نص خطاب السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 12 ربيع الأول 1447هـ

حَيَّاكُم الله جَمِيعاً، أُرَحِّب بِكُم فِي كُلِّ سَاحَاتِ الاِحْتِفَال رِجَالاً وَنِسَاءً.

وَأَسْألُ اللهَ أَنْ يَكْتُبَ أَجْرَكُمْ، وَأَنْ يَتَقَبَّل مِنْكُم عَلَى هَذَا الإِحْيَاءِ العَظِيم لِهَذِهِ المُنَاسَبَةِ المُبَارَكَة.

هَذا الإحياء الذي لا مثيل له في كل أنحاء الأرض، هو من الشواهد الواضحة لقول رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”: ((الْإِيْمَانُ يَمَان، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة))، هذا الإحياء العظيم محبةً لرسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وتوقيراً وتعظيماً لرسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، هو من الإيمان.

 

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبِين، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبِين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

أَيُّهَـــــا الإِخْـــــــوَةُ وَالأَخَـــــــوَات فِي كُلِّ سَاحَات الاِحْتِفَال بِهَذِه المُنَاسَبَة المُبَارَكَة، يَا يَمن الإِيْمَان، وَيَا أَحْفَاد الأَنْصَار، يَا شَعْبَ المَحَبَّة وَالتَّوقِير لِرَسُوْل اللهِ “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”:

السَّــــــلَامُ عَلَيْكُـــمْ وَرَحْمَـــــةُ اللَّهِ وَبَـرَكَاتُـــــهُ؛؛؛

ومباركٌ لكم، ولكلِّ أبناء شعبنا، ولكلِّ المحتفلين بهذه المناسبة في كل أنحاء العالم، حلول هذه المناسبة الدينية المباركة: ذكرى مولد خاتم الأنبياء، رسول الله محمد بن عبد الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، الذي كان مولده مولداً للنور، وابتعثه الله رحمةً للعالمين، وخلاصاً للبشرية من ظلمات الجاهلية، وأُرَحِّبُ بِكُلِّ الحاضرين من أبناء الجاليات الإسلامية، من البلاد العربية وغيرها.

اليوم- وكما في كل الأعوام الماضية- يحتفل شعبنا العزيز بهذه المناسبة المباركة، بكل محبةٍ، وإعزازٍ، وتوقيرٍ، وتقديسٍ، وتعظيمٍ لرسول الله، وخاتم أنبياء الله، والرحمة المهداة، محمد بن عبد الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”:

–         عرفاناً للنعمة.

–         وشكراً لله.

–         وفرحاً وابتهاجاً وسروراً بفضل الله وبرحمته، كما قال الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس:58].

–         واحتفاءً برسول الله.

–         وتأكيداً متجدِّداً للولاء له.

–         وإحباطاً لكل مساعي الأعداء الشيطانية، الهادفة إلى الاستنقاص من مكانته في قلوب المسلمين، وفصلهم عن اتِّباعه والاقتداء به.

كما أنَّ شعبنا المسلم العزيز جعل من هذه المناسبة المباركة موسماً متميِّزاً، ينهل فيه من عطائها التربوي والثقافي، ويستضيء فيه من نور السيرة المباركة لرسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ويستلهم فيه منها ما يزيده إيماناً، ووعياً، وبصيرةً، وعزماً، وثباتاً، وجعل منها أيضاً موسماً للمبرَّات والإحسان، صلةً بما قبلها، وانطلاقاً منها بمكتسباتها الإيمانية العظيمة فيما بعدها، للتَّأسِّي والاقتداء بخاتم أنبياء الله، وترسيخ الصلة برسالة الله تعالى، في إطار التَّوَجُّه العملي لشعبنا العزيز، للتحرر من هيمنة الطاغوت والاستكبار، وتحقيق الاستقلال التام، على أساسٍ من هويته الإيمانية، وانتمائه للإسلام، وفي مرحلةٍ حمل فيها شعبنا العزيز راية الإسلام، مجاهداً في سبيل الله تعالى بثباتٍ، وعزمٍ، وشموخٍ، ووفاءٍ، واستبسالٍ، وتفانٍ، مذكِّراً للعالم أجمع بأمجاده في صدر الإسلام، حينما حملها آباؤه الكرام، يوم تخلَّى عنها غيرهم من قبائل العرب.

