سلوك مغاير لـ ترامب تجاه المنطقة.. ما انعكاساتُه على غزة؟
يمانيون../
تغيِّرُ الولاياتُ المتحدة الأمريكية قواعدَ اللُّعبة والاشتباك بشكل لافت منذ اتّفاقِ وقف العدوان الأمريكي على اليمن وزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة.
لا أحد يصدِّقُ قصةَ الخلاف بين الأمريكيين وكيان العدوّ الإسرائيلي، لكن المؤشرات على الأرض توحي بأن ثمة شيئًا ما قد حدث، ومنها على سبيل المثال عدم زيارة ترامب إلى الكيان، والتدخل الأمريكي المباشر للمفاوضات مع حركة المقاومة الإسلامية حماس دون عِـلم المجرم نتنياهو، وما أسفر عن ذلك من إطلاق سراح الجندي الأسير الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ألكسندر.
وفي السياق، كشف موقع “أكسيوس” أن المبعوث الأمريكي إلى المنطقة “ستيف ويتكوف” نجح في إقناع الحركة بعد عدة مراسلات بالإفراج عن ألكسندر “مجانًا”، وأن ذلك سيكون له صدىً قويٌّ لدى ترامب، وهو ما حدَثَ بالفعل.
وأشَارَ الموقع إلى أن المجرمَ نتنياهو وحكومته لم يعلموا بهذه المحادثات السرية حول ألكسندر، وأن الإدارةَ الأمريكية تعهَّدت بالدفع نحو وقف العدوان في قطاع غزة لمدةٍ تتراوحُ بين 70 إلى 90 يومًا، وهي مدةٌ أطولُ من العروض السابقة، مقابل الإفراج عن عشرة رهائن.
وحتى هذه اللحظة، لا توجد مؤشرات على وقف العدوان على قطاع غزة، ولم تبادر أمريكا بأي تطمينات في هذا الجانب، لكن حماس انطلقت من مبادرتها لتثبيت “حُسن النية” ومدى جديتها للدخول في مفاوضات تنهي جرائم الإبادة في القطاع، مع علمها بعدم التزام الأمريكيين والعدوّ الإسرائيلي بأية اتّفاقيات.
وفي هذا السياق، يرى الكاتب الباحث في الشؤون الاستراتيجية الدكتور سائد عساف أن “ترامب بدأ يغيّر من ألوياته في المنطقة، فهو يطمحُ إلى عقد صفقات تجارية مع دول الخليج، في حين أن كيان العدوّ يريد تدميرَ المنطقة وجَــرَّها إلى الحرب، وتخريبَ كُـلّ جهود واشنطن فيها”.
ويضيف في حديثه لبرنامج “صدى الخبر” على قناة “المسيرة” إلى أن المجرم نتنياهو “يعمل كُـلّ ما في وِسْعِه لثني ترامب عن خططه الاقتصادية الطموحة، وأن هذا يثير غضبَ ترامب، ولهذا بدأ في المفاوضات المباشرة مع حماس”.
وأوضح أن “ترامب ينظُرُ إلى منطقة الخليج على أنها بقرةٌ حلوب، وفيها الكثيرُ من الاستثمارات، وكسب التريليونات، فيما الكيانُ يريد جَرَّ المنطقة إلى حربٍ تأكُلُ الأخضرَ واليابس، وتوريطَ أمريكا في هذه الحروب، كما حدث في العدوان على اليمن، ومحاولة الزجِّ بواشنطن للدخول في حرب مباشرة مع إيران”.
ويرى أن “المفاوضات المباشرة بين حماس والولايات المتحدة الأمريكية تعزِّزُ شرعيةَ المقاومة من جهة، وتساهم في عزل كيان العدوّ من جهة أُخرى، إضافة إلى مضاعفة الضغوط داخل كَيان العدوّ ما بين نتنياهو وخصومِه السياسيين”.
من جهته، يؤكّـد الكاتبُ والباحث السياسي الفلسطيني وليد محمد علي أن “حركةَ المقاومة حماس مرنةٌ جِـدًّا في التعامل مع أية مقترحاتٍ تسرِّعُ وقفَ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”.
وانتقد دور الوسيط القَطَري والمصري فيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة، مُشيرًا إلى أن “الدولتين تمارسان الضغطَ على حماس لتقديم التنازلات، في حين لا تضغطان على الأمريكيين والإسرائيليين لتنفيذ ما تم الاتّفاق عليه”.
وأوضح أن “صمودَ المقاومة الفلسطينية وثباتَها في مواجهة العدوان الإسرائيلي يضعُ كيان العدوّ في موقف محرج دون تحقيق أي انتصار، وهو ما عجز عنه خلال أكثر من عام ونصف عام، إضافة إلى أن الموقفَ اليمني الصُّلب في مساندة غزة زاد من انكسار العدوّ وتراجعه”.
وفي سياق المتغيرات الأمريكية، تأتي زيارة ترامب إلى السعوديّة ودول الخليج، والتي تستمرُّ لمدة 4 أَيَّـام، حَيثُ يعلو الحديثُ الاقتصادي على أي صوت.
وخلال اللقاءات المنعقدة بين المسؤولين السعوديّين وترامب، لم يتم التطرُّقُ عن التطبيع مع كيان العدوّ، وإنما طغى الجانبُ الاقتصادي على كُـلّ المِلفات.
ويرى الكاتب والباحث السياسي اللبناني وسيم بزّي أن “الهدفَ من زيارة الرئيس الأمريكي لدول الخليج هو رفدُ الخزينة الأمريكية بمليارات الدولارات”، موضحًا أن “السعوديّة تعهَّدت بإجراء اتّفاقية استثمارات لعشر سنوات تُقدَّرُ بتريليون دولار”.
وقال بزّي في تصريح خاص لقناة “المسيرة”: إن ترامب يريد “إيصال رسالة لدول الخليج أن ما يدفعونه من مليارات الدولارات ليست مِنَّةً منهم، وإنما مقابل الحماية التي توفّرها أمريكا لهم”، مستندًا إلى تصريحات الزائر قبيل مجيئه لدول الخليج.
ويكشف بزّي عن نوايا أمريكية في إعادةِ ترتيبِ الوضع في المنطقة، وذلك من خلال قيامِ دول الخليج “بمهامَّ وظائفيةٍ تنفيذية تتعدَّى ما كانت تقوم به سابقًا من مهامَّ جوهريةٍ مركَزية”، مؤكّـدًا أن “المطلوبَ من دول الخليج هو الانضباطُ العام وفق المسار الذي تريده أمريكا دون أية خصوصية تتعلق بمصالح هذه الدول