Herelllllan
herelllllan2

النفس الطويل … استراتيجية حماية الثورة وتطويق السعودية !

..( انهم يطوقون بترول الخليج والجزيرة من الجنوب )

يمانيون:

بقيام ثورة اليمن اصاب القوى الاستعمارية الذعر والخوف على مصالحهم الاقتصادية فكان القلق الأمريكي واضحا من ذلك التصريح .

ففي ال26 من سبتمبر عام 1962م اندلعت الثورة اليمنية التي انتظرها الشعب اليمني طويلا وكافح من اجلها واسقط جدار العزلة الى الابد وخرجت اليمن من عالم النسيان الى عالم الوجود .

ولهذا فقد هب في وجهه الثورة اليمنية عدوان خارجي وتحولت اليمن الى ميدان حرب طاحنة استمرت لسنوات.

الموقف الدولي أن ثورة 26 سبتمبر1962م شكلت فصلا حاسما في تاريخ الكفاح البطولي للشعب اليمني ولا يمكن مقارنتها بالانتفاضات التي لا تحصى والتلقائية التي حدثت في الماضي ضد الطغيان الداخلي والعدوان الخارجي فهي قفزة تاريخية كاملة وتحول سياسي نوعي وجذري في تاريخ اليمن كله .

وعلى الصعيد القومي والدولي رحبت الكثير من الدول بالجمهورية العربية اليمنية فاعترفت بها مصر في 29 سبتمبر 1962م ثم الاتحاد السوفيتي في اكتوبر ثم توالت الاعترافات من الجزائر وسوريا وتونس والعراق ولم ينتصف شهر نوفمبر الا وقد اعترفت باليمن أكثر من خمس وثلاثون دولة وقبل مندوبها في الأمم المتحدة في 20 ديسمبر 1962م .

كما أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تلبث ان اعترفت بالنظام الجمهوري في 19 ديسمبر 1962م ومعها كند واستراليا . ورفضت السعودية والأردن وايران وبريطانيا وفرنسا الاعتراف بالنظام الجمهوري .

فقيام الثورة اليمنية من اساسه كان من الناحية الاستراتيجية هجوما ثوريا عربيا معاكسا للهجوم الرجعى الذى انتزعت به القوى الاستعمارية دمشق من حضن الوحدة مع القاهرة حيث انه بعد عام واحد فقط من الانفصال قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م في اليمن بجنوب الجزيرة العربية فكان القلق الأمريكي منها ومن ذهاب القوات المصرية لليمن لمساعدة الثورة ( انهم يطوقون بترول الخليج والجزيرة من الجنوب ) .

التدخل الخارجي

وعبر الخمس سنوات الأولى من عمر الثورة كانت اليمن من صعده في أقصى الشمال الى عدن في أقصى الجنوب ساحة صراع لاهب وضار وغير مسبوق في تاريخ المنطقة العربية الحديث بين قوى استعمارية وقوى تحرر وطني .

حيث لم تلبث الجمهورية أن واجهت خصوما محليين وإقليميين ودوليين كثيرين وحشدت السعودية قوات مسلحة على طول الحدود مع اليمن استعدادا لدعم الإمام البدر في استعاده عرشه وفي المقابل وقفت مصر الى جانب ثورة 26 سبتمبر وبدأت مساعدتها العسكرية لمواجهة التآمر السعودية – البريطانية فوصلت إلى الحديدة طلائع من القوات المصرية وفي 10 اكتوبر1962م اعلن عن توقيع اتفاقية دفاع بين الجمهورية العربية المتحدة (مصر ) وبين الجمهورية العربية اليمنية لشرعنه وتقنين وجودها باليمن لمساعدة النظام الجمهوري الثوري. ومع تزايد الدعم السعودي من الشمال والبريطاني من الجنوب للملكيين زاد تواجد القوات المصرية في اليمن عدد وعتاد ودارت رحى حرب طيلة السنوات الأولى للثورة وسقوط العديد من الشهداء المصريين في اليمن اضافة الى وجود خلافات بين التيار الثوري والتيار التقليدي في الصف الجمهوري نفسه .

ومع اشتداد المعارك كان للجانب السياسي دورا من خلال عقد العديد من اللقاءات مع الملكيين وتدخلات وساطات عربية لسحب مصر قواتها من اليمن مقابل وقف السعودية للدعم التي تقدمه للملكيين .