وبتلك الروح المعنوية، وذلك الوفاء العظيم للأنصار، في احتضانهم لرسالة الله تعالى، ونصرتهم لرسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، وعطائهم في سبيل الله بالغالي والنفيس، يحذو حذوهم أحفادهم أنصار العصر، شعب الإيمان والجهاد، في حمل الراية عالياً، نصرةً للإسلام، وسنداً للمسلمين المستضعفين، وإحقاقاً للحق، وتصدِّياً للطغاة الكافرين، وأعوانهم المنافقين.

لقد أتت هذه الذكرى، ونحن في أواخر العام الثاني، والعدوان اليهودي الصهيوني مستمرٌ على الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، والصهاينة اليهود وبشراكةٍ أمريكية، ودعمٍ غربي، يمارسون جرائم الإبادة الجماعية بكل وسائلها:

–         من قتلٍ بأفتك وسائل القتل، بما فيها الأسلحة المحرَّمة دولياً.

–         ومن تجويعٍ لمليوني إنسان، بما فيهم الأطفال والنساء والمسنُّون، في جريمة القرن، وفضيحة العصر المخزية للمتواطئين والمتخاذلين.

وبلغ إجمالي عدد الشهداء والجرحى والمفقودين، من الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، أكثر من (مائتين وأربعةٍ وثلاثين ألفاً)، منذ بداية العدوان قبل ستمائة وستةٍ وتسعين يوماً، في كل يومٍ منها شهداء وجرحى، وتعاظمت المأساة مع التجويع إلى درجة منع حليب الأطفال عن الأطفال.

إضافةً إلى الانتهاك المستمر بشكلٍ يومي لحرمة المسجد الأقصى المبارك، والتهديد القائم المستمر بهدمه، وممارسة كل أشكال الاعتداءات على الشعب الفلسطيني في الضِّفَّة الغربية، وفي سائر فلسطين، ومحاولة تضييع حق العودة على الشعب الفلسطيني في مختلف البلدان، وكل هذا يحدث بمرأى ومسمعٍ من دول العالم، ولكنَّ المؤسف أكثر: أنَّه يحدث في وسط المسلمين، تجاه شعبٍ هو جزءٌ منهم، وعلى بلدٍ هو جزءٌ من بلدانهم، في الوقت الذي يتفرَّج فيه معظمهم على ما يحدث، وكأنه لا يعنيهم، ولا يمتلكون أي مشاعر إنسانية، ولا يستشعرون مسؤوليتهم الدينية والأخلاقية، ولا يعون مخاطر التخاذل عليهم هم، ويتواطأ البعض الآخر مع العدو، مشجِّعين وداعمين لإجرامه، والله المستعان.

لقد كشفت مظلومية الشعب الفلسطيني، ومأساته الكبرى، وطريقة التعاطي معها من معظم المسلمين، في البلاد العربية وغيرها، مستوى الانحدار الرهيب على المستوى الإنساني والأخلاقي والديني، الذي وصلت إليه الأُمَّة الإسلامية، ومدى التأثير الخطير للحرب الناعمة الشيطانية، التي استهدفها اليهود بها، حتَّى أوصلوا أمة الملياري مسلم إلى حالةٍ مخزيةٍ من: الذل، والعجز، والاستكانة، والهوان، في مقابل حفنةٍ من اليهود الصهاينة، بالرغم من أنَّ المخطط الصهيوني لا يقف عند حدِّ السيطرة على فلسطين، وإبادة الشعب الفلسطيني المظلوم، بل إنَّ كبار مجرميه يجاهرون علناً بمخططهم الذي يستهدف كل المنطقة، تحت عنوان: [تغيير الشرق الأوسط] و[إسرائيل الكبرى]، وهم جادُّون في ذلك، بدوافعهم السيئة الفظيعة، من: أحقادٍ، وأطماعٍ، وآمالٍ شيطانية، وبما يشاهدونه من تخاذلٍ، وتواطؤٍ، واستسلامٍ مخزٍ ومهينٍ وفاضح لمعظم الشعوب والأنظمة والحكام، يغريهم بشكلٍ كبير.

