الذكرى والتحوّل .. قراءة استراتيجية في كلمة السيد القائد في الذكرى السنوية لاستشهاد السيد حسن نصر الله ورفاقه

في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) ورفاقه من قادة المقاومة الإسلامية في لبنان، جاءت كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي لا بوصفها مجرد رثاء لقائد شهيد، بل بوصفها بيان موقف تاريخي وتحليل استراتيجي شامل في لحظة مفصلية من عمر الأمة الإسلامية، في هذه المناسبة، لم يكتفِ السيد القائد بتكريم الشهداء وذكر مناقبهم، بل استثمر الذكرى ليُعيد ترسيخ معالم المشروع المقاوم الذي جسّده الشهيد نصر الله، ويضعه ضمن رؤية متكاملة تُخاطب الحاضر وتستشرف المستقبل.

يمانيون / خاص

 

الشهيد نصر الله .. بين القيمة الرمزية والدور التاريخي

ركّز السيد القائد في كلمته ، على البعد الإنساني والتاريخي في شخصية السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه)، واصفًا إياه بـ”شهيد الإسلام والإنسانية”، وبأنه قائد استثنائي في الوعي، والجهاد، والصبر، والثبات، هذا التوصيف لا يأتي من باب المجاملة أو التعاطف العاطفي، بل هو تأكيد على أن الشهيد القائد لم يكن مجرد رمز لبناني أو طائفي، بل أحد أعمدة مشروع مقاومة إسلامية شاملة، لعب دورًا محوريًا في، كسر مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، وترسيخ معادلة الردع في وجه إسرائيل، وبناء جيل واعٍ ومجاهد، وكذلك غرس الوعي بالعدو في وجدان الأمة.

وهنا تظهر الذكرى كمحطة تقييم وتثبيت للنهج لا مجرد استذكار عابر، وهي ما أعطى الكلمة بعدها التحولي.

 

الذكرى كفرصة لإعادة تعريف المعركة .. من الشهيد إلى الجبهة

أراد السيد القائد أن يقول بوضوح، السيد حسن نصر الله لم يسقط باستشهاده، بل تحوّل إلى نهج، وإلى طاقة تحفيزية تتجاوز الفرد إلى الجيل والمشروع، إذ تمحورت الكلمة حول فكرة مركزية، “نحن لا نهزم عندما ننتصر ننتصر ، وعندما نستشهد ننتصر”، وهي عبارة خالدة وردت ضمن وصايا الشهيد القائد، واستحضرها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، باعتبارها خارطة طريق للمقاومين، وجرس إنذار للأمة.

بالتالي، الذكرى لم تكن مراسم تأبين، بل نقطة استنهاض للأمة الإسلامية في مواجهة المخططات الأمريكية–الإسرائيلية.

 

الشهيد نصر الله قائد استراتيجي

التركيز على ما أسماه السيد القائد “النتائج العظيمة التي حققها الله على يديه” يجعل من شخصية الشهيد نصر الله مفهومًا استراتيجيًا لا مجرد قائد راحل، هو صاحب صرخة “إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت” التي تحولت إلى هاجس للأمن الصهيوني، هو من جسّد الانتصار في 2000 و2006، مما شكل تحولًا استراتيجيًا في ميزان القوى، وهو من “أعاد الأمل إلى الأمة” كما وصفه السيد القائد.

إذًا، الذكرى تحوّلت إلى تجسيد لرؤية استراتيجية مفادها، أن القادة الشهداء لا يُغادرون الساحة، بل يتحولون إلى أعمدة تُبنى عليها الأجيال الجديدة للمقاومة.

 

الوفاء للشهيد يساوي الثبات على النهج

الرسالة الأهم في الذكرى التي حرص السيد القائد على تثبيتها هي، أن أعظم وفاء للشهداء هو الاستمرار في جهادهم وحمل رايتهم لا الاكتفاء بالرثاء، وهنا تكتسب الكلمة معناها الاستراتيجي، إن كان العدو يسعى لاغتيال القادة لإضعاف الجبهة، فجواب محور المقاومة هو تحويل كل استشهاد إلى تصعيد في المقاومة وتوسيع في الجبهة.

وإن كان بعض العرب يتآمرون على المقاومة، فالأمة الصادقة مدعوة اليوم لأن تتّحد على خط الشهداء، لا أن تتفرّق خلف موائد المطبعين.

 

الذكرى بصيغة التحشيد لا الحنين

عادةً ما تكون ذكرى الشهداء محطة حنين واستذكار، لكن السيد القائد حولها إلى محطة تحشيد وتأهيل سياسي واستراتيجي، حيث، ربط مصير الأمة كلها بما أنجزه الشهيد ورفاقه، ودعا إلى حماية الإنجاز التاريخي بالمزيد من الوحدة والتصعيد المقاوم، وأكد أن دماء الشهداء يجب أن تتحول إلى رايات تُرفَع لا دموع تُسكَب فقط.

 

الذكرى كبوصلة للمواجهة الشاملة

الذكرى السنوية لاستشهاد السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) لم تكن لحظة استذكار فقط، بل محطة سياسية استراتيجية أعاد من خلالها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله،  التأكيد على أن المقاومة المسلحة لا تزال الخيار الوحيد المجدي في وجه المشروع الصهيوني الأمريكي، وأن دماء القادة الشهداء تُلزم الأمة لا فقط بتقديرهم، بل بالسير على نهجهم، وأن الوفاء الحقيقي هو في خوض معارك التحرير، لا الاكتفاء بخطابات التأبين، وفي زمن تتكالب فيه مشاريع الهيمنة، ويُستهدف فيه سلاح المقاومة، فإن ذكرى الشهيد السيد نصر الله تأتي لتُعلن مجددًا،  أن المقاومة ولّادة، وأن القادة يُستشهدون، لكن الراية لا تسقط.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com