الثورة التي حصّنت الهوية وأفشلت الحرب الناعمة

لم تكن ثورة 21 سبتمبر 2014 مجرّد انتفاضة شعبية ضد الفساد والاستبداد، بل مثلت نقطة تحول جوهرية في معركة اليمنيين للحفاظ على هويتهم الإيمانية وثقافتهم الأصيلة. ففي الوقت الذي كان فيه البلد يُساق بخطى متسارعة نحو تفكيك نسيجه الاجتماعي، وتسويق الرذيلة، وضرب القيم الأصيلة عبر أدوات “الحرب الناعمة”، جاءت الثورة لتعيد رسم المسار، وتطلق مرحلة جديدة من الوعي والمقاومة الثقافية.

يمانيون / تقرير / خاص

 

 قبل ثورة 21 سبتمبر .. استهداف ممنهج وضرب للهوية

تغلغل الحرب الناعمة بأدوات غربية وتمويل خارجي، شهدت اليمن، خلال السنوات التي سبقت ثورة 21 سبتمبر، تصاعدًا في النشاطات المشبوهة التي استهدفت الهوية الدينية والقيم الاجتماعية المحافظة، عبر منظمات دولية ومحلية ممولة من سفارات أجنبية، تم إطلاق عشرات البرامج الإعلامية والتثقيفية تحت عناوين “التمكين” و”التحرر” و”الحقوق”، لكنها كانت تخفي في جوهرها أجندات خطيرة تهدف إلى، تطبيع مفاهيم غريبة على المجتمع اليمني مثل الشذوذ الجنسي، والدعوات إلى الحرية الجنسية، والانفتاح المطلق في السلوك والعلاقات، وإنتاج محتوى إعلامي موجه عبر الدراما والأغاني والإعلانات، ينشر ثقافة الاستهلاك والانحلال الأخلاقي، ويروج لأسلوب حياة غربي منسلخ عن الهوية الإيمانية.

محاولات تمزيق النسيج الاجتماعي، حيث استُخدمت وسائل التواصل ومنصات الإعلام كأدوات لتفكيك القيم الأسرية، وضرب العلاقة بين مكونات المجتمع، وتأجيج النعرات المناطقية والمذهبية، وقد لوحظ استهداف دور الأسرة كمركز للحماية والتربية، وإثارة قضايا المرأة بطريقة تروج للصدام مع الرجل والأسرة بدلاً من السعي للتكامل.

 

بعد الثورة .. إعادة الاعتبار للهوية ومواجهة الحرب الناعمة

قيادة الثورة تكشف وتواجه المخططات، .. فمنذ انطلاق ثورة 21 سبتمبر، شدد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله، في خطاباته على ضرورة مواجهة الحرب الناعمة باعتبارها أداة استعمارية خطيرة، وأكد أن الاستهداف الثقافي لا يقل خطورة عن الاستهداف العسكري، محذراً من مخططات صهيونية وأمريكية تسعى لتدمير المجتمعات من الداخل باسم الحريات.

ومن الشواهد على المواجهة الناعمة وفضح المخططات، رصد وإغلاق منظمات مشبوهة تنفذ أجندات استخبارية، حيث تم كشف عدد كبير من المنظمات المحلية التي كانت واجهة لأعمال تجسس ثقافي وأخلاقي. وجرى إيقاف تمويلات مشبوهة لبعض الجمعيات، وفضح أنشطة هدفت إلى تعليم المراهقين مفاهيم جنسية من دون موافقة الأسرة، في مخالفة صريحة للعرف والدين.

كما تم إطلاق حملات توعية شعبية وإعلامية، بمبادرات رسمية ومجتمعية ، من خلال تنفيذ برامج لمواجهة الانحرافات الفكرية والأخلاقية، وتعزيز قيم العفة والطهارة في المناهج الدراسية، وكذلك دعم الإنتاج الإعلامي الوطني الذي يعزز الهوية اليمنية.

أما أنشطة الخطاب الديني الواعي، فقد أصبح للمنابر دور رئيسي في تعزيز الوعي بخطورة الحرب الناعمة، من خلال نشر المفاهيم القرآنية التي تدعو للوعي والتمسك بالقيم، وفضح الأساليب الخفية التي يستخدمها العدو في تمرير مفاهيم الرذيلة والتفسخ.

وكان هناك تفاعل شعبي كبير، حيث نفذت حملات شعبية لمقاطعة برامج إعلامية وثقافية تخدم العدو، وكذلك حراك طلابي وشبابي تعزيزاً للهوية الإيمانية في الجامعات.

 

الإنجازات في الحفاظ على الهوية الإيمانية

الهوية القرآنية تتصدر المشهد من خلال المشروع القرآني، حيث تم تعزيز مفاهيم إيمانية في المجتمع، تعزز ثقافة الحياء والعفاف كقوة لا ضعف، والتمسك بالعقيدة ومناهضة الغزو الثقافي، وكذلك العزة والاستقلال الفكري وعدم التبعية.

نهضة إعلامية بديلة، حيث برز إعلام بديل يعبّر عن هموم وقيم اليمنيين، من قنوات وإذاعات محلية تحمل خطابًا توعويًا إيمانياً، وبرامج هادفة تبرز النماذج الصالحة والناجحة، وكشف زيف الإعلام الممول من الخارج.

وهناك نماذج واقعية لكشف مؤامرات العدو القبض على خلايا مرتبطة بسفارات كانت تدير ورش عمل شبابية لنشر ثقافة الشذوذ والانحراف الجنسي.

 

خاتمة

لقد كشفت ثورة 21 سبتمبر عن عمق المؤامرة الثقافية والاجتماعية التي كانت تحاك ضد الشعب اليمني، وأعادت بناء الوعي على أسس قرآنية أصيلة، وبينما سقطت أدوات الحرب الناعمة أمام جدار الوعي، تأكد للعالم أن اليمنيين لا يمكن أن يُهزموا لا بصواريخ ولا بشبهات.

إن معركة الحفاظ على الهوية لا تزال مستمرة، لكنها اليوم تُخاض من موقع القوة، بقيادةٍ واعية وشعبٍ صامدٍ أثبت للعالم أن الإيمان والثقافة يمكن أن يكونا سلاحًا بحد ذاته.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com