وإنَّ الخطر الرهيب على أُمَّتنا الإسلامية: أن تستمر في هذه الوضعية الخطيرة جداً عليها، والمتنافية تماماً مع مبادئها ودينها، والمودية بها نحو الهلاك، والخسران، والاستعباد لأسوأ وأحقد وأجرم عدوٍ لها.

إنَّ طريق النَّجاة لأُمَّتنا الإسلامية، ليست في الإصرار على ذنبها العظيم في التخاذل، والتفريط في مسؤوليتها الجهادية المقدَّسة لنصرة الشعب الفلسطيني، والتفريط في دفع خطر اليهود عنها، ودرء شرهم وفسادهم، ووضع حدٍ لإجرامهم الرهيب، وهذا الذنب العظيم هو ناتجٌ أساساً عن وزرها الثقيل، في الإعراض عن القرآن الكريم، وعن الاهتداء والاقتداء برسول الله وخاتم أنبيائه، بكل ما لذلك من عواقب رهيبة في الدنيا والآخرة.

إنَّ هذه المناسبة المباركة: ذكرى مولد رسول الله محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، ونهضته العظمى بالرسالة الإلهية الخاتمة، التي غيَّرت وجه التاريخ، وأسقطت كيان الطاغوت، وأرست دعائم الحق، لهي فرصةٌ مهمة لاستلهام الدروس العظيمة، الهادية إلى الصراط المستقيم، إلى طريق العزِّ، والخلاص، والنجاة، وإعادة الصلة بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، وبحبل الله المتين، الذي ينتشل الأُمَّة من هُوَّة الهلاك، وبالاتِّجاه تحت راية الهدى، الذي أتى ليبقى إلى قيام الساعة، كما قال الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[الصف:8-9].

لقد ثبت فشل كلِّ الخيارات والبدائل التي تشبَّثت بها الأُمَّة، وبنت عليها توجهاتها، ومواقفها، ونظرتها، ورؤيتها، فلماذا لا تجرِّب العودة إلى القرآن الكريم، وإلى الرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”؟! فلا صلاح لهذه الأُمَّة، إلَّا بما صلح به أولها، ولا خلاص من الجاهلية الأخرى، إلَّا بنور الله، الذي أخرج الناس من ظلمات الجاهلية الأولى.

وُلِدَ رسول الله محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” من سلالة نبيِّ الله إسماعيل، ابن خليل الله ونبيِّه إبراهيم “عَلَيْهِمَا السَّلَام”، بمكَّة المكرَّمة، في عام الفيل، العام الذي أهلك الله فيه الجيش الموالي للروم، الذي اتَّجه غازياً لمكَّة، بهدف تدمير الكعبة المشرَّفة، ووأد المشروع الإلهي، في وقتٍ ظهرت فيه المؤشرات والدلائل على قرب مولد وقدوم منقذ البشرية، ومحطِّم الطاغوت: خاتم الأنبياء، وكانت تلك الآية العجيبة من أكبر الإرهاصات للقدوم المبارك، والتهيئة للرسالة الإلهية، وعزَّزت من مكانة الكعبة المشرَّفة، ومكَّة المكرَّمة، كمركزٍ دينيٍ مقدَّس، وتنطلق منه الرسالة الإلهية.

كما حدثت متغيِّراتٌ كونيةٌ كبرى، مقترنةً بمولده المبارك، منها: منع الجن والشياطين من استراق السمع في السماء، ورميهم بالشهب، كما ذكر الله ذلك في القرآن الكريم، وحكى عنهم قولهم عن ذلك: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا}[الجن:8-9].

ونشأ رسول الله محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” نشأةً مباركةً طيِّبةً، برعايةٍ من الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”، وإعدادٍ إلهيٍ لمهمته المقدَّسة الكبرى، سليماً من كلِّ دنس الجاهلية وغوايتها.

