شتاء النازحين في غزة.. مأساة مفتوحة تحت خيام ممزقة وحصار متجدد

يمانيون | تقرير
تتواصل المأساة الإنسانية في قطاع غزة على وقع شتاء أكثر قسوة من سابقاته، حيث يعيش مئات آلاف النازحين عاماً ثانياً بلا مأوى حقيقي، وتحت خيام لا تقاوم الرياح ولا تصدّ الأمطار.

مشاهد الغرق، وتشرّد العائلات، وصراخ الأطفال الباردين داخل مخيمات النزوح، تحولت إلى صورة يومية تكثّف حجم الانهيار الإنساني الذي يخلّفه حصار كيان الاحتلال الصهيوني ومنع مواد الإيواء وتأخير إعادة الإعمار.

تتقاطع حكايات النازحين لتروي فصلاً آخر من فصول الألم الممتد، حيث لا حلول في الأفق، ولا استجابة تليق بحجم الكارثة.

خيام لا تصمد أمام المطر… والشتاء يضاعف الكارثة

حيث تتكدس آلاف العائلات في مخيمات النزوح داخل خيام مهترئة فقدت صلاحيتها قبل أن تُنصب، بينما تتحول الأمطار الغزيرة إلى فيضان يعصف بما تبقى من متاعهم.

أم فلسطينية تروي اللحظة التي غمرت فيها المياه خيمتها قائلة إن العائلة لم تكن مستعدة للعاصفة، وإن الملابس والفرش غُمرت بالكامل، حتى الحطب لم يعد يصلح للاشتعال.

مشاهد كهذه تجسد حقيقة المأساة: خيام تتمزق مع أول هبة ريح، وأرض موحلة، وسقف من قماش رقيق لا يصدّ المطر ولا البرد.

الأمهات في المخيمات يقضين ليالي كاملة في محاولة حماية أطفالهن من الغرق داخل الخيمة نفسها. أطفال يرتجفون برداً، وآباء يمضون الليل ينقلون المياه بالمجارف والأوعية.

ومع انعدام مواد العزل والتدفئة، يتحول كل مطر إلى كارثة جديدة.

حصار يخنق القطاع ويحوّل المعاناة إلى قدر يومي

المأساة ليست مناخية فقط، بل سياسية وإنسانية في جوهرها. فالحصار الذي يفرضه كيان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة يشكل العامل الأعمق في تكريس هذا المشهد.

استمرار القيود الصارمة على دخول مواد الإعمار ومستلزمات الإيواء يحرم النازحين من فرصة الحدّ الأدنى لتجاوز معاناتهم.

ورغم مرور وقت طويل على الدمار الكبير، لا تزال عملية إعادة الإعمار معلّقة بفعل التعطيل المتعمّد، ما يبقي عشرات آلاف العائلات في حالة انتظار مُنهِكة.

هؤلاء يعيشون بين بقايا منازل دمّرها العدوان، وفي مخيمات مؤقتة تحولت إلى إقامة قسرية طويلة الأمد.

انهيار نفسي واجتماعي يتفاقم مع طول المأساة

الأزمة هنا ليست مادية فقط، بل نفسية واجتماعية أيضاً، فالعيش المتواصل في الخيام، وانعدام الخصوصية، وتكرار الغرق، وفقدان الشعور بالأمان، كلها عوامل تترك آثاراً عميقة على الأسر الفلسطينية.

الأطفال يعانون أرقاً دائماً، والخوف من الليل والبرد، وفقدان بيئة تعليمية أو ترفيهية. النساء يتحمّلن عبئاً مضاعفاً في تأمين احتياجات الأسرة وسط ظروف شبه مستحيلة. أما الرجال فيواجهون شعوراً متزايداً بالعجز لعدم توفر العمل أو القدرة على تحسين الظروف.

ومع كل يوم أمطار، يتجدد الانهيار النفسي: خيام تنهار، أغطية لا تجف، أطفال يبكون من البرد، وآباء يحدّقون في السماء دون قدرة على صدّها.

غياب الحلول… وشتاء مفتوح على الأسوأ

ورغم دعوات الإغاثة والمطالبات الدولية، لا تزال الأزمة تراوح مكانها بلا حلول جذرية. الجهات الوسيطة تكتفي بالبيانات، والاحتلال يستمر في إحكام الحصار، فيما تغرق الخيام بالعائلات التي لم يعد لديها ما تحتمي به.

النازحون يرددون أن المشكلة ليست في المطر وحده، بل في غياب أي خطة لإعادة الإعمار أو توفير بدائل سكنية تحترم الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.

ومع دخول الشتاء الأكثر قسوة، تزداد المخاطر الصحية، وانتشار الأمراض، وتراجع القدرة على البقاء في الظروف الحالية.

ختاماً
ويبقى النازحون في قطاع غزة عالقين بين سماء تمطر برداً لا يرحم، وأرض تحاصرها سياسة التجويع والإغلاق.

ومع استمرار الحصار وتأخر إعادة الإعمار، تتسع مأساة المخيمات لتصبح شهادة يومية على المعاناة التي يدفع ثمنها المدنيون.

مشاهد الخيام الغارقة والوجوه المتعبة ليست سوى انعكاس لجرح مفتوح، ستظل آثاره تتعمق ما لم يُرفع الحصار، وتُستعاد القدرة على الحياة بحدها الأدنى.

You might also like