الصرخة.. تأصيلٌ للعداء تجاهَ الهيمنة الأمريكية و”الإسرائيلية”
د. شعفل علي عمير
بدأ شعار “الصرخة” الذي أطلقه السيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله عليه” أنصار الله عليه عام 2002. كأحد أبرز التعبيرات السياسية والدينية في المنطقة، حَيثُ يجسد البراءة من أعداء الله والمعارضة للسياسات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة هذا الشعار الذي يحمله ويصرخ به اليمنيين ليس مُجَـرّد كلمات، بل هو انعكاس لصورة الصدام الحضاري والسياسي والاقتصادي الذي يشعرون به في وجه قوى عظمى يرون أنها تخدم مصالحها على حساب مصائر ومصالح أمم بأكملها. في هذا السياق ترجمة الصرخة النتيجة الحتمية لتاريخ طويل من السياسات المعادية للعرب والمسلمين تاريخ ملطخ بالصراع والانتهاكات والتدخلات.
إن رفع أنصار الله لشعار مثل هذا هو تعبير عن حالة غضب شعبي متجذر، قوامه الحفاظ على الهوية، ورفض للهيمنة الخارجية، وسعي لتحقيق العدالة وإعادة صياغة العلاقات الدولية بشكل أكثر إنصافًا للشعوب المظلومة. إن العجلة نحو التغيير تظل قائمة وقد إجَابَة وأثبتت الأحداث بأن هذا الشعار سيقود إلى إحداث تغيير وليس مُجَـرّد صرخة في وجه العواصف. تستهل صياغة الشعار بعبارة “الله أكبر”، التي تحمل دلالة دينية قوية، معبرة عن إيمان اليمنيين بتفوق قوة الله وسيادته على كُـلّ قوى الأرض. هذه العبارة ليست مُجَـرّد تعبير ديني، بل تمثل دعوة لتوحيد الصفوف وزيادة الإيمان بالقضايا العادلة، كما تعزز الشرعية الدينية لمقاومة الظلم
أما الجزء الثاني من الشعار “الموت لأمريكا”، فيعكس بوضوح المعارضة القوية للسياسات الأمريكية بالمنطقة. يعتبر أنصار الله أن الولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًّا في زعزعة الاستقرار من خلال دعم الكيان الصهيوني ليستمر في جرائم الإبادة بحق الفلسطينيين وانتهاك مقدسات المسلمين ودعم الأنظمة القمعية التي تخدم السياسات الأمريكية والإسرائيلية لضمان مصالحها على حساب حقوق الشعوب. يظهر ذلك بوضوح من خلال تدخلاتها العسكرية والاقتصادية التي تؤدي غالبًا إلى تفاقم الأزمات وتؤجج الصراعات في أوساط الأُمَّــة
إضافة إلى ذلك، يمثل قولهم “الموت لإسرائيل” تعبيرًا موجهًا نحو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي يعتبره أنصار الله رمزًا للظلم الذي تتعرض له الأُمَّــة العربية والإسلامية بشكل عام. يُنظر إلى الدعم الأمريكي لـ (إسرائيل) كجزء من استراتيجية تهدف إلى تعزيز الهيمنة الإسرائيلية وتجاهل الحقوق الفلسطينية، مما يعمق مشاعر الاستياء والغضب بين الشعوب العربية ضد الكيان الصهيوني وأمريكا فيأتي الشعار تعبيرًا عن غضب الأُمَّــة العربية والإسلامية جميعها
أما الجملة “اللعنة على اليهود”، فهي تُفهم في إطار السياسة تجاه الحكومة الإسرائيلية وأيديولوجياتها دون أن تُفسر كرفض لديانة معينة؛ لأَنَّ الإيمَـان بكل الكتب السماوية يعتبر من مقتضيات الدين الإسلامي إنه تجسيد عملي لأمرٍ إلهي بالبراءة من أعداء الله، كما جاء في القرآن الكريم. وهو يعكس رد فعل على الممارسات الإسرائيلية، ويعتبر تجسيدًا للتوجيهات الإلهية الواردة في القرآن الكريم، مما يضفي بُعدًا دينيًّا وثقافيًّا للصرخة
وعلى صعيد آخر، تعكس عبارة “النصر للإسلام” تطلعات أنصار الله في بناء مستقبل تشعر الأُمَّــة العربية والإسلامية والعالم برمّته فيه بأن الإسلام هو النظام الذي يضمن حقوق الأفراد ويعزز القيم الإنسانية. يرون أن صعود القوى الغربية يمثل تحديًا لمبدأ العدالة الإلهية، ويؤكّـدون أن هذه القوى قد انحرفت عن المبادئ الإنسانية الأَسَاسية التي يدعو إليها الإسلام. وكل الديانات السماوية.
بصورة شاملة، يمكن فهم هذا الشعار في إطار المقاومة العربية ضد الرؤى السياسية الغربية المهيمنة. يعبّر أَيْـضًا عن رفض الشعوب العربية والإسلامية للإملاءات من دول الاستكبار العالمي، وسعيهم نحو هوية عربية إسلامية ذات سيادة حقيقية. كما يدل الشعار على الرغبة في رؤية مستقبل يتشكل وفق مبادئ العدالة والمقاومة لنصرة المضطهدين، وتحقيق سلام حقيقي يعتمد على السلام والعدالة لكل الشعوب المضطهدة.