Herelllllan
herelllllan2

اليمن يفرض حظراً جوياً على كيان العدوّ: من بلد محاصر إلى قوة إقليمية تخلط أوراق الصراع وتعيد تشكيل معادلات الردع

يمانيون../
في تحول استراتيجي غير مسبوق على مستوى الصراع العربي – الصهيوني، سجّل اليمن سابقة تاريخية بإعلانه فرض حظر جوي شامل على كيان العدوّ الصهيوني، في خطوة وُصفت بأنها نقلة نوعية في توازنات المنطقة، ورسالة حازمة تتجاوز حدود التضامن اللفظي مع الشعب الفلسطيني، إلى الفعل العسكري المباشر الذي يعيد صياغة قواعد الاشتباك.

القرار، الذي جاء عقب ضربة باليستية دقيقة على مطار “بن غوريون” في تل أبيب نفذتها القوة الصاروخية اليمنية باستخدام صاروخ فرط صوتي، شكّل صدمة سياسية وعسكرية في كيان الاحتلال، ليس فقط بسبب دقة الإصابة وأثرها المعنوي على المستوطنين، بل لما يحمله من أبعاد جيوسياسية تتجاوز اللحظة العسكرية إلى عمق الاستراتيجية.

لقد بدّلت صنعاء موقعها من ضحية لحرب وعدوان متعدد الجنسيات منذ العام 2015، إلى مركز مبادرة عسكري وسياسي يعيد توجيه مسار الصراع. فمنذ إعلان ناطق تحالف العدوان أحمد عسيري عن بداية الحصار الجوي والبري والبحري على اليمن، شهدت صنعاء سنوات من المواجهة والصمود أعادت فيها ترتيب أوراقها، إلى أن حان الوقت لتتحوّل إلى من يفرض الحصار على أعدائه.

اليمن من الحصار إلى الفرض:
إن إعلان القوات المسلحة اليمنية فرض الحظر الجوي على الكيان الصهيوني، يمثل نقطة تحوّل مفصلية في تاريخ المنطقة، إذ أنها المرة الأولى التي تُستهدف فيها أجواء كيان الاحتلال بشكل عملي ومباشر من طرف عربي – إسلامي ليس من دول الجوار، بل من جنوب الجزيرة العربية، في دلالة على امتداد جبهة المقاومة وتماسك محورها.

هذا الحظر لا يقتصر على الجانب العسكري، بل يحمل تبعات اقتصادية وجيوسياسية كبيرة على العدو الصهيوني، إذ بات على شركات الطيران التجارية إعادة جدولة مساراتها لتجنّب الأجواء التي تغطيها الصواريخ اليمنية، ما يرفع كلفة النقل ويقلل جاذبية “إسرائيل” كمركز إقليمي للطيران واللوجستيات، ويضرب قطاع السياحة في مقتل.

من الميدان إلى السياسة:
الضربة الصاروخية على مطار بن غوريون، لم تكن مجرد عمل عسكري، بل إعلان يمني واضح بأن المشاركة في معركة فلسطين لم تعد محصورة بالبيانات والخطابات، بل باتت تتموضع ضمن منظومة اشتباك متكاملة. فصنعاء التي أغلقت سابقًا الممرات المائية بوجه العدو في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، تسير الآن في سياق تصعيد تدريجي ومدروس، أثبت قدرته على ردع العدو وإرباكه.

ولعل الرسالة الأوضح تجلت في حديث السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي أعلن بوضوح أن اليمن جزء من معركة كسر الحصار عن غزة، وأن كل الخيارات مفتوحة لدعم القضية الفلسطينية، وهو ما ترجمته عمليات الردع اليمنية التي استهدفت البوارج والسفن الأمريكية في البحر الأحمر، واعتبرتها صنعاء ردًا مشروعًا على محاولات واشنطن إجهاض الدعم اليمني لغزة.

التأثير على الكيان المؤقت وحلفائه:
المراقبون العسكريون أكدوا أن الضربة اليمنية على مطار “بن غوريون”، لا تمثل فقط اختراقًا نوعيًا في العمق الصهيوني، بل هي بداية لعصر جديد، تُرسم فيه خرائط الصراع بأيدٍ يمنية. إنها أول مرة تصل فيها صواريخ عربية بهذا المدى والدقة إلى أحد أكثر المواقع أهمية في البنية التحتية الصهيونية، في وقت تتزايد فيه الضغوط على حكومة نتنياهو، وتتعاظم أصوات المطالبة باستقالته.

أما الحليف الأمريكي، فوجد نفسه في مواجهة فعلية مع محور المقاومة، بعيدًا عن الحسابات التي كان يبني عليها سياساته في المنطقة، وظهر عاجزًا أمام توسع دائرة العمليات العسكرية اليمنية، التي امتدت من الممرات البحرية إلى أعالي السماء.

دلالات إستراتيجية:
تحمل الخطوة اليمنية دلالات عميقة تتجاوز إطار المواجهة الآنية، إذ إن إعلان صنعاء عن دخولها المباشر في المعركة من موقع الفعل، لا التفاعل، يضع العدو أمام معادلة ردع جديدة لم يعهدها من قبل. وفي هذا السياق، يُنظر إلى اليمن باعتباره فاعلًا استراتيجيًا يُعيد رسم المشهد الإقليمي، ويحرّك المياه الراكدة في وجه تحالفات مهترئة رهنت المنطقة لقرارات واشنطن وتل أبيب.

إنها معركة الإرادات بامتياز، ومعركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” التي تتقدم بخطى ثابتة نحو هدف واضح: قلب موازين الهيمنة وإعادة الاعتبار للأمة، عبر مشروع تحرري لا يُجامل ولا يُساوم، بل يبني قوته على القيم والمبادئ والشجاعة.

وما الضربة الصاروخية الأخيرة إلا واحدة من الرسائل، وما الحظر الجوي سوى بداية لحصار استراتيجي متعدد الأوجه، سيضع كيان العدوّ أمام مرحلة جديدة من التهديدات التي لم يعهدها منذ نشأته.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com