اليمن وكسر معادلات الردع.. مناصرة غزة وتفوق على تحالفات عابرة للقارات

يمانيون | تقرير تحليلي
منذ اندلاع معركة “طوفان الأقصى” وما تبعها من مشهد الإبادة والتجويع بحق أكثر من مليوني إنسان فلسطيني في القطاع المحاصر، انكشفت مواقف الحكومات والأنظمة العربية والإسلامية، حيث بدا الكثير منها متماهياً مع الاستباحة الأمريكية–الصهيونية، لا يتعامل مع العدو بوصفه عدواً وإنما شريكاً أو “صديقاً” في حالات كثيرة، ضمن مسار طويل من التبعية والرضوخ.

غير أن اليمن، بخلاف هذه الدائرة الواسعة من الأنظمة المطبِّعة أو المستسلمة، برز كقوة إقليمية صاعدة ترفض أن تكون جزءاً من حالة الانكسار، بل انخرط في معركة الأمة دفاعاً عن فلسطين والقدس وغزة والمنطقة برمتها.. لقد خاض اليمن حرباً دفاعية ضروساً أمام تحالف واسع تقوده الولايات المتحدة ويضم قوى من أوروبا وآسيا وأفريقيا، دون أن يتراجع عن قراره الاستراتيجي بأن يكون جزءاً من المنظومة البطولية المناصرة للمقاومة الفلسطينية.

التحالفات الغربية وإخفاق الردع

التحالف الأمريكي–البريطاني التاريخي لحماية الكيان الصهيوني، والذي ظل لعقود متواصلاً في تأمين ممرات الملاحة وحماية التفوق العسكري الصهيوني، أخفق للمرة الأولى أمام تحدي اليمن.. فاليمن لم يكتف بفرض معادلات جديدة في البحر الأحمر وباب المندب والمحيط العربي، بل تجاوز ذلك إلى تعطيل الملاحة أمام السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني، متحدياً التحالفات الغربية التي أرادت كسر إرادته.

ورغم كل الضغوط والتهديدات التي مارستها واشنطن ولندن على الحكومة اليمنية، لم يبدُ من صنعاء أي استعداد للتراجع أو حتى الميل عن خطها المبدئي في نصرة القضية الفلسطينية.. على العكس، مضت في تصعيد المواجهة، وأنجزت ما عجزت عن إنجازه أكثر من مئتي دولة، لتصبح اليمن قوة مركزية في معادلة الردع الجديدة.

فشل الكيان الصهيوني واستهداف المدنيين

كيان العدو الصهيوني وجد نفسه عاجزاً أمام القدرات اليمنية الصاروخية والمسيرة التي استطاعت أن تخترق كافة طبقاته الدفاعية الخمس والست، بل وأن تصيب أهدافاً استراتيجية وتعطل مرافئ رئيسية مثل ميناء “إيلات” (أم الرشراش) على البحر الأحمر، دون أن يتمكن من إعادة تشغيله بشكل طبيعي.

إزاء هذا العجز عن استعادة قوة الردع، لجأ الكيان الصهيوني إلى خيار انتقامي جبان، تمثل في استهداف حكومة مدنية في اليمن، في محاولة لخلط الأوراق وإرسال رسائل انتقامية، غير أن هذا الخيار لم يحقق له إلا الفشل، بل زاد من متانة المعادلة الثلاثية: الشعب والجيش والقيادة.

ثلاثية الصمود ورفض التطبيع

لقد شكلت هذه الثلاثية أساس صلابة الموقف اليمني، حيث تجسدت الإرادة الشعبية والسياسية والعسكرية في خط واحد، ليحدد مسار اليمن الاستراتيجي بوضوح: النقيض التام لتيار التطبيع.

الحكومة المدنية اليمنية، برغم استهدافها، لم تُثنَ عن مواقفها، بل أثبتت أن ثمن الالتزام بقضية كبرى بحجم فلسطين والقدس قد يكون باهظاً، لكنه ثمن يليق بتاريخ اليمن ومكانته ودوره.. وبهذا، يظهر اليمن بعيداً عن التيارات المساومة، ممسكاً بدور إقليمي يصعب تجاوزه أو قصّه، في وقت فشلت فيه محاولات العدو الصهيوني وحلفائه التقليديين في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

خلاصة

اليمن اليوم ليس مجرد طرف متضامن مع فلسطين، بل بات رقماً صعباً في معركة الأمة ضد المشروع الأمريكي–الصهيوني. لقد أسقط أوهام الردع الصهيوني، وفرض معادلات جديدة على البحر الأحمر والملاحة الدولية، وأثبت أن قوة الإرادة المبدئية يمكن أن تتغلب على تحالفات كبرى عابرة للقارات.

وفي مقابل أنظمة اختارت الخضوع أو التطبيع، يثبت اليمن أن الانحياز لفلسطين ليس شعاراً عاطفياً، بل خيار استراتيجي تترتب عليه مواقف وتضحيات ومسارات تاريخية، ترسم ملامح شرق أوسط جديد عنوانه: المقاومة والكرامة والسيادة.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com