المرصد الأورومتوسطي: جثامين الأسرى تكشف تعذيبًا ممنهجًا وإعدامات ميدانية في سجون الاحتلال
يمانيون |
كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن معطيات مروّعة تؤكد ارتكاب كيان الاحتلال جرائم تعذيب وإعدامات ميدانية بحق أسرى فلسطينيين، بعد تسليم جيشه جثامينهم في حالة صادمة، توحي بمستوى وحشية غير مسبوق يعكس انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي الإنساني ومعاهدات جنيف.
وأوضح المرصد في بيان له، اليوم الخميس، أنّ فريقه الميداني تابع عملية تسليم سلطات الاحتلال 120 جثمانًا لفلسطينيين من قطاع غزة عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر على ثلاث دفعات متتالية، مشيرًا إلى أن الفحوصات والتقارير الطبية أثبتت تعرض معظم الضحايا لتعذيبٍ متعمّد قبل إعدامهم.
وأكد أن ما تم توثيقه يُظهر آثار شنق واضحة حول الأعناق، وإصابات من إطلاق نار من مسافات قريبة، وأطرافًا مربوطة بمرابط بلاستيكية، وعيونًا معصوبة، فضلًا عن جثثٍ سُحقت تحت جنازير دبابات وأخرى تحمل حروقًا وكسورًا وجروحًا غائرة. وقال المرصد إن هذه المشاهد المروعة تكشف سياسة قتل ممنهجة تستهدف الأسرى الفلسطينيين بعد احتجازهم، في انتهاك صريح لكل القوانين الإنسانية.
وقال الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة في غزة، إن الجثامين التي استُلمت من الاحتلال كانت “مقيدة كالحيوانات، معصوبة الأعين، وتحمل آثار حروق وتعذيبٍ وحشي”، مؤكدًا أن العديد منهم “أُعدموا بعد أن كانوا محتجزين في ثلاجات العدو لشهور طويلة”.
ووفقًا لتقارير الطب الشرعي، فإن غالبية الجثامين التي استلمت كانت مجهولة الهوية، ولم يُعرف مصير أصحابها أو ظروف اعتقالهم، فيما أكّد أحد الأطباء الشرعيين أن الحالة التي وصلت بها الجثث “تفوق كل ما شاهده من قبل في مسيرته المهنية”، موضحًا أن بعضها يظهر بوضوح تعرض الضحايا للشنق أو الإعدام بعد تقييدهم.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن غياب الإمكانيات الطبية والحقوقية في قطاع غزة يحول دون التعرّف الكامل على الضحايا وتوثيق الأدلة، ما يُطيل أمد معاناة الأسر الفلسطينية التي ما زالت تعيش بين الأمل واليأس بانتظار معرفة مصير أحبائها.
وطالب المرصد بـ فتح تحقيقٍ دولي عاجل ومستقل للكشف عن ملابسات الجرائم ومحاسبة المتورطين فيها، مؤكدًا أن ما يجري يندرج ضمن سياسة إبادة جماعية ممنهجة تستهدف تدمير الجماعة الوطنية الفلسطينية ماديًا ومعنويًا، عبر القتل والتعذيب والاحتجاز والإخفاء القسري.
كما دعا المرصد إلى السماح بدخول بعثات طبية وحقوقية دولية مزوّدة بخبراء في الطب الشرعي والحمض النووي، لتوثيق الأدلة والتعرّف على الجثامين قبل تلفها، وضمان تسليمها لعائلاتها، مشددًا على ضرورة تقديم دعم نفسي وإنساني عاجل لأسر الضحايا.
وأشار إلى أن ما جرى يعكس استخدام الاحتلال للقتل والتعذيب كأدوات ممنهجة للإبادة الجماعية، في ظلّ خطابٍ سياسي وإعلامي رسمي نزع عن الفلسطينيين إنسانيتهم وشرعن الاعتداء عليهم بوصفهم “جماعة تستحق الإبادة”، وهو ما مهّد لارتكاب جرائم مروعة ضد الأسرى والمعتقلين في مخالفة مطلقة لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بالأراضي الفلسطينية المحتلة بإدراج هذه الجرائم ضمن نطاق تحقيقها، داعيًا المحكمة الجنائية الدولية إلى توسيع دائرة تحقيقاتها لتشمل هذه الوقائع باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مشددًا على أن التغاضي عن هذه الجرائم يقوّض العدالة الدولية ويمنح الجناة حصانة لمواصلة القتل والإبادة.
وختم المرصد بيانه بالتأكيد على أن قتل أشخاص مقيّدي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين جريمة مكتملة الأركان لا يمكن تبريرها بأي ظرف، داعيًا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى كسر صمتهم والاضطلاع بمسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، مؤكدًا أن “السكوت على هذا الرعب المنظم يعني المشاركة في الجريمة”.