وفي مرحلة يتمه في طفولته، هيَّأ الله له العناية الكريمة من جده عبد المطلب بن هاشم، ومن بعد وفاة جده، من عمه أبي طالب، الذي استمر ما بعد الكفالة والرعاية في المساندة والنصرة إلى حين وفاته، قبل هجرة رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” من مكَّة.

وتميَّزت نشأة رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بتفرُّده العجيب في نماء كماله الإنساني، من: زكاءٍ، وسموٍ، ورشدٍ، وأمانةٍ، وحكمة، ومن التألق في سماء مكارم الأخلاق إلى مستوى العظمة، كما قال الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم:4].

وفي تمام شبابه وكماله، بعثه الله بالرسالة إلى العالمين، رحمةً للعالمين جميعاً، {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}[الأحزاب:46]، وأنزل عليه القرآن الكريم، الذكر الحكيم، والنور المبين، والمعجزة الخالدة، نوراً للعالمين، ومنهجاً عملياً يتَّبعه، ويسعى به لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، كما قال الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم:1].

وكان خلاص البشرية يتحقَّق بأن تترك ما لديها من مفاهيم ظلامية، ومعتقداتٍ باطلة، وأفكارٍ معوجَّة، وتصوُّراتٍ زائفة، وخرافية، وما ينتج عنها من أعمالٍ سيئة، ومفاسد رهيبة، ومظالم كبيرة، فقد جاءها النور والحق الخالص، الذي لا يشوبه أيُّ شائبة باطل، كما قال الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت:41-42]، وفي اتِّباعه الفلاح، والنَّجاة، والفوز العظيم في الدنيا والآخرة.

وجاءها المنقذ بذلك النور، رسول الله محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، بما يمتاز به من مؤهلاتٍ راقيةٍ وعظيمة، بلغ بها أعلى مراتب الكمال الإنساني، ومجسِّداً في زكائه، ورشده، وروحيَّته، وحكمته، للقرآن الكريم، وتجلَّت عظمة الرسالة الإلهية بالقرآن والرسول، بما تمتاز به:

–         من الحق الواضح، ومن قوَّته وبرهانه، {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}[الإسراء:81].

–         ومن توافقها مع الفطرة البشرية، التي فطر الله الناس عليها.

–         ومن معجزة القرآن الكريم في كل وجوه الإعجاز، من: حكمته وإحكامه، وعظمة هديه، وسعت معارفه، وبلاغته الخارقة، وأنباء الغيب فيه، وصونه عن التحريف، وحفظه للأجيال… إلى غير ذلك، فهو كما قال الله عنه: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}[الإسراء:88].

–         وبأنه مشروع الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى” لعباده، من منطلق رحمته، وملكه، وحكمته، وعزَّته، يحظى من آمن به، وتحرَّك على أساسه، بمعونته، ونصره، وما وعد الله به من وعوده في عاجل الدنيا وآجل الآخرة.

وتحرَّك به رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، يحمل الحرص العظيم على هداية الناس، بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم، إلى الدرجة التي قال الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى” عنها في القرآن الكريم: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:3]، وقال “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة:128].

بهذا النور العظيم، والحق الواضح، تحرَّك رسول الله محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، لإنقاذ البشرية، ولما فيه صلاح حياتها في الدنيا والآخرة، مبلِّغاً لرسالة الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى” بأرقى مستوى، وبدأ مشواره في تبليغ الرسالة من موطنه في مكَّة المكرَّمة، حيث أمضى فيها ثلاثة عشر عاماً من: التبليغ، وإقامة الحُجَّة، والدعوة إلى الإسلام، وبناء نواةٍ مؤمنةٍ للأُمَّة المسلمة.

إلَّا أنَّ مجتمع مكَّة لم يحظَ بالتوفيق للشرف العظيم، في أن يكون حاضناً للرسالة الإلهية، ووصل به الحال في التكذيب، والصدِّ، والإعراض، كما قال الله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[يس:7]، وكان من أبرز المؤثِّرات السيئة عليهم:

–         ارتباطهم الشديد برموز وقادة الكفر، من الطغاة المجرمين، والملأ المستكبر.

