وترجل الكُمَاة

يمانيون/بقلم: عدنان باوزير*
هب أنك لم تسمع يوماً عن (الرهوي)، ولم تعرف (شرف الدين)، ولا تدري من يكون (بن عامر) أو (سيف) أو (المولد) أو (مجاهد) وغيرهم من شهداء الغارة الصهيونية على (حدة) الخميس الماضي، ثم شاهدت فيمن شاهد خبر أن هؤلاء قد قضوا في غارة بطائرات إسرائيلية على مقر اجتماعهم بصنعاء، وأكرر بطائرات إسرائيلية، أي بنفس الطائرات التي تقصف وتقتل وتدمر وتحرق في غزة كل يوم، ثم تساءلت : لماذا؟ فقيل لك : لقد كان انتقاماً من العدو على موقف اليمن المساند لغزة، فماذا ستسمي هؤلاء؟ شهداء أم قتلى أو حمقى أم ماذا؟ ماذا ستسميهم هه ؟؟ أترك الإجابة لك أنت بكل حرية ولا رقيب عليك خلا ضميرك.
بل هب أنك لم تسمع بشيء أسمه (أنsار الله) أصلاً، أو سمعت عنهم شذرات مما دأب على اجتراره الإعلام العربي المنبطح أو الإعلام العالمي المعادي بأنهم (حوثيون) (متمردون) و(جماعة إرهابية) قد سطت على السلطة في اليمن وفرضت أمر واقع، ثم عرفت أن هذه (الجماعة) مؤسسها شهيد، ورئيسها شهيد، ورئيس حكومتها شهيد، ووزراءها وقادتها العظام شهداء، فماذا ستسميها حينئذ أنت؟؟ هذه (الجماعة) التي قلبت الصورة النمطية البغيضة لليمني في أذهان العالم من جاهل فقير متخلف ومتسول، الى شيء آخر تماماً، وجعلت أسم هذا البلد الصغير الفقير المنسي القابع في الركن الجنوبي الغربي لقارة آسيا يرن في أسماع العالم، ويتبنى أعظم قضية إنسانية في العصر، قضية أثقلت ضمائر البشرية وكللت النظام العالمي بالعار وفضحت شعاراته ومنظماته وأكسسواراته الزائفة، فهل ستسمر بالتعامي وترديد ما تسمعه من ترهات كببغاء لعينة؟؟.
أن حكومة (التغيير) هذه وبغض النظر عن تقييمك لها، نجحت أم فشلت أو ما زالت تحاول، كل هذا خاضع للنقاش ومفهوم، ولكن هذه الحكومة والتي يتوزع وزراءها بين شهيد وجريح وناج بإعجوبة، وللأمانة لم تحاول أن تغيّر ما في نفوسها وحسب، بل حاولت تغيير ما في نفوس الأمة كلها.
لقد أرتقت كوكبة من الشهداء، نعم الشهداء، وأي شهداء، وأني أكاد أسمع حفيف أجنحة الملائكة، وأميّز أطيافها تتهادى في أضواء المولد الخضراء، تحف وتزف أرواحهم الطاهرة وهي ترتقي بطمأنينة وسلام الى بارئها في رحلة الخلود الأبدي، وفتش دائماً عن الخواتم كيف تكون، ففيها الفصل الشك واليقين.
خاتمة القول أن كل شيء بصنعاء صار استثنائي بكل المقاييس، الحياة والموت، الشجاعة والبسالة والصمود، الشهامة والنخوة والمروءة، الأخلاق والصدق والإيمان، كل شيء .. كل شيء، وأخشى أن تظنوا أني أوغل في المبالغة لو قلت أن ما يحدث لا يمكنني فهمه بالمعايير والمقاييس البشرية، لا يمكن، حقاً أعجز عن هذا، لأنه بالفعل قد تجاوز ذلك الى المقاييس الربانية، وأنت عزيزي القارئ حر في فهمك، لكنك لن تستطع مهما حاولت فهمه بالحسابات والمقاييس البشرية، وسوف يظل فهمك قاصرا ولن تجد له أي تفسير منطقي مقنع !!
*كاتب صحفي.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com