هتافات الحشود اليمنية .. دلالات القوة والوعي والبوصلة الثابتة نحو فلسطين

لم تكن الحشود المليونية التي امتلأت بها ساحات صنعاء والمحافظات الحرة مجرد تجمّع جماهيري عابر، بل كانت رسالة سياسية وإيمانية عميقة، عبّرت عنها الجماهير بأصواتها المرتفعة، وشعاراتها التي تجاوزت حدود اللحظة، لتؤكد موقع اليمن الثابت في معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني، وانحيازه المطلق لقضية الأمة الأولى، فلسطين.

يمانيون / تقرير / خاص

 

هتافات من قلب الأمة تنبض بالوعي والانتماء

من بين العديد من الهتافات التي دوّت في الساحات، برزت هتافات حملت في طياتها أبعاداً استراتيجية على كافة المستويات، جسّدت وعي الشعب اليمني بحقيقة الصراع، ورفضه لأي اصطفاف خارج محور الجهاد والمقاومة، كانت الشعارات تفيض بالقوة، وتعبّر عن وحدة الهوية والمصير مع غزة وفلسطين.

فمن الناحية الدينية صدحت الجماهير بهتاف : (بالله تعالى لن نهزم) وكذا (بالعودة لكتاب الله.. سنواجه أعداء الله)، هذه الهتافات تؤسس لمفهوم أن المواجهة مع العدو ليست فقط سياسية أو عسكرية، بل معركة إيمانية شاملة، تستند إلى عقيدة راسخة، وتستمد قوتها من التوكل على الله والاعتماد على هدى القرآن الكريم.

 

وفي سياق وطني وقومي ارتفعت أصوات الجماهير المليونية بهتاف : (كل الساحات اليمنية .. غزاوية فلسطينية) وكذا (يا غزة يا فلسطين .. معكم كل اليمنيين) ، وتُظهر هذه الشعارات التلاحم الشعبي مع القضية الفلسطينية، وتؤكد أن جغرافيا النضال لا تعرف الحدود، وأن اليمن يرى في فلسطين قضيته المركزية، ويعتبر نفسه جزءاً عضوياً من معركة التحرير.

 

أما البعد الجهادي المقاوم فقد تجلى في هتافات الجماهير : (العمليات اليمنية .. كسرت كِبر الصهيونية) وكذا هتاف (مهما تقصف لن تثنينا .. سنُصعّد حجم تحدّينا)، وهي هتافات تعكس الثقة العالية بالله تعالى ،  وبقدرات القوات المسلحة اليمنية، وتُقدّم العمليات العسكرية النوعية كجزء من معركة إقليمية موحدة ضد الاحتلال،  إنها رسائل مباشرة للعدو بأن اليمن لم يعد متفرجاً، بل طرف فاعل ومؤثر في ميادين الصراع.

 

سياسياً هتفت الجماهير المليونية : (مشروع إسرائيل الأخطر .. يدعمه الشيطان الأكبر) وكذا (أمريكا أم الكيان .. في الإجرام وفي العدوان) ، وتكشف هذه الهتافات عن وضوح الرؤية لدى الشعب اليمني تجاه التحالفات العالمية، وتضع الولايات المتحدة في موقع المسؤولية المباشرة عن العدوان، باعتبارها الحامي السياسي والعسكري للكيان الصهيوني، وتُحمّلها تبعات الجرائم في غزة واليمن وسائر الجبهات.

 

وفي هتافات ذات بعد ثوري ، هتفت الجماهير اليمنية : (نصر الله شهيد الأمة .. أنقذها في زمن الظلمة) وكذا (دم شهيد الإنسانية .. سوف يزيل الصهيونية) وفي هذه الشعارات إحياء لرمزية الشهداء، وتأكيد على أن دماء القادة المقاومين لا تموت، بل تُلهم الشعوب وتُشعل الثورات، كما تعكس مكانة الشهيد السيد حسن نصر الله، والسيد هاشم صفي الدين في الوجدان الشعبي كرموز للمقاومة والصمود.

 

الهتاف كأداة تعبئة ووعي

ما ميّز هذه الهتافات أنها لم تكن شعارات جوفاء، بل أدوات تعبئة شعبية واعية، تمزج بين الموقف السياسي والروحية الثورية، وتحمل رسائل موجهة للداخل والخارج، فللداخل ، كانت هذه الهتافات رسائل تأكيد على وحدة الجبهة اليمنية واصطفافها خلف القيادة الثورية، وأما الرسالة الموجهة للعدو للعدو ، فقد كانت رسالة ردع واضحة بأن الشعب كله في حالة تعبئة واستعداد، وشوق للمواجهة والثأر لكل المستضعفين ، ولأحرار الأمة فقد مثلت الهتافات دعوة للاستفاقة والانخراط في معركة المصير المشترك.

خاتمة .. الصوت الذي لا يُقمع

الهتافات التي دوّت في صنعاء ومختلف المحافظات الحرة، كانت أكثر من مجرد عبارات؛ كانت صوت شعب لا يُقهر، وبوصلة لا تنحرف، وإرادة لا تنكسر، وفي زمن الاصطفافات المضللة والتطبيع المُخزي، يؤكد اليمن من خلال جماهيره المؤمنة الوفية، أن طريق الكرامة يمرّ من بوابة غزة، وأن الحق لا يُؤخذ إلا بالموقف والميدان والهتاف والسلاح إن لزم الأمر.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com