–         إضافةً إلى توجُّههم المادي، وأطماعهم ومعاييرهم المادية.

ومن بين كلِّ القبائل العربية، التي عرض النَّبِيّ “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” عليها الهجرة إليها، في موسمين من مواسم الحج، حظي (الأوس، والخزرج) اليمانيون القاطنون في يثرب (المدينة المنوَّرة) بالشرف العظيم، فهاجر رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” إليهم، وأصبح بلدهم موطناً تكوَّن فيه المجتمع المسلم من مهاجرين وأنصار، وبدأت مرحلةٌ جديدة من التمكين للرسالة الإلهية، ودين الله الحق، وعمل رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” على بناء أُمَّةٍ قويةٍ، تتمكَّن من العمل بمنهج الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”، وهديه العظيم، وتتحرَّك به نوراً للعالمين، وخلاصاً للمستضعفين، وصلاحاً يهتدي به من اتَّبعه من الناس.

لكنَّ قوى الطاغوت المرتبطة بالشيطان، من مشركي العرب، ومن اليهود، ومن النصارى، اتَّجهت لمحاربة الإسلام بكل الوسائل، ومن ذلك: المحاربة عسكرياً، تتويجاً لحربهم الدعائية، التي كانت منذ بداية تحرُّك الرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” بالرسالة الإلهية، ومحاولاتهم المتكرِّرة لاغتياله، واضطهادهم للمستضعفين المسلمين، وقد تجلَّى في ميدان المواجهة، وفي مقابل أعتى التحديات: أنَّ الإسلام دينٌ لا يقبل الهزيمة، وأنَّه مشروعٌ للانتصار لأُمَّةٍ تلتزم به، وتهتدي بنوره، وتحمل رايته، وتتحرَّك على أساسه، حيث أنَّه يتوفَّر فيه أعظم عناصر القوَّة، وأسباب الانتصار:

–         وفي مقدِّمة ذلك: الصلة بالله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”، وبمعونته، وتأييده، ونصره.

–         والقوَّة المعنوية الإيمانية العظيمة.

–         والأسباب العملية وفق سُنَنِ الله، ووفق تعليماته الحكيمة.

ولـذلك فَشِلَت وهُزِمَت كل القوى والكيانات التي حاربت الإسلام آنذاك، بالرغم مما تمتلكه من إمكانياتٍ ماديةٍ وعسكريةٍ هائلة، ومما هي عليه من المكر، والدهاء، والخبث، والحيلة، والخداع، كاليهود، الذين حاربوا الإسلام بمختلف تجمُّعاتهم المتوزِّعة في مستوطناتٍ متفرِّقة، أنشأوا لهم فيها الحصون المنيعة، وأعدُّوا العُدَّة العسكرية، وتمكَّنوا من تأليب العرب ليحاربوا الرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وكان من ذلك: تأليبهم وتخطيطهم لأكبر هجومٍ عسكريٍ استهدف المسلمين إلى المدينة، في أكبر جمعٍ عربيٍ مقاتل ضد رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” والمسلمين، في غزوة الأحزاب، المعروفة بـ (غزوة الخندق)، وكان فيها ما ذكره الله في القرآن الكريم في (سورة الأحزاب)، وما قبلها وما بعدها كانوا في تآمرٍ مستمر، وتأليبٍ دائم، ومكرٍ كبير، يستهدفون به الرسول والمسلمين والإسلام.

إلَّا أنَّ رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، وبهداية الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى” ونوره، واجههم بمستوىً متقدِّمٍ وعظيم، أفشل كل مساعيهم الشيطانية، في حربهم الناعمة، التي حاولوا من خلالها اختراق المجتمع المسلم؛ بهـدف إضلاله وإفساده وتفريقه؛ فحرَّم الولاء لهم، والعلاقة معهم، وبقيت الصلة بهم منحصرةً من جانب المنافقين، الذين احتفظوا بعلاقات التآمر معهم، وقال الله عنهم في القرآن الكريم: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}[النساء:138-139]، وقال عنهم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}[المجادلة:14].

