استهداف مطار رامون.. ضربة يمنية نوعية تهز أمن الكيان واقتصاده وتكشف فشله الاستراتيجي

يمانيون | تقرير تحليلي
أشعلت عملية استهداف القوات المسلحة اليمنية لمطار رامون في أم الرشراش المحتلة (إيلات) عاصفة من الجدل داخل الصحافة الصهيونية، وأربكت حسابات الخبراء والمحللين العسكريين في كيان الاحتلال.

فقد اعتُبرت العملية حدثاً استثنائياً يرقى إلى مستوى مرحلة متقدمة في المواجهة المفتوحة بين صنعاء وتل أبيب، بعد نحو عامين من الضربات المتواصلة التي كسرت جدار الردع المفترض وأعادت صياغة معادلات الأمن الإقليمي.

صدمة داخل الإعلام الصهيوني

صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية وصفت إصابة الطائرة المسيّرة اليمنية لمطار رامون بأنها “إنجاز إضافي” يُضاف إلى سلسلة الضربات النوعية التي حققتها صنعاء خلال الحرب الجارية، مشيرة إلى أن هذه النجاحات لم تقتصر على شمال فلسطين المحتلة بل وصلت إلى أقصى الجنوب في أم الرشراش، وهو ما أحدث تأثيراً كبيراً على كيان العدو سياسياً واقتصادياً.

أما صحيفة جيروزاليم بوست فاعتبرت العملية إحدى أخطر الضربات اليمنية منذ أكثر من عام، وأكدت أن سلاح الجو الصهيوني لم يوضح حتى الآن كيفية اختراق الطائرة المسيّرة لمنظومات الدفاع الجوي، مرجحة أن الهجوم نُفذ باستخدام تكتيكات معقدة تقوم على التشتيت والمفاجأة.

الصحيفة نفسها نقلت عن مسؤولين في حكومة العدو تحذيراتهم من خطورة قدرة اليمنيين على التكيف المستمر مع الإجراءات المضادة، بما يجعلهم في موقع المباغتة الدائمة.

من جانبها، شددت صحيفة معاريف على أن استهداف مطار رامون قد يفضي إلى أضرار وخيمة في البنية التحتية للمطار وفي قطاع الطيران بشكل عام، مؤكدة أن شركات الطيران الأجنبية التي عادت لتسيير رحلات إلى الكيان تجد نفسها اليوم أمام خيار إعادة النظر مجدداً.

التداعيات الاقتصادية والأمنية

إلى ذلك اعترف المدير العام لشركة أركيا للطيران – كما أوردت الصحافة الصهيونية – بأن استهداف مطار رامون سيترك تداعيات أكيدة على قطاع الطيران، وأن المهمة العاجلة الآن تتمثل في محاولة طمأنة شركات الطيران الأجنبية التي قد تتراجع عن تسيير رحلاتها.

موقع ذا ماركر الصهيوني بدوره أكد أن اليمنيين ينجحون بشكل متواصل في تعطيل اقتصاد الكيان رغم مرور عامين على بداية المواجهة، مذكّراً بأن الضربات اليمنية سبق أن عطلت مطارين وميناء إيلات، وأنها تؤثر بشكل مباشر على وتيرة الحياة الطبيعية وحركة التجارة والسياحة في “إسرائيل”.

ووصف الموقع استهداف قاعة المسافرين في مطار رامون بأنه فشل استراتيجي يعكس عجز المنظومة الأمنية والعسكرية الصهيونية عن التعامل مع الساحة اليمنية.

اعترافات عسكرية صهيونية

أما قائد سلاح البحرية الصهيوني السابق، اللواء الاحتياط إليعيزر تشيني، فقد أقرّ بأن استهداف مطار رامون يمثل نجاحاً يمنيّاً لافتاً يُنظر إليه على المستوى الدولي بصورة سلبية، خاصة لجهة انعكاسه على شركات الطيران الأجنبية.

وذهب القائد السابق لسلاح الجو الصهيوني، العميد تسفيكا حيموفيتش، أبعد حين أكد أن اليمنيين يتعلمون ويتطورون باستمرار، وهو ما يتجلى في اختيارهم لمسارات الطائرات، توقيتات الضربات، نوعية الأهداف، ومديات السلاح المستخدم.

وأضاف أن هذا التطور يجعل التهديد اليمني ينتقل من مستوى تكتيكي إلى مشكلة استراتيجية حقيقية، لافتاً إلى أن هذا التهديد سيبقى قائماً حتى لو توقفت الحرب في غزة.

بعد استراتيجي يتجاوز غزة

لا يخفى أن العملية الأخيرة تأتي بعد أيام فقط من إطلاق القوات المسلحة اليمنية صاروخاً برأس حربي انشطاري على كيان العدو، وهو ما يضع استهداف رامون في سياق أوسع من التصعيد اليمني الممنهج الذي يجمع بين الدقة التقنية والبعد السياسي.

فصنعاء تؤكد عملياً أنها جزء فاعل من معادلة دعم غزة، وأنها لن تتراجع عن استهداف الكيان حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن القطاع.

خلاصة تحليلية

من الواضح أن استهداف مطار رامون ليس مجرد عملية عسكرية عابرة، بل هو رسالة استراتيجية مزدوجة:

أولاً: أن الجغرافيا لم تعد تشكل حاجزاً أمام قدرات اليمن العسكرية، فالضربات تطال الشمال والجنوب على حد سواء.

ثانياً: أن كيان الاحتلال بات أمام تهديد استراتيجي متنامٍ يصعب احتواؤه، لا عسكرياً ولا اقتصادياً، في ظل إصرار صنعاء على مواصلة تطوير قدراتها التكنولوجية وتكتيكاتها الحربية.

وهكذا، يتحول اليمن من “تهديد بعيد” كما كان يصفه العدو في بدايات الحرب، إلى فاعل إقليمي ضاغط يعيد رسم توازنات القوة ويثبت أن معركة غزة فتحت أبواباً واسعة لتغيير المعادلات في المنطقة بأسرها.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com