العملية اليمنية على مطار رامون.. اختراق أمني يعصف بمنظومات الدفاع الصهيونية
يمانيون | تقرير تحليلي
شكّلت العملية اليمنية التي استهدفت مطار رامون في أم الرشراش (إيلات) صفعة أمنية وعسكرية غير مسبوقة للكيان الصهيوني، ليس فقط لنجاحها في إصابة هدف حيوي في ذروة الاستنفار الأمني، بل لأنها عرّت بشكل مباشر عجز منظومات الدفاع والرادارات عن رصد الطائرة المسيّرة التي نفذت الضربة.
ثغرات دفاعية خطيرة
بحسب اعتراف إعلام العدو ومصادره الأمنية، فإن المسيّرة لم تُكتشف لا عبر الرادارات ولا أنظمة الدفاع الجوي، ولم تُفعّل صافرات الإنذار داخل المطار، وهو ما يعني أن الجيش لم يعلم بالمسيرة إلا بعد إصابتها الهدف.
هذا التطور يطرح أسئلة وجودية داخل الكيان حول مدى فعالية القبّة الحديدية والمنظومات المتعددة التي طالما سوّقها الاحتلال باعتبارها الأكثر تطورًا في العالم.
العملية أصابت منطقة ملاصقة لمبنى المسافرين في مطار رامون، الذي يُعد المطار المركزي للرحلات الداخلية نحو الجنوب، كما يشكّل بوابة سياحية دولية تستقبل رحلات مباشرة من الخارج. خطورة المشهد تكمن في أن الضربة جاءت في قلب منشأة مدنية مزدحمة، في وقت يُفترض أنه الأشد تحصينًا، ما يجعلها رسالة مركبة تتجاوز البعد العسكري إلى البعد الاقتصادي والسياحي والدبلوماسي.
ما بعد الاعتداء الجبان
اللافت أن الضربة اليمنية جاءت بعد أسبوع واحد فقط من العملية الجبانة للكيان باستهدافه لقيادة الحكومة في صنعاء، كان يروّج لها في إعلام العدو بأنها ناجحة جدًا.. غير أن الرد اليمني أكد أن تلك العمليات لم تُضعف القدرات الصاروخية والمسيّرة، ولم تمنع اليمن من تنفيذ ضربات نوعية معقّدة.
هذا يعكس أن الحرب بالنسبة لصنعاء لم تعد في إطار رد فعل محدود، بل أصبحت جزءًا من معادلة الردع الاستراتيجي التي تتنامى مع استمرار العدوان على غزة.. ومع كل تصعيد ميداني في القطاع، يفتح اليمن جبهة إسناد تضغط على العدو من الخاصرة الجنوبية لفلسطين المحتلة.
عجز إسرائيلي عن المواجهة
إعلام العدو نفسه أقرّ بأن منع هذه الضربات بشكل كامل أمر شبه مستحيل، لاعتبارات جغرافية واستراتيجية:
-
اليمن بلد واسع، يتيح إطلاق الصواريخ والمسيّرات من مواقع متعددة.
-
استحالة نشر سفن أو طائرات إسرائيلية بشكل دائم قبالة السواحل اليمنية.
-
محدودية القدرات الاستخباراتية في تتبع التحركات اليمنية مقارنة بحجم المساحة والقدرات المحلية المتنامية.
كل هذه المعطيات تجعل الكيان في موقع المتلقي، عاجزًا عن منع التهديدات بشكل كامل، ومضطرًا للبحث عن تحسين قدراته الدفاعية والاستخباراتية بدل الاكتفاء بدعم أمريكي أو غربي أثبت أنه غير قادر على وقف العمليات اليمنية.
تبعات استراتيجية واقتصادية
إصابة مطار رامون تفتح الباب أمام جملة تبعات حساسة:
-
سياحية واقتصادية: شركات الطيران والسياح الدوليون سيعيدون النظر في الرحلات المباشرة نحو إيلات، ما يهدد قطاعًا يعتمد عليه الكيان لتثبيت صورة “الاستقرار”.
-
دبلوماسية: العجز عن حماية مطار مدني سيحرج الكيان أمام حلفائه الغربيين، الذين يتعرضون لضغوط من شركاتهم وشعوبهم بشأن سلامة الرحلات.
-
عسكرية وأمنية: فشل الإنذار المبكر في هذا الهجوم قد يفرض إعادة صياغة كاملة لعقيدة الدفاع الجوي الصهيونية، التي باتت في مرمى السخرية الداخلية والخارجية.
سياسة التكتّم والتعتيم
كالعادة، لجأ العدو إلى التكتّم على حجم الخسائر الفعلية، مكتفيًا بالاعتراف بوقوع إصابة “قريبة جدًا” من مبنى المسافرين. هذه السياسة الإعلامية تعكس مأزق الاحتلال في مواجهة الأسئلة المتزايدة من جمهوره حول:
-
كيف لدولة محاصرة منذ عقود مثل اليمن أن تطور قدرات تتجاوز الرصد والاعتراض؟
-
ولماذا تفشل كل العمليات والاغتيالات في وقف هذه التهديدات المتصاعدة؟
خلاصة
العملية اليمنية على مطار رامون لا تمثل مجرد ضربة تكتيكية عابرة، بل هي اختراق نوعي لمفهوم الأمن الإسرائيلي في الجنوب، ورسالة استراتيجية تقول إن كل مطارات ومنشآت الكيان الحيوية باتت في مرمى الاستهداف.
وبقدر ما تعكس العملية تصاعد قدرات صنعاء العسكرية والاستخباراتية، فإنها بالمقابل تُظهر هشاشة منظومات الاحتلال التي عجزت عن حماية أهم مرافقه المدنية. ومع استمرار العدوان على غزة وتصاعد التورط الصهيوني في حرب اليمن، يبدو أن القادم سيحمل المزيد من المفاجآت التي قد تعيد رسم قواعد الاشتباك في المنطقة بأسرها.