النفس الطويل

في 24 ابريل 1964م عندما زار اليمن الرئيس جمال عبدالناصر عرض عليه الموقف العسكري للقوات المصرية في اليمن وكان يتلخص في ان قوات ضخمة تواجه قوات عصابات صغيرة وان هذا يؤدى الى خسائر فادحة .

وقد علمنا من الرئيس بان فكرة الانسحاب التي تراود بعض القادة غير واردة استراتيجيا واننا سنظل في اليمن حتى خروج اخر جندي بريطاني من عدن .

ووعد بأنه سيعقد اجتماعات مع القادة العسكريين في القاهرة لتقنين الموقف العسكري في اليمن ووضع سياسة جديدة لوجود القوات المصرية في اليمن .

حيث كان عدد الذين استشهدوا في اليمن عدد كبير جراء الكمائن المستمرة للقوات المنتشرة في كل اليمن اضافه الى ذلك كان هناك ازمة اقتصادية خانقة في مصر خاصة ان السلاح والذخيرة كانت مصر تدفع ثمنه سواء نقدا بالعملة الصعبة للاتحاد السوفيتي او بيع المصنوعات والخامات المصرية للسوفييت .

وفي اجتماع سرى عقد في القاهرة واشترك فيه قادة الاسلحة ظهرت (استراتيجية النفس الطويل ) وهي نظرية ليست جديدة في الساحة العسكرية وهي تعتمد على البقاء في منطقة ما أطول مدة ممكنة وبأقل الخسائر .

وعسكريا مجهدة في الخطوات الأولى لتنفيذها الا انها بعد ذلك تتيح للقوات الراحة وقد تؤدى سياسة النفس الطويل الى تحقيق جملة من الأهداف منها تقليل حجم القوات الموجودة في اليمن وبالتالي تقليل الانفاق وثانيا امكانية البقاء أطول مدة في اليمن وثالثا امكانية القضاء على حرب العصابات الى جانب تقليل الخسائر في الارواح التي تتم عن طريق الكمائن والهجوم على الوحدات الصغيرة .

تركيز القوات

وفي بداية فبراير 1965م بدأ تنفيذ سياسة النفس الطويل أو تجميع القوات وهذه السياسة تؤكد للسعودية بقاء القوات المصرية في اليمن وبالتالي سوف تنسف كل جهود السلام القادمة في شأن حرب اليمن بين مصر والسعودية .

فجاءت التعليمات من القاهرة إلى قيادة القوات المصرية في اليمن لتنفيذها وكانت تلك الخطوط العريضة تجميع القوات في (صنعاء – تعز – الحديدة ) وفي حالة اشتباك لابد ان يحسم بكل عنف وقوة وتشترك كافة الاسلحة في الردع والحسم وفيما يخص الهجوم على القوات المتجمعة أن تهاجم بعنف كل محاولة لتجميع قوات ملكية .

وبدأت القيادة المصرية في صنعاء تنفيذ خطة ( تركيز القوات ) في المناطق الأساسية وبذلك اصبح شمال اليمن خاليا تماما من القوات المصرية وقد دفع بذلك السعودية الى تشكيل جيش قوى من الملكيين لاحتلال الاماكن التي اخلاها الجيش المصري وكان هذا الجيش بقيادة الشيخ قاسم منصر حيث تمركز خارج العاصمة صنعاء وهدد الشيخ منصر باقتحام صنعاء .

ودارت اعنف معركة شهدتها اليمن من حيث القوات العددية الكثيفة من الجابين مع استخدام كافة الاسلحة ومشاركة الطيران الى جانب الجيش الجمهوري ونتج عنها آلاف الضحايا من الجانبين وانتهت المعركة بهزيمة الشيخ قاسم منصر .

وتدخل مستر روشان مندوب الصليب الأحمر الدولي لأخلاء القتلي . كون هذه المعركة من اشرس المعارك فقد قدر عدد جيش القوات المصرية 25 ألف جندي وضابط مع ألف من الجيش اليمني فيما قدرت قوات الشيخ قاسم منصر بحوالي 80 ألف مقاتل ولديهم كافة انواع الأسلحة واستمرت المعركة عدة اسابيع .

وبحلول شهر مايو 1966م خفض المصريون قواتهم الي عشرين الف مقاتل وتمركزت كل القوات في مثلث صنعاء وتعز والحديدة .

تطويق السعودية

لقد كان عبدالناصر يقول : ( معركة اليمن معركتنا وثورة اليمن ثورتنا … وأن تحرير اليمن هي خطوة في طريق التخلص من الصهيونية ).

