مدرج” زُقَرْ” حصار إماراتي لصنعاء وتأمين للكيان الصهيوني
يمانيون|تقرير: محسن علي
يمثل الساحل الغربي اليمني، بموقعه الاستراتيجي المطل على مضيق باب المندب والبحر الأحمر، شرياناً حيوياً للتجارة والملاحة الدولية ومركز أطماع كبيرة لقوى الاستعمار والهيمنة الغربية على رأسها أمريكا وإسرائيل وبريطانيا, ومنذ دخول اليمن في إسناد معركة طوفان الإقصى تحول هذا الشريط الساحلي والجزر التابعة له إلى ساحة نفوذ وصراع إقليمي، حيث برزت التحركات الإماراتية المعادية إلى ريمونت كنترول بيد الصهاينة ، مستخدمة ميليشيات محلية على رأسها قوات (طارق عفاش) وعصابات الانتقالي الجنوبي كأداة لتنفيذ أجندتها خدمة للكيان الصهيوني متخذة من الشريط الساحلي الغربي اليمني وجزره المحتلة نموذجاً لترسيخ هذا التموضع.
التحرك الإماراتي في الساحل الغربي.. الأهداف والأدوات
حقيقة الدور الإماراتي في اليمن إطار ما يسمى بالتحالف الأمريكي السعودي على اليمن في 2015 برز تباعا إلى مشروع توسعي احتلالي للسيطرة على الموانئ والجزر الحيوية واحتلالها ونهب ثرواتها وخيراتها, ومنذ2015م عملت الإمارات على ترسيخ سيطرتها على نقاط استراتيجية في البحر الأحمر والمواني اليمنية في عدن والمهرة وحضرموت بما فيها،: المخا، حيث تم تحويل الميناء إلى قاعدة عسكرية ولوجستية رئيسية؛ وجزيرة ميون (بريم)، التي شهدت إنشاء قاعدة عسكرية ومدرج طيران طويل يمنحها سيطرة مباشرة على حركة الملاحة في باب المندب؛ وجزيرة زقر، وهي الأحدث في سلسلة التموضع، حيث تم إنشاء مدرج طيران فيها، ما يشير إلى توسيع نطاق السيطرة شمالاً.
كلب حراسة الصهيونية في الساحل اليمني
تعتمد الإمارات بشكل أساسي على مليشيات مرتزقة طارق عفاش كذراع عسكري محلي لتنفيذ سياساتها, هذه العصابات، المدعومة بالكامل لوجستياً وعسكرياً ومالياً من أبو ظبي، تعمل على تأمين مناطق النفوذ والسيطرة على الشريط الساحلي من ذباب جنوباً وجزء من الساحل الغربي للحديدة شمالاً، كما توفر الغطاء الأمني والسياسي لتحويل الجزر والموانئ إلى قواعد عسكرية إماراتية.
وتشرف القوات الإماراتية على استقدام مرتزقة من جنسيات مختلفة، أبرزها السودان، لتعزيز صفوف قوات طارق عفاش في المنطقة.
إن الأهداف الحقيقية لهذا التحرك تتجاوز “تحرير” اليمن، لتصل إلى السيطرة الاقتصادية على الموانئ اليمنية والتموضع العسكري الدائم في الجزر، ما يخدم أجندة إقليمية أوسع.
مدرج زقر..نقطة الارتكاز الاستراتيجية والاهتمام الصهيوني
تعد جزيرة زقر، الواقعة في أرخبيل حنيش، من أهم الجزر اليمنية في البحر الأحمر, وقد حظي إنشاء مدرج الطيران فيها باهتمام خاص، لاسيما بعد تسليط الإعلام الصهيوني الضوء عليه بعد إقرار إسرائيلي “رسمي” بـ “العجز التام” عن كسر الحصار البحري اليمني.
