وثيقة الشرف القبلي.. مسار ثوري يواجه غطرسة المستكبرين وضرورة لتحصين الجبهة الداخلية
تقرير| محسن الجمال
ترجمة لتوجيهات السيد القائد، وبزخم شعبي منقطع النظير تواصل القبائل اليمنية في مختلف المحافظات زخمها للمشاركة في حملات التوقيع على وثيقة الشرف القبلية لترسيخ المبادئ والثوابت الوطنية التي تم الإعلان عن مراحلها الأولى في العام 2015م، وإشهارها في عدة وقفات مسلحة على ملامحها البأس اليماني، تكاد تكون هي الأبرز كماً وحجماً ونوعاً منذ انتصار الثورة الشعبية المباركة 21 سبتمبر في العام 2014م، وذلك لمواجهة التصعيد على بلدنا وتأكيدا على إحياء القيم المتوارثة للآباء والأجداد النابعة من الدين في نصرة المستضعفين وإحياء دورها في القضايا الكبرى للأمة وللشعوب.
الحملة المليونية للتوقيع على وثيقة الشرف القبلية تضمنت منذ إعلانها عدة مراحل استهدفت المرحلة الأولى منها أربع محافظات يمنية شملت أمانة العاصمة، محافظة صنعاء، ذمار، عمران، لاقت ترحاباً وإقبالاً شعبياً كبيراً وواسعاً، واستمر تداولها حتى اليوم وهو ما تترجمه القبائل في أبهى حللها في وقفاتها المسلحة الكبيرة لمواجهة التصعيد الأمريكي ونصرة الشعب الفلسطيني في كافة المحافظات الحرة.
جاءت بعد استهداف ممنهج للقبلة اليمنية
جاءت هذه الوثيقة بعد سلسلة استهداف ممنهج تعرضت لها القبيلة اليمنية في كل جوانبها منذ أن بسط النظام السعودي سيطرته على المنطقة منذ العام 1962، ومن ضمنها اليمن وحتى ما قبل انتصار ثورة الشعب اليمني 2014م، حيث كان للتحرك الأمريكي دورا كبيرا وبارزا في استهداف القبيلة اليمنية واستمر بشكل كبير، ضمن عدة مسارات كان لأمريكا ونظام الوصاية يدا ضالعة في الاتجاه باليمن نحو الكارثة في مختلف المجالات بلا استثناء.
إعلان وثيقة الشرف القبلية جاءت ضمن الخطوات الثورية التي كانت ترافق مسيرة الشعب المتجهة نحو التغيير إبان المسار الثوري في العام 2014م حتى انتصار الثورة الشعبية المباركة 2015م، ودشنت خلال تلك الفترة، وحظيت بإشادات كبيرة من قبل السيد القائد -حفظه الله- في خطاباته، والذي أكد على أهميتها كونها تهدف لتحصين الجبهة الداخلية والحفاظ على النسيج الاجتماعي والثوابت الوطنية، وإعطاء القبيلة اليمنية دورها في مواجهة التحديات وفي المقدمة العدوان على اليمن.
أبرز مميزات الوثيقة التمسك بقيم الدين والقواعد الحميدة للأجداد
برزت بنود وثيقة الشرف القبلية إلى الساحة اليمنية لتعزز دور القبلية من مكانتها التاريخية في حل القضايا وتعزيز السلم المجتمعي واشتملت على 9 بنود وقواعد تفصيلية والتي تؤكد التمسك بقيم الدين الإسلامي الحنيف والقواعد الحميدة لأسلاف وأعراف الأجداد، والثبات في مواجهة العدوان واعتبار من يبغي أو يبتغي ظلم أو فساد أو شقاق بين الناس أو يثبت منه أي تعاون أو تعامل مع العدوان، أسود الوجه ومن تستر عليه أو ساعده بأي طريقة عائب خائب مثله.
الوثيقة تحمل في طياتها الإعلان عن تدشين مصالحة مجتمعية عامة بين مختلف أبناء القبائل والمكونات الوطنية تعزيزا لمبادئ التصالح والتسامح والتلاحم والأخوة بما يحقق المصلحة الوطنية وترسيخ قيم التعاون والتعايش والعدالة الاجتماعية والوحدة والاستقلال والأمن والاستقرار، وتشكيل مجلس شمل المحافظات ولجان لمتابعة ترتيب وتفعيل دور القبائل في مختلف المجالات وأهمها مواجهة العدوان.
كما تشمل القواعد الإعلان عن صلح عام شريف نظيف بين كافة أبناء المحافظات القائمين ضد العدوان، ينام فيه الخائف في دار المخيف وتأجيل الخلافات والنزاعات المستعصية خاصة الثارات، وكذا الإعلان عن حلف أخوي تلاحمي قبلي وطني تضامني موحد يلتزم بموجبه الجميع بمبادئ أمن الساحة والدفاع المشترك عن سيادة الوطن.
