غادر الطفل الذي صرخ: أنا جوعان! .. ولم تجبه أمة المليارين
يمانيون / خاص
غادر الطفل، ذاك الذي صرخ من بين الأنقاض، أو من خيمة باردة، أو من شارع مهجور: أنا جوعان!
غادر ولم يجبه أحد.
لا الأيادي امتدت، ولا الأفواه تحركت، ولا العروش اهتزت.
صرخة طفلٍ، قالها بلسانٍ ملائكي، لم تهز المآذن التي ارتفعت باسم الرحمة، ولا أنظمةٌ تدّعي الشرف والكرامة، ولا قلوبًا كانت يوماً تحنّ على الضعيف.
غادر الطفل، نحيف الجسد، واسع العينين، يحمل في نظرته سؤالاً مرًّا: أين أنتم؟
لكن لا أحد أجاب.
غادر بعد أن انتظر كسرة خبز، قطرة حليب، غطاءً دافئًا، حضنًا آمنًا.
غادر ولم تلتفت إليه أمة المليارين، تلك التي تقرأ كل يوم قوله تعالى : (وأطعموا البائس الفقير…) (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم…)
غادر، وترك خلفه وصمة عار على جبين الأمة.
تركها تتخبط في مؤتمرات القمم الفارغة، والبيانات المتكررة، والحسابات السياسية الباردة.
غادر، وحمل معه لعنة الطفولة التي أُهينت، والكرامة التي دُفنت، والضمير الذي مات.
صرخة الطفل أنا جوعان لم تكن مجرد كلمات، بل صفعة مدوية على وجه أمةٍ نسيت واجبها تجاه أبنائها.
وإن كان قد غادر الجسد، فإن السؤال سيبقى معلقًا في السماء: كم طفلًا آخر يجب أن يصرخ، قبل أن تستيقظ أمةٌ نائمة؟