هيهات منا الذلة .. اليمن يستحضر كربلاء في معركة الصمود ومواجهة الطغاة
شهدت الساحات اليمنية في مختلف المحافظات، في يوم عاشوراء، خروجًا مليونيًا غير مسبوق لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، في مشهد جسّد وحدة الهوية الإيمانية والثورية التي يتبناها اليمنيون، ورفع المشاركون شعار “هيهات منا الذلة” في تجديد رمزي لمعاني الكرامة والرفض للظلم والوصاية، مؤكدين ولاءهم لدماء الشهداء.
يمانيون / تحليل / خاص
دلالة الحدث
هذا الحضور الكبير لا يمكن قراءته كفعالية دينية فحسب، بل يحمل أبعادًا سياسية وثقافية واجتماعية عميقة في ظل السياقات الراهنة التي يعيشها اليمن والمنطقة، فهو تأكيد على تموضع الهوية الثورية في قلب الثقافة اليمنية ، حيث يأتي إحياء عاشوراء في اليمن متداخلًا مع السياق الثوري ضد الظلم والعدوان ، فاستذكار الحسين عليه السلام ليس فقط شعيرة دينية، بل خطاب ثورة مقاومة، والجموع اليمنية حين تردد “هيهات منا الذلة”، فهي توائم بين رسالة كربلاء ومسيرة الصمود الوطني منذ سنوات العدوان.
الولاء لدماء الشهداء .. استمرارية المعركة
الحشود أكدت في هتافاتها وراياتها الولاء لدماء الإمام الحسين عليه السلام ولدماء الشهداء، مما يشير إلى أن معركة اليمنيين لم تنتهِ، وأن هذه الفعالية بمثابة تأكيد على بقاء جذوة الثورة والمقاومة مشتعلة، إذ يتحول الإمام الحسين عليه السلام إلى رمز جامع للشهداء الذين سقطوا في وجه العدوان، في الماضي والحاضر.
عاشوراء .. ذكرى لكل زمان ومكان
رسالة عاشوراء لا تتقيد بزمنها التاريخي ولا بموقعها الجغرافي، فهي مشروع دائم يستلهمه الأحرار في كل العصورـ وقد أعاد اليمنيون التأكيد من خلال هذه المسيرات أن ثورة الإمام الحسين هي مدرسة متجددة لمواجهة الظلم والطغيان، وأن كربلاء ليست ذكرى بل منهج حياة، يعلم الصبر والثبات والمقاومة.
في اليمن، تتحول عاشوراء إلى منصة لتجديد العهد بالمواجهة، ورسالة واضحة بأن معركة كربلاء مستمرة بصور وأشكال متعددة، في وجه الطغاة والمستكبرين، وأن دم الحسين ما زال ينطق في وجه الطغيان الحديث.
رسالة للداخل والخارج .. وحدة شعبية رغم المعاناة
ورغم الأوضاع الإنسانية الصعبة والمخاطر المحدقة باليمن وأبناء الشعب اليمني نتيجة المشاريع الاستعمارية في المنطقة التي يقودها العدو الصهيوأمريكي، أثبت الخروج المليوني قدرة الشعب اليمني على تجاوز الألم، وتحويله إلى طاقة روحية وجماعية، وهي رسالة للداخل بأن الشعب لا يزال متماسكًا، وللخارج بأن مشروع التركيع فشل، فالشعب لا ينسى قادته ولا قضيته.
هيهات منا الذلة .. ليس مجرد شعار
هذا الشعار لم يكن مجرد عبارة موروثة، بل صرخ به المشاركون كقاعدة فكرية وسلوكية، إنه إعلان صريح بأن الشعب اليمني لا يقبل الهوان، وأن مشروع الكرامة الذي استشهد من أجله الحسين عليه السلام ، ما زال حيًا في ضمير أمة تواجه حصارًا وعدوانًا مستمرين منذ سنوات.
خاتمة:
يمكن القول إن الخروج المليوني في عاشوراء اليمن لم يكن فعلاً احتفاليًا بل فعلًا مقاومًا ودرواً إيمانياً من منطلق التعبير عن الهوية ، لقد شكل تجسيدًا حيًا لثنائية “الإيمان والثورة”، وأعاد التأكيد على أن اليمن لا يزال يحمل مشروعًا يتجاوز حدوده الجغرافية، مشروعًا يقاوم الاستسلام، ويستلهم من كربلاء معاني النصر على الطغيان مهما كانت كلفة التضحيات، مستندًا إلى مدرسة لا تزول رسالتها: “كل يوم عاشوراء، وكل أرض كربلاء.”