في مواجهة تطور الصواريخ وتصاعد المواقف .. العدو الإسرائيلي يفعل مخططاً لاختراق القبيلة اليمنية
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتوسع رقعة المواجهة بين محور المقاومة والعدو الصهيوني، بات اليمن يحتل موقعًا متقدمًا في معادلة الصراع، سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو الجغرافي، فلم يعد الحضور اليمني مجرد موقف داعم، بل تحوّل إلى قوة فاعلة ذات تأثير مباشر على الأمن القومي لكيان العدو الإسرائيلي، تجلّى ذلك من خلال الضربات الباليستية والجوية التي طالت عمق الكيان الإسرائيلي انطلاقًا من الأراضي اليمنية.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
غير أن التهديد لا يقتصر على القدرات العسكرية وحدها، بل يمتد إلى ما هو أعمق وأكثر صلابة، البنية القبلية اليمنية، والتي تشكل اليوم ركيزة اجتماعية وأمنية لليمن عموماً، تمنحه عمقًا داخليًا واستقرارًا تنظيميًا لا يقل أهمية عن السلاح، وهذا ما دفع الإعلام والمؤسسات الأمنية في كيان العدو الإسرائيلي إلى توسيع دائرة اهتمامها بتحليل القبائل اليمنية، واعتبارها عنصرًا جوهريًا في صمود اليمن وقواته المسلحة وقدرتها على خوض معارك طويلة الأمد.
في هذا السياق، يُسلط التقرير الضوء على بعدين مترابطين، الأول هو التصعيد العسكري للقوات المسلحة اليمنية وقدراتها المتطورة التي مكّنتها من تهديد عمق كيان العدو الإسرائيلي وفرض حصار إقتصادي خانق ، والثاني هو الدور الاستراتيجي للقبائل اليمنية في دعم هذا المسار، مقابل تحركات قوات المرتزقة المدعومة من التحالف، التي تعمل بشكل مباشر في خدمة المشروع الصهيوني عبر محاولات تفكيك البنية القبلية المقاومة.
تطور القدرات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية
شهدت القوات المسلحة اليمنية، تطورًا نوعيًا في قدراتها التسليحية خلال السنوات الأخيرة، ما جعلها تحظى باهتمام واسع من الإعلام العبري والمؤسسات الأمنية لكيان العدو الإسرائيلية.
تشمل الترسانة الصاروخية صواريخ بالستية مثل “بركان-2H” و”قدس-2″ و”فلسطين 1″، وهي قادرة على الوصول إلى عمق فلسطين المحتلة، وآخرها ما تم الإعلان عنه من قبل ناطق القوات المسلحة اليمنية الصاروخ الفرط صوتي الانشطاري،
كما طوّرت القوات المسلحة اليمنية طائرات مسيرة متقدمة، أبرزها “صماد-3” و”صماد-4″، والتي استخدمت بنجاح في استهداف مطارات ومواقع استراتيجية في الأراضي المحتلة، مثل الضربة التي طالت مطار “رامون” الإسرائيلي اليوم .
التقارير الغربية، مثل تقارير معهد الدراسات الأمنية الإسرائيلي (INSS) ومراكز أبحاث أمريكية، تؤكد أن هذه القدرات يتم تصنيعها محليًا في مناطق خاضعة لسيطرة ’’أنصار الله’’ ، بدعم تكنولوجي من إيران ومحور المقاومة حسب زعمها .