الأهمية الجيوسياسية لجزيرة زقر
تقع جزيرة زقر في موقع مركزي بالبحر الأحمر، مما يجعلها نقطة مثالية لـ المراقبة والاستطلاع على حركة الملاحة في الممر المائي الدولي، وعلى السواحل اليمنية المقابلة.
هذا الموقع يمنح أي قوة تسيطر عليها قدرة فائقة على رصد السفن وناقلات النفط وتوجيه العمليات العسكرية البحرية والجوية الخفيفة في ظل الصراع الدائر الذي اندلعت شرارته من قلب غزة في معركة طوفان الأقصى.
تفاصيل المدرج ودوره التكتيكي
المدرج الذي أنشأته الإمارات في زقر هو مدرج إقلاع وهبوط قصير (STOL)، ويبلغ طوله التقديري حوالي 2000 متر, هذا النوع من المدارج يُستخدم عادة لـ الطائرات بدون طيار (المسيرات) متوسطة المدى، وطائرات الاستطلاع الخفيفة والمروحيات، بالإضافة إلى توفير الدعم اللوجستي السريع للقوات المتمركزة في الجزر.
سباق التشييد الإماراتي في الجزر اليمنية
يترافق النشاط العسكري الأجنبي مع تسارع في وتيرة الإنشاءات الإماراتية في الجزر اليمنية ذات الأهمية الاستراتيجية,وأبرز هذه الأنشطة ما كشفت عنه وكالة “أسوشيتد برس” حول إنشاء مدرج لهبوط الطائرات في جزيرة زقر، الواقعة على بعد تسعين كيلومتراً جنوب غرب الحديدة بإشراف خبراء أمريكيين وإسرائيليين , على غرار قيامها مسبقا ببناء مدرج مماثل في جزيرة ميون قلب باب المندب, وكذلك إنشاء مدرج مطلع العام الجاري في جزيرة عبدالكوري بالمحيط الهندي ليشمل مدخل خليج عدن والمحيط الهندي واستخدامها كقواعد استخباراتية ولوجستية ضد محور الجهاد والقدس والمقاومة .
خدمة الأجندة الصهيونية
تتفق التقارير الاستخباراتية والتحليلات الإعلامية على أن هذا التموضع يخدم بشكل مباشر المصالح الصهيونية في البحر الأحمر، خاصة بعد تصاعد التوتر في المنطقة نتيجة لعمليات القوات اليمنية ضد السفن المتجهة إلى موانئ الكيان.
ويمكن تلخيص خطورة هذا الارتباط فيما يلي: توفير قاعدة متقدمة لجمع المعلومات الاستخباراتية عن السواحل اليمنية وحركة الملاحة لمشاركة هذه البيانات مع الكيان الصهيوني, وكذلك للعمل عليها كقاعدة محتملة لعمليات عسكرية لوجستية تهدف إلى حماية السفن الإسرائيلية أو المتجهة إليها, أو لضرب مصادر التهديد, كما أنه يمكن أن يستخدم المدرج كنقطة ارتكاز خلفية للكيان الصهيوني في حال قرر توسع عملياته العسكرية في البحر الأحمر بعيدا عن قواعده المعلنة .
لقد أشارت مصادر إعلامية إلى أن الاهتمام الإسرائيلي بالمدرج ليس مجرد تحليل، بل هو اعتراف ضمني بأهمية هذه القاعدة في سياق حملات الكيان ضد اليمن.
هذا المشهد يؤكد أن ما يجري في مناطقه الجنوبية والساحلية ليس مجرد نشاط تدريبي أو عسكري عابر، بل هو جزء من مشروع عسكري واستخباراتي متكامل يستهدف اليمن وفلسطين في آنٍ واحد. وتتقاطع فيه مصالح القوى الإقليمية والدولية لإعادة تشكيل النفوذ والسيطرة على الممرات الملاحية الحيوية، بينما يتم استخدام الأراضي اليمنية والجزر كمنصات متقدمة لخدمة أجندات أمنية وجيوسياسية تخدم بشكل مباشر المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة.
