تعنت صهيوني وتواطؤ أمريكي.. إغلاق معبر رفح ينسف وعود وقف إطلاق النار

يمانيون |
يتواصل تفاقم الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة مع استمرار كيان العدوّ الصهيوني في إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، في ظل تواطؤ أمريكي واضح وتذبذب في تنفيذ بنود الاتفاق المزعوم لوقف إطلاق النار، الأمر الذي يُنذر بحدوث مجاعة جماعية تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان.

وأكدت تقارير ميدانية أن العدوّ الصهيوني تلقى توجيهات مباشرة من المجرم نتنياهو بإبقاء معبر رفح مغلقًا حتى إشعار آخر، رغم إعلان الإدارة الأمريكية وترامب عن تحقيق “اختراق سياسي كبير” في ملف الهدنة. إلا أن الواقع على الأرض يكشف أن تلك التصريحات تفتقر إلى أي إلزام فعلي للكيان الصهيوني، وأن هدفها الحقيقي تسويقي وإعلامي أكثر من كونه تنفيذًا فعليًا لبنود الاتفاق.

ويرى محللون أن ترامب، لأسباب داخلية تتعلق بحساباته الانتخابية، لا يريد ممارسة أي ضغط حقيقي على حكومة العدوّ الصهيوني بشأن السماح بدخول المساعدات أو الالتزام ببنود الاتفاق، خشية أن يعرّض نفسه لانتقادات من قوى اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة، ما جعل الاتفاق رهينة لمزاج الاحتلال ومصالح نتنياهو السياسية.

وتشير المعطيات إلى أن ما يُسمّى “اتفاق غزة” لا يزال حتى الآن منقوص التنفيذ وغامض البنود، وأن واشنطن لم تُرغم كيان الاحتلال على الالتزام بأي من تعهداته، لا في ما يتعلق بفتح المعابر ولا بتدفق المساعدات ولا بتبادل الأسرى.

وفي تصريح له قال إسماعيل الثوابتة، مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة، إن العدوّ الصهيوني يواصل إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات، مشيرًا إلى أن ما تم إدخاله منذ إعلان وقف إطلاق النار “هو القليل جدًا ولا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية”، مؤكّدًا أن القطاع ما يزال يعيش جرائم التجويع والحصار الإسرائيلي، ولم يتوقف سوى القصف فقط.

من جانبه، قال القيادي في حركة حماس محمد نزال إن الحركة التزمت ببنود المرحلة الأولى من الاتفاق، موضحًا: “أعدنا الرهائن الأحياء وما استطعنا الوصول إليه من جثامين أسرى الاحتلال”. وأضاف نزال أن استمرار إغلاق معبر رفح يمثل “ابتزازًا إسرائيليًا مكشوفًا” رغم التزام المقاومة الكامل بما اتُّفق عليه، داعيًا الوسطاء إلى الضغط على الاحتلال وإجباره على فتح المعابر فورًا وفق نصوص الاتفاق.

وأوضح أن المفاوضات الخاصة بالمرحلة الثانية “لم تبدأ بعد بسبب تعنت نتنياهو”، مؤكدًا أن المقاومة تسعى إلى الانتقال إليها “بسلاسة بعد الوفاء بالتزاماتنا في المرحلة الأولى”.

في المقابل، عبّر وزير الحرب الصهيوني يوآف كاتس عن جوهر السياسة العدوانية للكيان بقوله: “سياستنا في غزة واضحة: استعادة جثث الأسرى، نزع سلاح حماس، وتدمير الأنفاق، ومراقبة المعابر وممر فيلادلفيا، والتموضع عند الخط الأصفر مع السيطرة على أكثر من نصف أراضي القطاع”.

وهي السياسة ذاتها التي يواصل المجرم نتنياهو تطبيقها عمليًا على الأرض، إذ نقلت القناة العبرية 14 عنه قوله: “انتهاء الحرب سيكون بعد انتهاء المرحلة الثانية من الاتفاق بنزع سلاح حماس”.

وبينما يواصل الاحتلال تشديد الخناق وتجويع الفلسطينيين، تحدثت وسائل إعلام عبرية عن إقامة “القيادة الأمريكية المشرفة على تنفيذ اتفاق غزة”، ونقلت عن مسؤول أمريكي رفيع قوله: “الأيام الثلاثون المقبلة ستكون حاسمة، وسنتولى زمام الأمور لما يحدث في غزة لضمان تنفيذ الاتفاق”.

إلا أن هذه التصريحات، وفق المراقبين، لا تتجاوز حدود التطمينات السياسية، في ظل غياب أي إرغام فعلي للكيان الذي يصرّ على خرق كل التعهدات.

كما كشفت تقارير إعلامية عبرية عن أن زيارة ويتكوف وكوشنر المرتقبة ستركز على إنشاء ما يسمى “قوة الاستقرار الدولية” ومشروع “رفح الجديدة” كنموذج لقطاع خالٍ من حكم حماس، إلى جانب صياغة خطة لنزع السلاح واستكمال البحث عن جثث الرهائن، ما يعكس أن الهدف الأمريكي لا يقتصر على إدارة الاتفاق بل يمتد إلى إعادة تشكيل المشهد الميداني والسياسي في غزة.

ويرى محللون أن هذه التحركات الأمريكية ليست إلا جزءًا من مشروع السيطرة على غزة عبر أدوات سياسية وأمنية، تمهيدًا لإنهاء المقاومة وتجريدها من قدراتها، بينما تبقى الكارثة الإنسانية والدمار الهائل خارج حسابات واشنطن وتل أبيب.

وتؤكد المعطيات الميدانية أن استمرار إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات يهدد بحدوث مجاعة وشيكة، خصوصًا مع انعدام المياه الصالحة للشرب ونفاد المواد الغذائية والطبية في المستشفيات التي تعمل بأقل من 30% من طاقتها، ما يجعل الوضع الإنساني في غزة الأخطر منذ بدء العدوان.

وبالرغم من كل ذلك، تواصل الإدارة الأمريكية تسويق اتفاقها “الناجح” دون أي ضمانات للتنفيذ، ما يكشف أن ما يجري ليس سوى خدعة سياسية لتجميل صورة ترامب على حساب معاناة الفلسطينيين. فالاحتلال ما يزال يفرض حصاره ويمنع الغذاء والدواء، بينما واشنطن تتحدث عن قيادة وإشراف دولي على غزة، في مشهدٍ يُظهر حقيقة التواطؤ الأمريكي مع الجريمة الصهيونية.

You might also like