الإعلان عن بنود وثيقة الشرف القبلي
في الثلاثين من نوفمبر2015م أي بعد أشهر قليلة من سلسلة الجرائم التي ارتكبها العدو الأمريكي السعودي الإماراتي بحق شعبنا أعلن مجلس التلاحم القبلي الشعبي برئاسة الشيخ ضيف الله رسام على رأس حشد جماهيري كبير في باب اليمن بالعاصمة صنعاء عن بنود “وثيقة الشرف القبلي لترسيخ المبادئ والثوابت الوطنية” ودشنت بحملة مليونية كبيرة للتوقيع فيها في مختلف قبائل المحافظات اليمنية، حيث لاقت استجابة واسعة في أوساط قبائل اليمن التي سطرت مواقف مشرفة وكبيرة في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على بلدنا.. وفيما يلي نص الوثيقة:
نص “وثيقة الشرف القبلية لترسيخ المبادئ والثوابت الوطنية”
بسم الله الرحمن الرحيم.. يقول الله تعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).. نظرا لما للقبيلة اليمنية من دور بارز في صنع التاريخ ودفع الطامعين والغزاة ولما لها من تأثير بالغ في تسيير شؤون المجتمع اليمني في مختلف نواحي الحياة ومكانتها وصيتها النفاح على المستوى الإقليمي والدولي مما يقتضي العمل على تفعيل دورها الإيجابي في مجال الدفاع والأمن وتنظيم شئونها لتهيئتها للمشاركة الفاعلة في الرأي وصنع القرار، وللحفاظ على ثوابت المجتمع وتحسين أداء المنظومة الاجتماعية في مواجهة التحديات والمؤامرات التي تستهدف الوطن والأمة.
وحيث أن البلد يمر بظروف استثنائية في ظل العدوان السعودي الغاشم والمتناغم مع رغبات وأهداف الصهيوامريكية في تدمير أي مجتمع يحمل نهجاً وطنياً حراً مقاوم لمشروع الاستعمار والهيمنة على الشعوب في المنطقة وقرارها ومقدراتها.
ولما للعمالة والخيانة دور تخريبي تسبب في تشجيع الأعداء والدفع بهم إلى شن العدوان على اليمن لعدم وجود حدود وروادع قائمة توقف المتلاعبين بالثوابت والمبادئ الوطنية وسيادة البلد وامنه واستقراره، وبما ان العدوان على اليمن قد بلغ جرائم الحرب والإبادة الجماعية ضد الإنسانية طال كل مستويات الحياة في المدن والأرياف.
وحرصاً على مكانة وسمعة القبائل اليمنية ولما لها من موروث حضاري وتاريخ نضالي طويل وتحصينها من التفكك والاختراق ولسلامة النسيج الاجتماعي في عموم الساحة اليمنية والجمع بين المسئولية الرسمية والشعبية وما تفتضيه المصلحة العامة فإن قبائل اليمن قد أقرت في وضع هذه الوثيقة لردع المتلاعبين بأمن واستقرار الوطن ومبادئ وقيم المجتمع اليمني المثلى وتقوم على المرتكزات التالية:
أولاً: مبدأ التكافل الاجتماعي
يعلن أبناء اليمن كافة أنهم على النهج الرباني المحمدي أمة واحدة قائمون وثابتون على مبدأ الإيواء والإيثار والإنفاق والجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله ونصرة الحق ودفع الظلم والطغيان وإغاثة الملهوف والمنكوب والمتضررون من العدوان ليسمع العالم منا ويرى من تكافلنا وتراحمنا ما يؤكد انتسابنا إلى أسلافنا العرب الأقحاح قادات الفتوحات المؤسسين لهذه المبادئ ووفقا للتشريع الذي اصدره سيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله وصحبه بقوله في صحيفة المدينة (هذا كتاب من محمد النبي بين المسلمين المؤمنين من قريش وأهل يثرب ومن تبعهم ولحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس وأن أيدي المؤمنين المتقين واحدة على كل ظالم منهم يبغي أو يبتغي دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين ولو كان أبا أحدهم أو ابنه أو أخاه).
ثانياً: إعلان البراءة
تعلن القبائل اليمن المنتمية الى قحطان وعدنان ممثلة في من حضر أو وقع كلاً عن نفسه وعلى من يليه وفقا للأعراف المتبعة أن الحاضر يشمل الغائب بأن ذمم الجميع بريئة ووجوههم بيضاء من مرتكبي العدوان على اليمن والداعمين والمشاركين والمحرضين والمؤيدين له، ومتمسكين بحقهم في الرد على المعتدين والمؤيدين لهم بالقدرات المتاحة في أي زمان ومكان، وحيثما يصل منعهم وفروعهم إليه في الزمن القريب أو البعيد وأن لا قبول ولا صمت عن أي نوع من أنواع الوصاية أو التدخل الأجنبي مهما كلف ذلك من خسائر وتضحيات.
