Herelllllan
herelllllan2

كشمير: بلاد الجمال والصراعات

يمانيون../
تُعد كشمير، الجنة الطبيعية وبلاد الجمال، من أكثر المناطق إثارةً للنزاع في العالم، وأصبحت ميدان صراع جيوسياسي بين دولتين نوويتين هما الهند وباكستان. تقع كشمير – التي تبلغ مساحتها نحو 223000 كيلومتر مربع- في قلب آسيا الجنوبية، وتتميّز بموقعها الاستراتيجي بين الدول الكبرى الثلاث: الهند، باكستان، والصين. وهذا الموقع جعل منها هدفًا دائمًا للتنازع، وجعل استقرارها رهينة لمعادلات قوى خارجية أكثر منها داخلية. وقد كانت هذه الأرض موطن حضارات وأديان وممالك، وشهدت تحولات تاريخية جعلت منها بؤرة توتر دائم منذ منتصف القرن العشرين.

كشمير قبل القرن العشرين
كانت كشمير قبل وصول الإسلام إليها في القرن الرابع عشر الميلادي جزءًا من الممالك الهندوسية والبوذية، ومع صعود البوذية في شبه القارة الهندية، أصبحت كشمير مركزًا علميًا ودينيًا مهمًا. وقد شهدت بعد ذلك موجات من الاحتلالات من داخل شبه القارة الهندية ومن خارجها. وبعد دخول الإسلام إليها اعتنقت غالبية السكان الدين الإسلامي، وشكّل السنّة غالبية المسلمين مع انتشار للمذهب الشيعي في بعض المناطق.

في القرن السادس عشر أصبحت كشمير تحت سيطرة المغول، ثم حكمها الأفغان الدّورانيون، ثم السيخ الذين ضموها إلى دولتهم في البنجاب. وبعد انتصار البريطانيين على السيخ وُقّعت بين الطرفين معاهدة أمريتسار عام 1846، وبموجبها منح البريطانيون كشمير (ذات الأغلبية المسلمة) إلى الأمير الهندوسي غلاب سينغ مقابل مبلغ كبير من المال.

الانقسام الكبير
في عام 1947 استقلت الهند عن الاستعمار البريطاني عام 1947، وجرى تقسيم شبه القارة الهندية إلى دولتين: الهند ذات الأغلبية الهندوسية، وباكستان ذات الأغلبية المسلمة، على أن تقرر كشمير وبعض المناطق الأخرى الانضمام إلى إحدى الدولتين بناءً على التركيبة السكانية. لكن حاكم كشمير الهندوسي فضّل بقاء كشمير منطقة مستقلة عن البلدين، ما أدى إلى قيام مسلمي كشمير بحراك مسلح مدعوم بمجموعات جاءت من باكستان، فقام حاكم كشمير بتوقيع اتفاق مع الهند ينص على انضمام كشمير إلى الأخيرة، وتدخّل الجيش الهندي لدعم الهندوس الكشميريين، ما أدى إلى نشوب أول حرب بين الهند وباكستان، ونتج عن هذه الحرب تقسيم كشمير إلى جزء هندي ضم وادي كشمير وجامو ولداخ، وجزء باكستاني ضم آزاد كشمير وجيلجيت – بلتستان.
ما حدث لم يكن مجرد انقسام جغرافي، بل تأسيس لتناقض بنيوي بين إرادة السكان المسلمين والواقع السياسي المفروض. ومنذ ذلك الحين، لم يعد الصراع حول كشمير مجرد خلاف حدودي، بل صراع على شرعية الدولة، وحق تقرير المصير، ومفهوم السيادة.

تدخّل الأمم المتحدة
عام 1948 طلبت الأمم المتحدة من الهند وباكستان وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء لتقرير مصير كشمير، فوافقت باكستان بينما اشترطت الهند انسحاب القوات الباكستانية من كشمير أولًا، فرفضت باكستان، وبقي الاستفتاء مجمدًا حتى اليوم. هذا الجمود عكس تواطؤًا دوليًا ضمنيًّا مع الإبقاء على الوضع الراهن، تفاديًا لانفجار نووي محتمل أو زعزعة ميزان القوى الإقليمي.

حروب وتوترات بين الهند وباكستان
بسبب الخلاف الهندي الباكستاني حول كشمير وقعت بين البلدين ثلاث حروب كبيرة، هي:
حرب 1947–1948: التي أدّت إلى تقسيم كشمير.
حرب 1965: بسبب سعي باكستان لتحريك مجموعات مسلحة في كشمير الهندية، وانتهت بتدخل الأمم المتحدة.
حرب 1971: بسبب انفصال بنغلادش عن باكستان، ما عزز سيطرة الهند على كشمير.

بالإضافة إلى هذه الحروب الثلاث، كاد نزاع بين البلدين في منطقة كارغيل الكشميرية في عام 1999 أن يتحول إلى حرب نووية بعد تسلل جنود باكستانيين إلى داخل خطوط السيطرة في كشمير الهندية.

الداخل الكشميري: حركات انفصالية وانتفاضات
منذ عام 1989، تفجّرت انتفاضة مسلحة في وادي كشمير قادها مسلمون مطالبون بالاستقلال أو الانضمام إلى باكستان. واتُّهمت باكستان بدعمهم، بينما واجهتهم الهند بحملات عسكرية وأمنية عنيفة، تخللتها انتهاكات موثقة لحقوق الإنسان من قتل وإخفاء واغتصاب. وشهدت كشمير أيضًا انتفاضات شعبية واسعة، أبرزها في 2008 و2010 و2016، وكلها قمعتها القوات الهندية، ما أدى إلى تصاعد الكراهية والانقسام بين السكان المسلمين والسلطات الهندية.

إلغاء الحكم الذاتي
في 5 آب/أغسطس 2019، ألغت الحكومة الهندية المادة 370 من الدستور، والتي كانت تعطي جامو وكشمير وضعًا خاصًا بحكم ذاتي، وقسّمت المنطقة إلى إقليمين اتحاديين تحت الإدارة المركزية للهند (جامو وكشمير، ولداخ). وقد أثار القرار ردود فعل غاضبة من باكستان ومن المسلمين الكشميريين، خاصةً بعد قرار فرض الإغلاق الشامل للمنطقة، وقطع الاتصالات، واعتقال آلاف الناشطين والسياسيين.
وتبقى كشمير رمزًا لمعاناة مستمرة، وساحةً حائرة بين السلم والحرب، بين الاندماج والانفصال، وبين الحلم والواقع.

* المادة نقلت حرفيا من موقع العهد الاخباري

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com