السيد القائد يشخّص واقع الأمة ويقدّم معالجات قرآنية ونبوية للخروج من الانحدار

في لحظة فارقة تمرّ بها الأمة الإسلامية، حيث تزداد الأزمات وتتضاعف المآسي، وتُرتكب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني في وضح النهار، تأتي مناسبة المولد النبوي الشريف هذا العام محطة إيمانية وسياسية شديدة الأهمية. إنها ذكرى مولد خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله “صلى الله عليه وعلى آله”، الذي بُعث برسالة عظيمة حررت الإنسان من عبادة الطغاة، وأرست دعائم العدل والكرامة والسيادة.

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

 

وفي هذا السياق، أتى خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله في ذكرى المولد النبوي، ليشكّل صرخة وعي، ونداءً تحذيريًا، وطرحًا إنقاذيًا، وضع من خلاله إصبعه على الجراح العميقة التي تعاني منها الأمة، محددًا بوضوح أسباب الانحدار، ومقدّمًا حلولًا متجذّرة في القرآن الكريم وسيرة النبي الأعظم صلوات الله عليه وآله وسلم.

أهمية الخطاب تتعاظم في ظل ما نشهده من فشل متكرر للخيارات السياسية والدبلوماسية والمبادرات العبثية، مقابل مشروع صهيوني يتمدد ويستقوي بتخاذل الأمة، ومن هنا، فإن الرؤية التي قدّمها السيد القائد لا تمثل مجرد توجيه ديني، بل خطة استراتيجية شاملة تستنهض الأمة من داخلها، وتدعوها إلى استعادة هويتها ودورها الحضاري، عبر الجهاد الواعي، والانتماء الحقيقي، والارتباط الصادق بمصدر قوتها، القرآن والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

 

تشخيص الواقع .. انحدار مخزٍ نتيجة الحرب الناعمة والاستكانة

أوضح السيد القائد يحفظه الله في خطابه أن مأساة غزة، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة وتنكيل على يد العدو الصهيوني، كَشَفت مستوى الذل والعجز والهوان الذي وصلت إليه الأمة، ليس فقط على مستوى الأنظمة والحكومات، بل أيضًا في أوساط الشعوب، وبيّن أن هذا التخاذل لم يكن ناتجًا عن الضعف المادي بقدر ما هو نتيجة للحرب الناعمة التي شنّها أعداء الأمة، وفي مقدمتهم اليهود، على الوعي والثقافة والانتماء الإيماني.

ولفت السيد القائد إلى أن المشروع الصهيوني لا يقف عند حدود فلسطين، بل يمتد إلى كامل المنطقة تحت عناوين “تغيير الشرق الأوسط” و”إسرائيل الكبرى”، مؤكدًا أن الصهاينة يغتنمون حالة التواطؤ والتخاذل المخزي الذي يطبع مواقف معظم الأنظمة العربية والإسلامية، بل وحتى قطاعات واسعة من الشعوب.

 

تحذير شديد .. استمرار هذا الواقع يقود إلى الهلاك والاستعباد

حذّر السيد القائد بشدة من أن استمرار الأمة في هذا المسار المتنافي تمامًا مع مبادئ الإسلام ودينها وهويتها، سيؤدي بها إلى الخسران والهلاك، والاستعباد على يد أعدى أعدائها اليهود الصهاينة، الذين لا يخفون نواياهم ولا يواربون في أطماعهم تجاه الأمة.

وأكد أن الذنب الأعظم الذي ارتكبته الأمة هو تخليها عن مسؤوليتها الجهادية والدينية تجاه نصرة الشعب الفلسطيني، ودفع خطر العدو، ووضع حد لإجرامه، مشددًا على أن هذا التفريط ناتج في جوهره عن الإعراض عن القرآن الكريم، والانفصال العملي عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

 

المعالجة الجوهرية .. العودة إلى القرآن الكريم والاقتداء برسول الله

طرح السيد القائد في خطابه حلاً واضحًا ومباشرًا لحالة السقوط والانحدار، يتمثل في العودة الصادقة للقرآن الكريم والاقتداء الحقيقي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مشيرًا إلى أن المولد النبوي ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل محطة سنوية يجب أن تُستثمر في إعادة ربط الأمة بمنهج النبوة وطريق الهداية.

ودعا المسلمين في كل مكان إلى أن يجعلوا من هذه المناسبة فرصةً لاستلهام الدروس العظيمة من سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتشبث بحبل الله المتين، والتوجّه العملي تحت راية الهدى، مذكرًا بقول الله تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ • هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}
[الصف: 8–9]

 

الجهاد في سبيل الله .. جوهر الانتماء للقرآن والرسول

في مقطع بالغ الأهمية من خطابه، دعا السيد القائد المسلمين جميعًا إلى إعادة صلتهم بالقرآن الكريم اتباعًا واهتداءً، وبالرسول محمد صلوات الله عليه وآله وسلم، اقتداءً وتأسّيًا، مؤكدًا أن الانتماء الحقيقي للقرآن والرسول يظهر في ميادين الجهاد والعمل والمسؤولية.

وأوضح السيد القائد أن من أبرز معالم السيرة النبوية في القرآن الكريم، وفي كتب التاريخ، هو الجهاد في سبيل الله، مبينًا أنه كان الميزة الفارقة التي تميز المؤمنين الصادقين من غيرهم، مستشهدًا بقوله تعالى: {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ • أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ…} [التوبة: 88–89]

من هنا، دعا السيد القائد إلى استعادة مفهوم الجهاد الواعي والمسؤول في وجه الطغيان والعدوان الصهيوني، معتبرًا أن التخلي عنه كان سببًا أساسيًا في ما وصلت إليه الأمة من ذلٍ وتراجع.

 

لا خلاص إلا بالعودة الصادقة إلى منهج النبوة

اختتم السيد القائد خطابه برسالة واضحة، كل محاولات الإصلاح والنهضة التي قامت بها الأمة بعيدًا عن القرآن والنبي قد فشلت، وحان الوقت لتجربة الخيار الذي نجح في بدايات الأمة، العودة إلى القرآن الكريم، والاقتداء برسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله، وأكد أن لا صلاح للأمة إلا بما صلح به أولها، ولا خلاص من الجاهلية المعاصرة إلا بنور الله وهدي نبيه، متسائلاً: لماذا لا تجرّب الأمة العودة إلى القرآن الكريم وإلى الرسول؟

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com