وكان موقف القرآن الكريم، والرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، حاسماً مع اليهود وسائر الكافرين، وكذلك المنافقين، كما في الآية المباركة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[التوبة:73].

وتمكَّن رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” من تطهير الجزيرة العربية من رجسهم ونفوذهم، ووجَّه لهم ضرباتٍ قاضية على هامش حركته الجهادية، في مختلف تجمُّعاتهم، في: بني قينقاع، وبني النظير، وبني قريظة، وخيبر، وفدك، وبقيَّة تجمُّعاتهم في وادي القرى… وغيره.

كما واجه أيضاً إمبراطورية الرومان، وارتقى بالمسلمين إلى مستوى الجهوزية للفتوحات الكبرى، وطهَّر الجزيرة العربية من قوى الطاغوت والشرك، وفتح الله له مكَّة، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وانتقل بالمسلمين إلى أرقى مستوى بين الأمم والمجتمعات والأقوام، يتميَّزون برسالة الإسلام، في نورها، وعدلها، وخيرها، وقوَّتها.

وكان الجهاد في سبيل الله تعالى جزءاً أساسياً من المشروع الإلهي، والرسالة الإلهية، وموقعه في تعاليم الله تعالى من الفرائض الكبرى، والواجبات الإلهية، التي يؤدِّي الإخلال بها:

–         إلى اختلال واقع الأُمَّة في بقيَّة المجالات، كما قال الله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}[البقرة:251].

–         وإلى إفساح المجال لقوى الشر والإجرام، والظلم والطغيان، والإفساد والإضلال، لتسيطر على المجتمعات، وتتمكَّن من الاستعباد للناس.

لقد كشف القرآن الكريم، في آياتٍ كثيرة، حقيقة الصراع مع فريق الشر والإجرام من أهل الكتاب، وفي مقدِّمتهم: اليهود، وقدَّم الهدى الكامل، الذي يكفل للأُمَّة الإسلامية الوقاية من شرِّهم، ودرء خطرهم، والانتصار عليهم، إلَّا أنَّ مشكلة المسلمين هي في الإعراض عن القرآن الكريم، وعن النموذج الذي تحرَّك على أساسه عملياً، وحقَّق أتمَّ النجاح في الواقع، وهو رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”.

وإضافةً إلى التفاصيل الدقيقة، فقد أوضح بشكلٍ حاسم الحقائق الكبرى عن مآلات هذا الصراع في (سورة الإسراء)، وكان الإسراء بالنَّبِيّ “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى المبارك قبل هجرته من مكَّة، وكشفت الآيات المباركة مستقبل الصراع بين المسلمين وأعدائهم من اليهود الصهاينة الإسرائيليين، وعن الدور التخريبي المفسد، الذي يقوم به أولئك اليهود المجرمون في الأرض، وعن عتوِّهم، واستكبارهم، وإجرامهم، وظلمهم، وعن عاقبتهم المحتومة، بتسليط الله عليهم عباده أولي البأس الشديد، ونهاية ما هم عليه من العلو والطغيان والاستكبار.

وأوضح في (سورة المائدة) أيضاً الخسارة المحتومة للذين يتولونهم من المنتمين للإسلام، من المنافقين، والذين في قلوبهم مرض، وأيضاً حقيقة النصر والغلبة، للذين يتحرَّكون وفق المواصفات التي ذكرها في الآيات المباركة، في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:54-56].

إنَّ من واجب المسلمين جميعاً: أن يعيدوا صلتهم بالقرآن الكريم اتِّباعاً واهتداءً، وبالرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” اقتداءً وتأسِّياً، كما قال الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21].

وإنَّ من أبرز ما حفلت به سيرته في القرآن الكريم، وفي ما نقله التاريخ، هو: الجهاد في سبيل الله تعالى، بل كانت الميزة المهمة، الشاهدة على مصداقية الانتماء الإيماني، هي: الجهاد في سبيل الله تعالى، كما في آياتٍ كثيرة، منها قول الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة:88-89].

