراع. ملايين اليمنيين الذين لا يزالون يصدحون بهتاف “الموت لإسرائيل”، لم يعودوا مجرد جماهير غاضبة، بل أصبحوا مشروعًا استراتيجيًا للمقاومة، يكتبون فصلاً جديدًا في كتاب المواجهة، يقرؤه الصهاينة كل صباح مذعورين: اليمن.. معضلة المعضلات لإسرائيل.