واشنطن تكثف نشاطها العسكري في المنطقة.. تحالف إقليمي بمشاركة سعودية وقيادة صهيونية
يمانيون – تقرير تحليلي
لم يكن النشاط العسكري والأمني للقيادة المركزية الأمريكية في المنطقة يوماً بهذا الزخم، ولم يظهر الاهتمام الأمريكي – السعودي – الصهيوني بهذه الكثافة كما هو اليوم.التطورات الأخيرة تؤكد أن واشنطن تدفع نحو إعادة صياغة تحالف إقليمي جديد تكون إدارته تحت إشرافها المباشر وقيادة العدو الصهيوني، في مواجهة التهديدات الجوية والبحرية التي برزت من اليمن.
مناورات الرمال الحمراء.. مؤشر الأولويات
التدريبات العسكرية المشتركة التي شهدتها السعودية تحت مسمى “الرمال الحمراء 2025″، والتي وصفت بأنها الأكبر من نوعها في التصدي للطائرات المسيّرة والتهديدات الجوية غير التقليدية، عكست بوضوح أولويات واشنطن والرياض.
فالمناورات جاءت في توقيت يتزامن مع تصاعد الهجمات اليمنية بالطائرات المسيرة والصواريخ التي تستهدف العمق الصهيوني، ما يجعل هذا النوع من التهديد في صدارة الاهتمامات الأمريكية.
جولة الأدميرال كوبر.. بصمة بحرية على القيادة
ومنذ توليه قيادة القيادة المركزية الأمريكية في أغسطس 2025، حرص الأدميرال براد كوبر – أول قائد بحري يتسلم هذا المنصب منذ نحو عقدين – على أن تكون أولى زياراته الرسمية إلى كيان الاحتلال الصهيوني، قبل أن يتوجه إلى مصر ومن ثم إلى الخليج بدءاً من الكويت ووصولاً إلى قطر والسعودية.
كوبر بخلفيته البحرية يعكس أولوية واشنطن في تأمين الممرات البحرية والبحر الأحمر وباب المندب، حيث أصبحت القوات اليمنية تشكل تهديداً متصاعداً لحركة الملاحة المرتبطة بالعدو.
حضوره المناورات متعددة الجنسيات في مصر، ومشاركته مع رئيس الأركان السعودي في الإشراف على تدريبات الرمال الحمراء، يعكسان رغبة أمريكية في ربط الأمن البحري والجوي ضمن استراتيجية واحدة.
مسار كوريلا.. التمهيد للتحالف الإقليمي
وقبيل تسلّم كوبر، كان سلفه الجنرال مايك كوريلا قد نشط بشكل واسع عبر جولات متكررة:
- في يونيو ويوليو 2025 شملت السعودية وقطر والأردن وكيان العدو وجزيرة كريت اليونانية، حيث ركز على ما سماه “الأمن البحري وحرية الملاحة” في البحر الأحمر، في إشارة مباشرة لمواجهة الهجمات اليمنية.
- في نوفمبر 2024 زار قطر والبحرين والإمارات والسعودية والأردن وكيان الاحتلال، حيث تركزت لقاءاته في الرياض على حماية الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب والتنسيق مع المرتزقة في اليمن لمواجهة الهجمات، إلى جانب تعزيز التعاون الدفاعي في قطر والأردن.
أبعاد التحرك الأمريكي – الصهيوني
ومن خلال استعراض الجولات والمناورات، يتضح أن واشنطن تسعى إلى:
- تثبيت أولوية البحر الأحمر وباب المندب كمنطقة صراع محورية في الاستراتيجية الأمريكية.
- إعادة تشكيل تحالف إقليمي يضم السعودية والإمارات وقطر والأردن، تحت قيادة أمريكية وصهيونية مباشرة.
- مواجهة القدرات اليمنية المتنامية التي أثبتت فاعليتها في تهديد العمق الصهيوني والملاحة الدولية.
- دمج الأمن الجوي بالبحري من خلال مناورات مشتركة وتبادل معلومات استخباراتية، بما يعكس إدراكاً أمريكياً بأن التهديد اليمني متكامل ومتعدد الجبهات.
خلاصة تحليلية
إن كثافة النشاط الأمريكي العسكري في المنطقة، من جولات القادة الميدانية إلى المناورات الضخمة، تكشف أن واشنطن لم تعد تتحرك وفق حسابات رد الفعل، بل تعمل على إعادة هندسة المشهد الأمني والعسكري الإقليمي عبر ما يشبه “ناتو شرق أوسطي” تقوده بالواجهة وتديره تل أبيب ميدانياً.
غير أن هذا الجهد المكثف يعكس في الوقت نفسه أزمة ثقة أمريكية – صهيونية في قدرة الحلفاء المحليين على حماية المصالح المشتركة، ويؤكد أن اليمن بات الرقم الصعب الذي يرسم ملامح أولوياتهم الاستراتيجية في المرحلة القادمة.