ولم يتوانَ “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ” عن مواصلة الجهاد، والتَّصَدِّي للأعداء، ودفع شرِّهم وفسادهم، حتَّى حطَّم كيان الطاغوت، وثبَّت دعائم الإسلام، وأحقَّ الله بجهاده وجهوده ومساعيه العظيمة الحق، وأزهق الباطل، وتصدَّى لكل التَّحَدِّيَات، متوكِّلاً على الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”، واثقاً بنصره، مقدِّماً التضحيات، وصابراً على كل أنواع المعاناة، لا يَكِلُ ولا يَمَلّ، حتَّى لقي الله تعالى على ذلك.

وهكذا كانت مسيرته بالقرآن والرسالة: مسيرة هدايةٍ، وتزكيةٍ، ورحمةٍ، وجهاد، وإحقاقٍ للحق، وإزهاقٍ للباطل، وإرساءٍ لدعائم الإسلام، وإقامةٍ للقسط، وتحريرٍ للناس من العبودية لغير الله، {مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}[الأحزاب:45-46]، فَصَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ.

إنَّنـــا في هــذا اليـــوم المبـــارك، وهـــذه المناسبـــة المجيـــدة:

–         نؤكِّد ثبات شعبنا اليمني المسلم العزيز على انطلاقته الإيمانية، في التَّمَسُّك بالقرآن الكريم، والاقتداء بخاتم النبيِّين “صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وفي رفع راية الجهاد في سبيل الله تعالى، والمواجهة لطاغوت العصر المستكبر، العدو الإسرائيلي، واليهود الصهاينة، ومن يقف معهم من أتباع الصهيونية الظلامية المفسدة، أمريكا وغيرها، وسائر أعداء الإسلام.

–         ونؤكِّد ثبات موقفنا في نصرة الشعب الفلسطيني.

–         كما ندعو كلَّ المسلمين، وكلَّ ذوي الضمائر الإنسانية الحيَّة، إلى الوقوف مع الشعب الفلسطيني؛ لمنع الإجرام اليهودي الصهيوني، الذي يرتكب الإبادة الجماعية، ويمارس التجويع لمليوني إنسان، في جريمةٍ رهيبة، يندى لها جبين الإنسانية.

–         كما ندعو أهل الكتاب في كل أقطار الدنيا، بدعوة الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”، التي هي أرقى دعوة، دعوةٌ منصفة، دعوةٌ يتحقَّق بها الخير في الدنيا والآخرة، ويتحقَّق بها السَّلام على أرقى مستوى بين المجتمعات البشرية، قال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران:64].

ويا شعبنا العزيز، يا من أحيا هذه المناسبة أعظم إحياء، وهو في مسيرته العملية، مواصلاً السير في درب آبائه الأوائل، نصرةً للرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، ونصرةً للإسلام، واستجابةً لله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”، ومحبةً لرسوله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”:

أَسْألُ اللهَ أَنْ يَكْتُبَ أَجْرَكُم عَلَى هَذَا الحُضُورِ العَظِيم، الَّذِي لَا مَثِيلَ لَهُ فِي إِحْيَاء هَذِهِ المُنَاسَبَة عَلَى وَجهِ الأَرْض، وَأَنْ يَتَقَبَّل مِنْكُم، وَأَنْ يُبَارِكَ فِيكُم، وَأَنْ يَكْتُبَ أَجْرَ كُلِّ العَامِلِين، وَالأَمْنِيِّين، وَالقَائِمِين عَلَى تَنْظِيمِ وَتَأمِينِ هَذِهِ المُنَاسَبَة، وَسَائِرِ الأَعْمَالِ فِيهَا، وَأَيْضاً أَصْحَاب وَسَائِلِ النَّقل، الَّذِين قَامُوا بِدَورٍ عَظِيم فِي نَقلِ كُلِّ الحَاضِرِين وَالمُشَارِكِين فِي سَيَّارَاتِهِم وَوَسَائِلِ النَّقل.

وَأَسْألُ اللهَ أَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء.

وَالسَّـــــلَامُ عَلَـيْكُـــمْ وَرَحْـمَـــــةُ اللَّهِ وَبَــرَكَاتـــُهُ؛؛؛

رَعَاكُم الله، كَتَبَ اللهُ أَجرَكُم، وَبَارَك فِيكُم.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com