ثالثاً: العقوبات القانونية
تطالب القبائل اليمنية السلطات الرسمية والقضائية بتطبيق القانون وانزال العقوبات الرادعة ضد المشاركين في العدوان على اليمن والداعمين والمحرضين والمؤيدين له وفق ما نصت عليه أحكام الشريعة الإسلامية والمواد 125، 126، 127، 128، 129، من قانون العقوبات رقم (12) لسنة 1991م في حق المشار عليهم أعلاه، وغيرها من المواد العقابية وما ورد في قوانين الصحافة والمطبوعات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وكذا سن أو تحديث قانون ينص بوضوح على تجريم الخونة والعملاء وتجريدهم من الحقوق المالية والوظيفية وتمثيل اليمنيين في أي من المحافل الرسمية أو الشعبية والمشاركة في أي فعاليات أو تشكيل مكون شعبي أو اقتصادي بطريقة مباشرة او غير مباشرة وبأي شكل من الأشكال.
رابعاً: العزل الاجتماعي
أجمعت قبائل اليمن أن الخونة والعملاء مدرعين بالعيب وملبسين بالجرم والعار حتى وإن تمت أي تسوية سياسية وتلحق بهم العقوبات المتعارف عليها في الوسط القبلي ومن ذلك عدم إيواء العائب ولا يقبل العائب في أي تعامل إلا عائب مثله وانهم مجردين من حقوق الأخوة والصحب والحمى والمغارم والمجورة والمحد والمواطنة وأي مكانة في المجتمع البتة، وان فعلهم مساو لفعل القائمين بالعدوان ومشاركون في كل جريمة ارتكبت ضد اليمن واليمنيين ويعد جرمهم المرتكب بغيا على الأمة كما هو في المصطلح الشرعي وأعراف القبائل وناموس العقلاء وكل منهم جار الطلق أي منفي من الأرض مالم يؤخذ بناصيته.
خامساً: أمن ساحة القبيلة
كل قبيلة مسئولة عن حفظ امن واستقرار ساحتها وحدود الوطن كله كساحة عامة لكل قبائل اليمن وعلى القبيلة أو الجهة التي ينتمي إليها العائب (الخائن او العميل او المخرب) اتخاذ كل الإجراءت اللازمة ضده مع الجهات الرسمية او الشعبية.
سادساً: مبدئ الغرم القبلي
يلتزم الجميع بإحياء مبدأ الغرم القبلي والشعبي بالمال والرجال، وكل ما تحتاج إليه قوات الدفاع لردع الغزاة والمعتدين واستئصال مناشئ الشر والخطر الذي يهدد الوطن والأمة.
سابعاً: الصلح العام
تُقر القبائل اليمنية صلحاً عاماً بتأجيل كل الخلافات والنزاعات بين جميع أبناء اليمن بإستثناء من أشارت إليهم الوثيقة بالعقوبات آنفاً، مع لزوم تشكيل لجنة من مختلف الجهات القانونية والقضائية والقبلية لفرز القضايا العالقة وتصنيفها ووضع الحلول المناسبة لها بالطرق المنصفة والعادلة وبالتنسيق مع الجهات الرسمية.
ثامناً: تفعيل دور القبيلة
ضرورة ترتيب وتنظيم شؤون القبيلة لتكون قادرة على أمن ساحتها وحل مشكلتها ومتابعة أمورها والقيام بدورها في كل المجالات الدفاعية والامنية وكذا ضرورة تمثيل القبائل في التكوينات التشريعية والتنفيذية لتشارك من خلالها في الرأي وصنع القرار.
تاسعاً: الوثيقة ميثاق شرف دائم
بعد التوقيع تعتبر هذه الوثيقة ميثاق شرف في السلم والحرب وسارية في كل ظرف وزمان تجسيداً للمبادئ والقيم والثوابت القبيلة وعلى ان يتم تشكيل لجنة مشتركة لوضع قائمة العار التي يسمى فيها الأشخاص المستحقون للعقوبات وفق أسس صحيحة ومدروسة.
قال تعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) صدق الله العظيم.
إشهار وثيقة الشرف القبلية والتفاف القبائل للتوقيع عليها وتطبيق بنودها يعد مشهد يماني إيماني يجسد رمزية الوحدة الإسلامية للأمة الواحدة وخط الدفاع الأول عن الحق والعدالة وصون الأوطان مهما بلغت التضحيات، وأن كل من انسلخ عن الهوية الوطنية وارتمى في حضن التصعيد الأمريكي البريطاني الصهيوني ضد شعبنا فهو مهدور الدم في أوساط القبلية سيما بعد أن تمايزت المواقف والصفوف في إسناد اليمن لمعركة طوفان الأقصى حيث انقسمت الأمة إلى فريقين لا ثالث لهما، إمام منافق صريح أو مؤمن صريح.