أما العدو الإسرائيلي، الذي طالما اعتبر اليمن ساحة بعيدة جغرافيًا، بات يرى فيه جبهة هجومية غير تقليدية قادرة على كسر التفوق الجوي والدفاعي الإسرائيلي، وتهديد الأمن البحري عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
النظام القبلي .. صمام أمان واستراتيجية محورية لليمن
القبائل اليمنية ليست مجرد مكوّن اجتماعي، بل تمثل قوة سياسية وعسكرية متجذّرة، تشكّل العمق الشعبي والجغرافي لليمن ، إعلام العدو الإسرائيلي بات يُدرك أن اليمن بتركيبته القبلية أكثر صلابة وقوة ولا يمكن اختراقه بسهولة إلا من خلال استهداف هذه البنية القوية والمتماسكة ، وهو ما عملت عليه من خلال التنسيق الذي بات معلناً مع مرتزقة اليمن في الخارج التابعين لدول التحالف ،
ووفق تحليلات من مراكز إسرائيلية وأمريكية ترى أن هذا الدمج بين “القبيلة والدولة” يمنح أنصار الله شرعية داخلية وحاضنة يصعب زعزعتها، وميثاق الشرف القبلي، الذي أعلنته عشرات القبائل اليمنية دعمًا لمشروع التحرر من الوصاية والاستقلال الذي يقوده السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله، يؤكد التعبئة الكاملة سياسيًا وعسكريًا ضد العدو الصهيوني ودول التحالف، ويحول القبيلة إلى كيان تعبوي وتحريضي داعم للمواجهة الإقليمية.
لماذا اهتم العدو الإسرائيلي بالبنية القبلية اليمنية؟
اهتمام كيان العدو الإسرائيلي بالبنية القبلية في اليمن لم يكن اعتباطيًا، بل نابع من إدراك حقيقي بأنها تمثل قلب الصمود الاجتماعي والسياسي، وتشير قراءات للعدو إلى أن القبائل تشكل بنية تحتية للشرعية المجتمعية، التي أدارت مناطقها بكفاءة واستقرار.
ولذا فإن كيان العدو يخشى أن يتحول هذا النموذج إلى “تجربة قابلة للتصدير” في بيئات قبلية أخرى، بما يهدد مشاريعها التفتيتية والتطبيعية في المنطقة.
تحركات قوات المرتزقة .. خدمة مباشرة للمشروع الصهيوني عبر استهداف البنية القبلية المقاومة
يرتبط الاهتمام لكيان العدو الإسرائيلي بالبنية القبلية ارتباطًا مباشرًا بتصعيد التحركات العسكرية لقوات المرتزقة المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي، والتي تعمل في عدة جبهات على تنفيذ أجندة تصب في جوهرها في خدمة المشروع الصهيوني، هذه القوات تسعى لتفكيك القبائل المتحالفة مع أنصار الله، عبر الاستهداف العسكري أو محاولات الإغراء السياسي والمالي.
يتم تمويل وتدريب مليشيات مناطقية تُستخدم لضرب التماسك القبلي من الداخل، وتهميش القبائل غير الخاضعة للتحالف.
تقارير إعلامية واستخباراتية تشير إلى تنسيق بين عناصر إماراتية وإسرائيلية في قواعد مثل سقطرى والمخا، لاستهداف القيادات القبلية المؤثرة في دعم أنصار الله، وإعلام التحالف يُشيطن القبائل المقاومة، ويصفها بأنها “أذرع إيرانية”، تمهيدًا لتبرير ضربها أو إخراجها من المعادلة السياسية والاجتماعية.
ومن هذا المنظور، يمكن القول إن التحرك العسكري للمرتزقة ليس إلا انعكاسًا ميدانيًا لمخطط إسرائيلي يهدف إلى كسر البنية الاجتماعية في الداخل اليمني بعد الفشل عسكريًا.
الخاتمة
تؤكد معطيات هذا التقرير أن اليمن اليوم بات جزءًا لا يتجزأ من معادلة الردع الإقليمي في مواجهة المشروع الصهيوني، وأن القدرات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية ، مقرونة بالتماسك القبلي والاجتماعي، قد حولت اليمن من ساحة صراع داخلي إلى جبهة مقاومة مؤثرة تتجاوز حدودها الجغرافية.
الاهتمام المفاجئ للعدو الإسرائيلي بالبنية القبلية، وتحركات قوات المرتزقة لخدمة هذا التوجه، يكشف عن عمق الرهانات على تفكيك الداخل اليمني، غير أن الوقائع تشير إلى اليمن بقبائله لا يزال متماسكًا، ويشكل أحد أبرز عناصر قوة المشروع التحرري في هذه الساحة المفصلية.