الجنوب اليمني ساحة متقدمة للمشروع الصهيوني .. تواطؤ سعودي-إماراتي يعيد إنتاج أدوات التآمر

لم يعد اهتمام العدو الصهيوني المتصاعد بتطورات الجنوب اليمني شأناً عابراً أو مجرد متابعة إعلامية، بل بات انعكاساً مباشراً لانخراط أدواته القذرة في مشروع إقليمي متكامل، تلتقي فيه أدوار كل من الإمارات والسعودية، بهدف إعادة تشكيل الخارطة السياسية والأمنية في اليمن، بما يخدم المصالح الصهيونية في البحر الأحمر ويستهدف الحضور اليمني القوي على المستوى الإقليمي ومحاولة ثنيه عن مواقفه تجاه القضية الفلسطينية ، وغزة.

يمانيون/ تقرير / طارق الحمامي

 

الجنوب اليمني .. من ساحة محلية إلى قاعدة لمصالح العدو الإسرائيلي

تؤكد المتابعات الإعلامية والسياسية أن التحركات التي تقودها الإمارات في جنوب اليمن ليست مشروعاً محلياً أو انفصالياً معزولاً، بل تمثل وفق تحليلات سياسية، حلقة متقدمة في المشروع الصهيوني الرامي إلى تطويق القوات المسلحة اليمنية، والتحكم بالممرات البحرية الاستراتيجية.

ويكشف التصريح الذي نُشر على حساب جهاز الموساد الإسرائيلي على منصة “إكس”، والذي أقر صراحة بأن مجلساً مدعوماً من الإمارات يسيطر على جنوب اليمن، عن مستوى غير مسبوق من الوضوح في الاعتراف الإسرائيلي بالشراكة القائمة. فالإشارة إلى أن هذا الواقع يضعف الحوثيين ويفتح فرصاً استراتيجية لإسرائيل في البحر الأحمر ليست تحليلاً إعلامياً عابراً، بل إعلان سياسي عن وظيفة الجنوب اليمني في الحسابات الأمنية الإسرائيلية في الجزء الجديد من مخططها.

 

تنسيق سعودي-إماراتي لخدمة المواجهة مع اليمن

تذهب تحليلات يمنية وعربية إلى أن السعودية والإمارات تعملان، بتنسيق مباشر مع العدو الإسرائيلي، على إشعال بؤر توتر متعددة في اليمن، في محاولة لتخفيف الضغط الذي فرضته العمليات اليمنية في البحر الأحمر دعماً لغزة، والتي كبّدت العدو الصهيوني خسائر اقتصادية وأمنية غير مسبوقة.

ويرى مراقبون أن فتح جبهة الجنوب، وإعادة ترتيب المشهد العسكري والسياسي هناك، يأتي ضمن مسعى واضح لنقل المواجهة من البحر إلى الداخل اليمني، وإشغال القوات المسلحة اليمنية بصراعات جانبية، بما يخدم إسرائيل أولاً، ويمنح حلفاءها الإقليميين دور “الوكيل المنفذ” للمخطط.

 

عفاش .. حلقة سابقة في مسلسل التآمر

وفي هذا السياق، لا يبدو استحضار وسائل الإعلام العبرية لمكالمات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح (عفاش) أمراً بريئاً أو منفصلاً عن المشهد الراهن، بل يأتي بحسب محللين في إطار إعادة تذكير بدور أنظمة عربية لعبت تاريخياً وظيفة التآمر على القضية الفلسطينية ،

فالمكالمات التي كشفتها قناة المسيرة، والتي أقر فيها ’’عفاش’’ بتلقيه مئات الملايين من الدولارات من النظام السعودي مقابل تغييب اليمن عن موقف عربي داعم لفلسطين، تكشف بوضوح كيف كان المال السياسي أداة لإسكات المواقف الوطنية، وتحويل الأنظمة إلى أدوات طيّعة في يد المشروع الأمريكي-الصهيوني.

أما المكالمة التي كشفت لعفاش مع خالد مشعل، والتي هاجم فيها المقاومة الفلسطينية وحمّلها مسؤولية معاناة غزة، فتُعد وفق قراءات سياسية دليلاً إضافياً على تبني نظامه آنذاك خطاباً منسجماً مع السردية الصهيونية، التي تسعى لتجريم المقاومة وتبرئة الاحتلال.

 

من الماضي إلى الحاضر .. المخطط واحد والأدوات تتغير

يرى محللون أن إعادة إحياء هذه التسجيلات في الإعلام العبري التابع للعدو الصهيوني تهدف إلى التأكيد على أن ما يجري اليوم في جنوب اليمن هو امتداد طبيعي لنهج قديم، استخدم فيه العدو الإسرائيلي وحلفاؤه الإقليميون أنظمة عربية لإضعاف فلسطين، وضرب أي موقف عربي أو إسلامي داعم للمقاومة.

ويؤكد هؤلاء أن الفرق الوحيد بين الأمس واليوم هو تبدل الأدوات، من أنظمة سياسية فاسدة إلى مليشيات ومجالس مدعومة إماراتياً، ومن صفقات مالية سرية إلى شراكات سياسية وأمنية شبه معلنة مع الكيان الصهيوني.

 

ختاماً

إن تصاعد اهتمام العدو الصهيوني بالجنوب اليمني، مقروناً بالدور الإماراتي والسعودي، لا يمكن قراءته إلا باعتباره جزءاً من مشروع إقليمي يستهدف فلسطين من بوابة اليمن، ويهدف إلى معاقبة اليمن على موقفه المتقدم في نصرة غزة وكسر الهيمنة الصهيوأمريكية في البحر الأحمر.

وفي المقابل، تكشف الوقائع أن اليمن، الذي كان في مرحلة ما يُستخدم نظامه للتآمر على فلسطين، عاد اليوم رغم كل الاستهداف، ليكون في طليعة المواجهة مع المشروع الصهيوني، وهو ما يفسر حجم التآمر عليه، قديماً وحديثاً.

You might also like