المواجهة على بوابة فيسبوك .. كيف تدار الحرب الإعلامية ضد الأصوات اليمنية المناهضة للعدو الصهيوأمريكي
لم تكن المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، هذا ما يواجهه الإعلاميون والناشطون اليمنيون المناهضون للعدو الصهيوأمريكي ، يستيقظون ليجدوا حساباتهم وقد اختفت من فيسبوك بلا سابق إنذار، الصفحة التي بنوها على مدى سنوات، بأرشيف كامل من المواقف والتحليلات والتوثيق والكشف للحقائق، تُمحى بضغطة واحدة، وكأن شيئاً لم يكن، المشهد يتكرر بطريقة تكاد تكون نسخة طبق الأصل في كل مرة، منشور ناقد، تقرير يكشف جانباً من حقائق المؤامرات والمخططات التي تحاك ضد اليمن، أو الجرائم ضد غزة، أو تعليق يهاجم السياسة الأمريكية والإسرائيلية، وبعدها بساعات أو أيام، يأتي القرار المعتاد، تم إغلاق حسابك لمخالفتك معايير المجتمع.
يمانيون / تقرير / طارق الحمامي
الجملة نفسها، والهدف نفسه، لم يعد أحد يصدق أن معايير المجتمع هي السبب الحقيقي، فالإعلاميون والناشطون اليمنيون الذين جرى حذف حساباتهم يعرفون جيداً أن المنصة لا تغلق حساباً مؤثراً بسبب بلاغات فردية فقط، ويعرفون أيضاً أن حسابات ضخمة تنشر خطاباً فاضحاً أو تحريضاً لا تُمسّ، بينما تُغلق حساباتهم بسبب منشورات تكاشف العالم بجرائم العدو الصهيوأمريكي وتكشف مؤامراته.
وهكذا، يصبح المشهد واضحاً ، أن منصة فيسبوك تتصرف بصفتها طرف في الصراع، لا مجرد وسيط تقني.
نشاط استخباري يدار بتنسيق من حزب الإصلاح
ترتبط هذه الإغلاقات المتكررة للحسابات مع نشاط إعلامي منسّق يعمل من تركيا، تحديداً من مجموعات مرتبطة بجناح حزب الإصلاح، حيث تدار هناك غرفاً إعلامية جاهزة دائماً لشن موجات تبليغ منظمة ضد حسابات يمنية مؤثرة، وهذه البلاغات تمثل واجهة يستخدمها فيسبوك نفسه كي لا يظهر بمظهر من يقمع الأصوات المخالفة مباشرة.
فالإعلاميون والناشطون الذين تُقفل صفحاتهم يعرفون جيداً أن مرتزقاً أو ناشطاً صغيراً لا يستطيع إسقاط حساباتهم مهما أبلغ.
ولكنها مرتبطة بالجيوش الإلكترونية الأكبر في المنطقة التي تدار من غرفة العمليات المشتركة للعدو الصهيوأمريكي، بل إن ما يحدث قد يكون أكبر من ذلك من خلال توجيه القرار من داخل منصة فيسبوك نفسها بايقاف هذه الحسابات
الانحياز جزء من الحرب الإعلامية
عمليات الحذف للحسابات لا يتم التعامل معها من الاعلاميين والناشطين اليمنيين، بوصفها تضاربًا في السياسات أو سوء فهم آلي، بل باعتبارها انحيازًا واضحًا تبديه إدارة فيسبوك تجاه سردية سياسية معينة، فالمنشورات التي تكشف جرائم العدو الصهيوأمريكي، وتنقل للعالم الحقائق المزودة بالأدلة المصورة بشأنها تبدو أكثر عرضة للإغلاق، بينما يستمر انتشار روايات أخرى من جهات تخدم توجه العدو وإن كانت أكثر حدّة دون أن تواجه بإجراءات مماثلة.
ولا تكتفي إدارة فيسبوك بتطبيق المعايير حد وصفها، بل تقوم بفرز غير معلن للمحتوى وفق حساسيته السياسية، وهو ما يجعل قضايا اليمن، خصوصًا ما يتعلق بالمواجهة مع النفوذ الأمريكي والإسرائيلي، ضمن الفئات الأكثر عرضة للتضييق.
وبالتالي فإن خلف كل عملية حذف، خيط يربطها بالأحداث، كلما تصاعد العدوان على غزة، أو اشتدت الحملات المناهضة للسياسات الأمريكية، أو ارتفعت وتيرة النشاط الإعلامي اليمني ضد الجرائم الصهيونية، يظهر الحذف من جديد، موجة تلو موجة، وكأنه جزء من جدول عمل خفي لا يراه أحد، لكنه يفرض نفسه على الساحة.
وبينما تُغلق الحسابات اليمنية المؤثرة يوماً بعد يوم، تتوسع صفحات أخرى تنطق بلسان روايات العدو، لا تُمسّ ولا تُقارب.
الخوارزميات تعرف طريقها، والحذف يعرف هدفه، ومعايير المجتمع تُستدعى كلما احتاجت إدارة فيسبوك غطاءً لشطب صوت جديد.
ختاماً
في النهاية، يجد الإعلاميون أنفسهم أمام الحقيقة التي أصبحت جزء من المواجهة وهي إن فيسبوك لم تعد مساحة متاحة كي يعبروا عن آرائهم بحرية، بل أصبح مساحة تنتقي من يتحدث، وتقرر من يجب أن يُسكت ما دام في مواجهة العدو الصهيوأمريكي.
وما يجري لحسابات الإعلاميين والناشطين اليمنيين ليس استثناءً، لكنه يبدو أكثر وضوحاً بأنها تمثل مصدر إزعاج للعدو من أي وقت مضى، وفي قلب هذا المشهد يظهر حزب الإصلاح بدوره النشط كجهة تساند موجات التبليغ، وتدفع الخوارزميات لتسريع قرارات الحذف، خصوصاً عندما تعلن القوات المسلحة اليمنية أو الجهات الأمنية المتخصصة عن إنجازات تتحول إلى أحداث كبيرة إعلامياً ، سواءً في الجانب العسكري أو الأمني وعناصر هذا الحزب جزء منها.