ملامح فشل العدوان في إضعاف الموقف اليمني المناصر لغزة
تقرير/ أبو جهاد المطري
بعد مرور قرابة 3 أسابيع على بدء العمليات الجوية العدوانية الامريكية- البريطانية على اليمن، تشير نوعية الأهداف المزعومة لهذه الغارات، وكذا تزايد الغارات وانتقالها من حالة ضربات ” محددة” كما أعلن عنها في البداية، الى حالة ضربات شبه يومية، تشير جميع هذه المعطيات الى فشل التحالف المساند للكيان الصهيوني في تحقيق أهدافه المزعومة.
مقابل ذلك الفشل تتطور مقدرات القوات المسلحة اليمنية وديناميكية أدائها العملياتي في تطور ملوس وصل حد قدرتها على تنفيذ ضربات نوعية ازداوجية وذلك بضرب السفن المعادية وضرب أهدافا محددة للكيان الإسرائيلي في منطقةِ أمِّ الرشراشِ جنوبيِّ فلسطينَ المحتلةِ في آن واحد، بالإضافة الى قدرتها على تنفيذ عمليتين اثنتين بدلا من عملية واحدة في الأيام الأولى للعدوان.
فشل العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي في حماية السفن الإسرائيلية، و إخفاق الغارات الجوية في تحقيق أهدافها المزعومة المعلنة بالحد من القدرات الصاروخية وقدرات الطيران المسير للقوات المسلحة اليمنية، أكده بوضح قائد الثورة السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي، في كلمته الأخيرة، حول آخر التطورات والمستجدات المعلنة يوم الخميس 21 رجب 1445هـ 1 فبراير 2024م، والتي دعا فيها بريطانيا الى استيعاب درس احتراق سفينتها جيداً، في إشارة منه الى استهداف قواتنا المسلحة يوم الجمعة، 15 رجب 1445هـ الموافق 26 لناقلة النفط البريطانية ( مارلين لواندا) بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة في خليج عدن، ما أدى الى إصابة السفينة واشتعال النيران فيها.
وما يؤكد فشل العدوان الأمريكي- البريطاني في الحد من القدرات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية، هو تزايد وديناميكية العمليات الحربية اليمنية، ففي اليوم الأخير من العام 2023، يوم الأربعاء 31 ديسمبر سجلت القوات المسلحة اليمنية عمليتين نوعيتين اثنتين في يوم واحد ، بدلاً من عملية واحدة، حيث استهدفت السفينةً التجاريةً الأمريكية (KOI) وذلك بعدَ ساعاتٍ فقطْ من استهدافِ المدمرةِ الأمريكيةِ (يو إس إس غريفلي)، وهو تطور دراماتيكي نوعي أقرت به القيادة المركزية الامريكية، في بيان لها عبر موقع (إكس) يوم السبت 3 فبراير، حينما أقرت بوقوع هجوم يمني صباح يوم الجمعة 2 فبراير على السفينة الأمريكية يو إس إس كارني ، تبعه هجوم مماثل مساء ذات اليوم على السفينة USS Laboon (DDG 58) .
وعلى المستوى السياسي يمكن القول ان تحالف العدوان، ورغم الضغوط التي تلقتها صنعاء والتي وصلت حد التهديد والتلويح بفتح جبهات جديدة أخرى، حسبما كشف عنه عضو المجلس السياسي الأعلى محمد على الحوثي عن تهديدات أمريكية أرسلتها واشنطن لصنعاء عن طريق سلطنة عُمان، ورغم توالي المطالب الامريكية – البريطانية الموجّهة لعمان والصين وايران، بممارسة ضغوط على صنعاء لإحداث تغيير في موقفها، إلاّ أنّ محاولات العدوان وتحالفه أخفقت في تحقيق أي اختراق سياسي يضعف موقف صنعاء الديني والاخوي والأخلاقي المساند لغزة، فحتى 1 فبراير الجاري ما يزال الموقف العماني يرى أن التصعيد في البحر الأحمر هو واحدة من تداعيات الحرب الإسرائيلية ضد سكان غزة، وبالتالي فإن ترسيخ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي والملاحة في البحر الأحمر، يبدأ بوقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وحماية المدنيين، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، وفقا لتأكيد السُّلطان هيثم بن طارق في الاتصال الهاتفي ظهر يوم الجمعة 2فبراير مع ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني.
وكان لافتاً خلال الأيام القليلة الماضية استقبال مسئولي الخارجية العمانية لسفيرة الجمهورية الفرنسية كاترين قرم كمون لدى ( حكومة المرتزقة) ، وكذا هانس غروندبرغ، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، لبحث “جهود مساندة الأطراف اليمنية للوصول لحل سياسي، ولتداعيات الحرب الإسرائيلية ضد سكان غزة على القضية اليمنية والملاحة في البحر الأحمر”، في إشارة الى المطالب الامريكية – البريطانية عبر سلطنة عمان.
في ختام جولة المفاوضات هذه حرصت وزارة الخارجية العمانية على إيصال رسالتها الى ” دول الضغوط” بأن الحل يأتي عبر معالجة أسباب التداعيات، وفقا لما نشرته عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي ( إكس – تويتر سابقا) حينما جددت موقف سلطنة عمان “الداعي إلى السلام العادل والشامل وذلك تحقيقا لأمن واستقرار المنطقة وانتعاش النمو والازدهار للجميع”، مناشدة في هذا السياق “جميع الأطراف لوقف التصعيد والعمليات العسكرية، والتركيز على معالجة الأسباب الجذرية والحقيقية للأزمة”، متوافقة بذلك مع رؤية صنعاء لحل الأزمة في غزة وإيقاف مهاجمة سفن إسرائيل في البحر الأحمر عبر إيقاف العدوان والحصار على غزة .
على المستوى الشعبي والمعنوياتي يمكن الجزم أن تحالف العدوان الأمريكي -البريطاني فشل كذلك في إحداث أي تأثير على هذه الجبهة، وعلى العكس من ذلك، منذ بدء ضربات العدوان على محافظات يمنية يرتفع بالمقابل حجم الزخم الشعبي والمعنوي اليمني المناصر لغزة والقضية الفلسطينية، بما في ذلك رفع حالة الجهوزية والانخراط في عمليات التدريب والتأهيل القتالي، وهو ما أكده قائد الثورة السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي، بإشارته في خطابه الأخير الى تدريب وتأهيل (مائة وخمسة وستين ألف وأربعمائة وتسعة وعشرين متدرب) في مختلف المحافظات، في دورات مفتوحة، ذات مستويات جغرافية محدودة.
مشيراً على مستوى المسيرات والمظاهرات التضامنية مع فلسطين الى تسجيل عدد (ألف وثلاثمائة وواحد وخمسين) فعالية ، وعدد (ثلاثة وأربعون ألفاً وستمائة وستة وأربعون) وقفة احتجاجية، وهو ارقام ومؤشرات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك صلابة الموقف اليمني تجاه غزة، وإخفاق العدوان في هز هذا الموقف المتين والمترابط على المستوى العسكري والسياسي والمعنوياتي.