وكان يرى ان (هناك يمنا واحدا جزأته المصالح الاستعمارية ) وقد عبر عن ذلك بوضوح في خطابه في صنعاء في 25 ابريل 1964م ( أهل حضرموت , وحضرموت كانت دائما جزءا من اليمن … وكانت عدن جزءا لا تتجزأ من اليمن وقد استغلت قوى الاستعمار البريطاني تخلف البلاد واحتلت عدن ثم بدأت تزحف لتحتل كامل اليمن ) .

واثناء خطابه في مدينة تعز اطلق جمال ذلك الانذار حين قال : (ان على بريطانيا ان تحمل عصاها وترحل من الجنوب اليمني ) حيث اكد ان هذا الانذار لم يذهب ادراج الرياح بل كان معززا بدعم سياسي وعسكري فعال لثورة 14 اكتوبر 1963 م بقيادة تنظيمها السياسي الجبهة القومية .

فقد اعتبر ذلك الانذار نقطة تحول في تاريخ اليمن ومولد حرب جديدة في جنوب اليمن والهدف من شن هذه الحرب هو اقلاق القوات البريطانية في جنوب اليمن وتخفيف الضغط على القوات المصرية الموجودة في كل انحاء اليمن وتشكيل قيادة من ابناء اليمن تتسلم مقاليد الامور بعد رحيل الاستعمار الانجليزي .

ومع تبنى الرئيس جمال لاستراتيجية النفس الطويل عام 1965م والبقاء لأطول فترة في اليمن ولن يخرج منها الا برحيل آخر جندي بريطاني من عدن جاءت عملية ( صلاح الدين ) وهي عملية منفصلة عن استراتيجية النفس الطويل لكنها مرتبطة بأهدافها وهي احدى القواعد الاساسية التي ترتكز عليها الاستراتيجية المصرية للبقاء في اليمن ولقد اقيمت قيادة عملية صلاح الدين في مدينة تعز القريبة من عدن فهدف العملية هي دفع لتحرير جنوب اليمن من الاحتلال الانجليزي ومن ثم الانطلاق الى ظفار ومسقط وعمان ومن ثم صوب الامارات المتصالحة لإقامة حزام حول المملكة العربية السعودية .

مستغلا ان الاستعمار الانجليزي قد انهكته حروب عبدالناصر في الدول العربية سواء في افريقيا او اسيا وقرر الرحيل .

كذلك ان الانباء القادمة من السعودية تؤكد ان ظلال حرب اليمن لا تترك ظلالها وبصماتها على القصور الملكية فقط بل وعلى كل مواطن في المملكة وان حرب اليمن قد ادت الى استيقاظ المواطن العربي في عمان والخليج العربي وانه سوف يثور في وجه المحتل البريطاني .

اجهاض المشروع لم يكن الوجود المصري العسكري في اليمن يعد عملا مقبولا من وجهة نظر امريكا ذلك انه كان يمثل تهديدا للنظم الملكية المحافظة التي لها علاقة طيبة مع الولايات المتحدة في المنطقة وعلى راسها السعودية وحيث تقع مصالح هامة للولايات المتحدة متمثلة في ابار البترول الخليجية الغنية .

ففي 4 اغسطس 1965م اعلنت وزارة الخارجية الامريكية انها (ستشجب أي هجوم تشنه مصر على المملكة العربية السعودية وانها تؤكد المحافظة على كيان المملكة ) وفي اول مايو 1966م كان الرئيس جمال قد صرح ( ان الجمهورية العربية المتحدة سوف تضرب قواعد العدوان في السعودية اذا عادت للعمل ضد الثورة اليمنية والشعب اليمني ) وقد جاء الرد الامريكي في تصريح بأن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالدفاع عن المملكة العربية السعودية .

إضافة إلى ذلك تزايد خوف وقلق امريكا من انسحاب البريطانيين من عدن مع طموح الرئيس جمال فيؤدي الى تواجد سوفيتي في قاعدة عدن ومن ثم السيطرة على المنابع البترولية في الخليج العربي .

لذلك وقف عدة قوى استعمارية كبرى على راسها امريكا وبريطانيا في مواجهة الأهداف والطموح والموقف للرئيس جمال بكثير من العناد والصلابة ولم تسمح تلك القوى ان يحقق اهدافه وان يمتد نفوذه الى باب المندب من جنوب البحر الاحمر ومن الشمال قناة السويس ثم الخليج العربي .

وما عدوان 5 حزيران 1967م على مصر الا لتحطيم ذلك المشروع واخراج القوات المصرية من اليمن نهائيا .

26 سبتمبرنت: علي الشراعي

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com