خطورة التحركات على الأمن القومي اليمني والإقليمي
إن التموضع الإماراتي-الصهيوني في الساحل الغربي والجزر اليمنية يمثل تهديداً وجودياً للأمن القومي اليمني وسلامة الملاحة الإقليمية في ظل مساعي قوى الاستكبار العالمي على رأسها أمريكا وإسرائيل وبريطانيا إلى عسكرة البحر الأحمر وتحويله إلى ساحة صراع مفتوحة.
عسكرة الجزر وتقويض السيادة
تحويل الجزر اليمنية (ميون، زقر، حنيش) إلى قواعد عسكرية دائمة يمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة اليمنية ويهدد مستقبلها, هذه العسكرة تهدف إلى تغيير ديموغرافي وجغرافي عبر فصل الجزر عن سيطرة الدولة اليمنية وتحويلها إلى مناطق نفوذ أجنبي دائم، إضافة إلى خلق بؤر توتر وتحويل المياه الإقليمية اليمنية إلى ساحة صراع دولي وإقليمي.
التمركز العسكري الأجنبي والضغط على الساحل الغربي
مؤخرا كشفت مصادر مطلعة عن وصول ضباط من جنسيات أمريكية وإسبانية، برفقة ضباط إماراتيين، إلى الساحل الغربي لليمن، وتحديداً في منطقة المخا وجبل النار وتتمحور مهمة هذا الوفد، الذي يعمل تحت إشراف العميل طارق عفاش، حول الإشراف على جاهزية وتقييم أداء القوات العسكرية من المرتزقة والعصابات التكفيرية الممولة من دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي والتي تأتي في إطار خدمة العدو الصهيوني ومحاولة ثني القوات المسلحة اليمنية المسنودة بقبائل اليمن عن إسناد المقاومة الفلسطينية في غزة, وكذلك في إطار تضييق خنق الشعب اليمني المستمر منذ 10 سنوات وإلى اليوم.
المصادر نفسها أوضحت أن هذه القوات الأجنبية، التي تضم جنسيات أمريكية وكولومبية وإسرائيلية، بالإضافة إلى شركات أمنية مثل “بلاك ووتر”، أصبحت متحكمة بشكل كامل بالساحل اليمني الغربي وجزره الاستراتيجية، بما في ذلك ميون وحنيش وزقر، في إطار أطماع للسيطرة على هذه المنطقة الحيوية وتأمين وجود دائم للمشروع الصهيوأمريكي بريطاني في باب المندب والبحر الأحمر, وهو ما لم تقبل به صنعاء والقوات المسلحة اليمنية على الإطلاق.
مشروع “ممر الطاقة” والتطبيع الخفي
لم تغب السعودية عن هذا الدور ومحاولة فرض تواجدها في باب المندب عبر تحركاتها الأخيرة المعلنة في مؤتمر الرياض الذي عقدته الأشهر الماضية بعنوان “تأمين الملاحة البحرية” وفي سياق متصل، كشفت صحيفة “معاريف” الصهيونية عن نية وزير الطاقة في الكيان، “إيلي كوهين”، تأسيس ممر طاقة إقليمي يربط الأراضي المحتلة بالمملكة العربية السعودية، في إطار مفاوضات تطبيع محتملة وبإشراف أمريكي.
ويرى مراقبون أن “ممر الطاقة” ليس سوى واجهة اقتصادية لأهداف سياسية وأمنية أعمق، تهدف إلى توسيع النفوذ الصهيوني وربط اقتصادات الخليج بشبكته الاستراتيجية، في مواجهة محور المقاومة, كما يشير خبراء إلى أن التعاون بين السعودية والكيان امتد ليشمل تسهيل مرور الإمدادات وكسر الحصار اليمني المفروض على الكيان.
