Herelllllan
herelllllan2

من الدعم إلى التأثير .. الأبعاد الاستراتيجية لاستمرارية الموقف اليمني في مواجهة العدو الصهيوني

في خضمّ التحولات الإقليمية العاصفة التي يشهدها الشرق الأوسط منذ أواخر عام 2023، برزت اليمن كحالة استثنائية في موقفها السياسي والعسكري الثابت والمساند لغزة، وبينما انشغلت عواصم عربية كبرى بالموازنات والتفاهمات مع القوى الغربية، واجهت صنعاء  رغم الحصار والمعاناة الداخلية  التهديدات الصهيونية والتدخلات الأمريكية المباشرة بموقف غير مسبوق في صراحته وحزمه .

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

هذا التقرير يُسلّط الضوء على الأبعاد الاستراتيجية لاستمرارية الموقف اليمني في دعمه الشعبي الميداني والعسكري والسياسي للقضية الفلسطينية، وعلى رأسها قطاع غزة، رغم التهديدات المتكررة التي أطلقها كيان العدو الصهيوني وتلويحات الردع العسكري من واشنطن والعواصم الغربية،  ويُبرز كيف تحوّلت اليمن من دولة أنهكتها الحرب والصراع الداخلي، إلى فاعل إقليمي له تأثير حقيقي في مسارات الصراع وميزان الردع في المنطقة.

في ظل هذا التصعيد الذي تجاوز الجغرافيا الفلسطينية، وتحوّل إلى اختبار صريح للإرادات الإقليمية، يكتسب هذا التقرير أهميته من كونه يُعيد النظر في موازين القوى التقليدية، ويطرح تساؤلات جادة حول من بات يملك زمام المبادرة على مستوى القرار السيادي والتأثير العملي في قضايا الأمة ، يمنٌ يُحاصر لكنه لا يخضع، يهدد لكنه لا يُهدَّد، ويتخذ موقفًا يتجاوز مجرد التعاطف، ليصل إلى الفعل المؤثر في عمق المواجهة، بهذا المشهد الجديد، يُمكن القول إن الموقف اليمني تجاه غزة لم يكن مجرد انحياز إنساني أو قومي، بل تحوّل إلى ورقة استراتيجية فرضت على العالم إعادة التفكير في حساباته، وحدود تدخله، ونوعية خصومه في الإقليم.

موقف يتجاوز الشعارات

منذ اندلاع المواجهات في غزة أواخر عام 2023، اتخذت صنعاء موقفًا واضحًا يتجاوز مجرد الدعم السياسي أو الإنساني، ليشمل تنفيذ عمليات بحرية ضد السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي في البحر الأحمر وبحر العرب، وإرسال رسائل عسكرية مباشرة للعدو وحلفائه، رغم الظروف التي يعاني منها نتيجة الحصار والعدوان الذي لا يزال مستمراً .

أبعاد استراتيجية للموقف اليمني

استمرارية اليمن في دعم غزة، فرض نفسه كرقم صعب في الجغرافيا السياسية للمنطقة، ونجاحه في تهديد خطوط الملاحة الصهيونية والأمريكية دون أن يرضخ للضغوط العسكرية والسياسية الغربية، وأظهر أنه بات يمتلك أدوات ضغط فعّالة غير قابلة للاحتواء بسهولة.

ورغم محاولات العدو الصهيوني وواشنطن الترهيب عسكريًا، فإن الردع اليمني استمر، بل تصاعد تدريجيًا، ما عزز قناعة الكثيرين أن العدو الصهيوني لم يعد يمتلك زمام الردع التقليدي، وفرضت اليمن ميزان ردع رجحت به كفة القوى الحرة والمقاومة في المنطقة بأكملها.

الموقف اليمني نال دعمًا شعبيًا واسعًا، ما عزز من وحدة الجبهة الداخلية رغم الحصار ومحاولات المرتزقة إشعال المواجهات في الداخل بتمويل ودعم دول العدوان ،  هذا الزخم الشعبي منح اليمن هامشًا أوسع للاستمرار في موقفها.

كما كشف الدعم الأمريكي غير المشروط للعدو الصهيوني عن نفاق واضح في الخطاب الغربي حول “حقوق الإنسان” و”الشرعية الدولية”، وهو ما استخدمته اليمن لتعزيز روايتها السياسية والإعلامية أمام الرأي العام العالمي، وفضح معايير الازدواجية في التعامل مع قضايا المقاومة وحقوق الشعوب المحتلة.

رسائل اليمن تتجاوز غزة

لم يكن دعم اليمن لغزة معزولًا عن سياق أوسع من المواجهة مع مشاريع الهيمنة الغربية،  فبقدر ما شكّل ردع العدوان الصهيوني هدفًا استراتيجيًا، كان أيضًا وسيلة لتأكيد استقلالية القرار اليمني، ورفض التبعية السياسية لأمريكا والغرب.

وبحسب محللين، فإن ما جرى في البحر الأحمر والضربات التي استهدفت موانئ وسفن للعدو الإسرائيلي أو مرتبطة به، لم تكن فقط دعمًا لغزة، بل رسالة إلى العالم أن اليمن لم يعد ساحة مستضعفة، بل فاعلًا حيويًا في قضايا الأمة.

مشهد متغير في الشرق الأوسط

الصمود اليمني في وجه التهديدات العسكرية الصهيوأمريكية، مع استمرار الضغط عبر العمليات البحرية والصاروخية والدعم السياسي العلني لغزة، يعيد رسم معالم الصراع في الشرق الأوسط،  فالدول الصغيرة لم تعد على الهامش، والقوى الناشئة قادرة على تحدي الأنظمة التقليدية، متى ما امتلكت الإرادة الشعبية والرؤية الاستراتيجية ، وفي الوقت الذي تعيد فيه قوى كبرى ترتيب أوراقها، فقد أكدت اليمن اختيار تموضعها على الضفة التي لا تساوم على الحق، ولا تنحني أمام القوة.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com