دور مرتزقة طارق عفاش في تقويض الدولة
منذ دخول الإمارات إلى الجنوب اليمني المحتل عسكريا تحت يافطة “التحرير” لجأت إلى إنشاء مليشيات خارج إطار الشرعية الوطنية اليمنية الممثلة بصنعاء والقوات المسلحة على رأسها مليشيات طارق عفاش التي تضم عشرات الآلاف من العناصر التكفيرية “داعش والقاعدة”، واستخدمتها مجرد غطاء محلي لتمكين السيطرة الأجنبية (الإماراتية-الصهيونية) على أهم الموارد والمواقع الاستراتيجية, فضلا عن قيامها بتجنيد مرتزقة من أبناء المحافظات الجنوبية لما هو أبعد من ذلك’ وقيامها بسلسلة انتهاكات فاضحة بحق أبناء المحافظات الجنوبية والمحتلة وكذلك بحق أبناء تهامة.
اتهامات خطيرة بانتهاكات حقوقية في الساحل الغربي
في ظل هذه التحركات العسكرية والسياسية، أصدر ما يُسمى “الحراك التهامي والمقاومة التهامية” أحد أذرع العميل طارق عفاش بياناً شديد اللهجة يتهم فيه عناصر وضباط تابعين لمليشيا (طارق عفاش) في الساحل الغربي بارتكاب انتهاكات خطيرة وممنهجة بحق المدنيين شملت انتهاكات أخلاقية وتفشي ظاهرة المخدرات والشبو بين أوساط الشباب التهامي , بالإضافة إلى عسكرة المدارس والمنشآت الحكومية وتجنيد الأطفال بشكل إجباري وحرمانهم من التعليم والزج بهم إلى جبهات القتال, وحمل البيان العميل طارق عفاش المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم الفضيعة, مطالبا بتحقيق دولي.
تجنيد المقاتلين اليمنيين لخدمة أجندات خارجية
وفي تطور خطير، كشف قيادي في ما يسمى “المقاومة الجنوبية عادل الحسني” عن بدء عمليات تجنيد تقودها الإمارات والولايات المتحدة في المحافظات الجنوبية والساحل الغربي، بهدف استقطاب مجندين جدد لمهام “سرية” خارج اليمن.
فضيحة “سكاي نيوز” البريطانية
وفي هذا الصدد نشرت شبكة “سكاي نيوز” البريطانية تحقيقاً صادماً أكد أن الإمارات تستخدم مناطق جنوبي اليمن كمحطة تدريب ونقل مقاتلين إلى غزة، لصالح مليشيات موالية للاحتلال الإسرائيلي.
وأشار التقرير إلى أن الإمارات تُشرف، بتنسيق مباشر مع الكيان الصهيوني، على تدريب وتمويل أربع عصابات مسلحة داخل قطاع غزة, وسبق وأن قد أرسلت مرتزقة يمنيين للإنضمام إلى تلك العصابات عبر قنوات تمويل وتسليح إماراتية في إطار مخطط لإعادة هيكلة الحرب داخل غزة بعد فشل العدو الإسرائيلي في تحقيق أهدافه العسكرية,
وذكر التقرير أن الإمارات أقامت مراكز تدريب سرية في المحافظات الجنوبية بإشراف ضباط أمريكيين وإسرائيليين وتتم عمليات النقل عبر رحلات جوية خاصة.
الخاتمة
التحركات الإماراتية في الساحل الغربي، وتوظيفها لميليشيات طارق عفاش، والتركيز على مواقع استراتيجية مثل مدرج زقر، لا يمكن فصلها عن سياق خدمة المصالح الصهيونية في البحر الأحمر, حيث تعتبر صنعاء هذه التحركات بالخطر المزدوج على تقويض السيادة اليمنية واستقلالها, وعلى الملاحة الدولية في البحر الأحمر وتهديد الأمن الإقليمي ,فصنعاء قد نصحت بعدم التورط وأنذرت وحذرت, وأكدت أن صبرها لن يطول وأعينها ترصد وتراقب وصواريخها ومسيراتها جاهزة في دكهما في أية لحظة.