Herelllllan
herelllllan2

الجزر اليمنية في مرمى الأطماع .. معركة السيادة بين الهيمنة الخارجية والمواجهة الوطنية

تشكل الجزر اليمنية، الممتدة على طول البحر الأحمر وخليج عدن، حجر الزاوية في معادلات الجغرافيا السياسية الإقليمية والدولية، نظرًا لما تتمتع به من أهمية استراتيجية بالغة في تأمين خطوط الملاحة والتحكم بالمضائق البحرية الحيوية، وعلى رأسها مضيق باب المندب، وقد أصبحت هذه الجزر هدفًا للأطماع الاستعمارية والإقليمية، لا سيما من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والسعودية، حيث يسعى كل طرف إلى تثبيت نفوذه عبر مشاريع عسكرية واستخباراتية واقتصادية تضع السيادة اليمنية في مهب الخطر، ويستعرض هذا التقرير أوجه التدخلات الخارجية في هذه الجزر، ويحلل الدور الذي تلعبه القيادة الثورية في إطار “المسيرة القرآنية” في مواجهة هذه الأطماع، وترسيخ معادلة السيادة الوطنية كخيار لا يقبل المساومة.

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

 

الجزر اليمنية .. تنوع جغرافي يجسد الإمتداد البحري لليمن

 البحر الأحمر : يضم ما يقارب 120 جزيرة .

 في البحر العربي (خليج عدن) يضم أكثر من 60 جزيرة .

تمتلك اليمن ثلاثة أرخبيلات رئيسية إضافة إلى عدة جزر صغيرة منفردة تتوزع في مناطق بحرية حيوية:

أرخبيل سقطرى وهو أكبر الأرخبيلات في الجزر اليمنية بمساحة تقدر بنحو 3,796 كم² ، وموقعها يطل على بحر العرب، جنوب شرق الساحل اليمني ، وعدد سكانه  نحو 70 ألف نسمة ، ويشتهر بتنوعه البيولوجي الفريد (أكثر من 700 نوع نباتي نصفها متوطن)، إضافة إلى وجود جزر صغيرة مجاورة مثل عبد الكوري وسمحة ، و يعتمد السكان على الزراعة التقليدية، وصيد الأسماك، مع تنامي السياحة البيئية.

أرخبيل حنيش ، بمساحة متوسطة ، يضم ثلاث جزر رئيسية ، وموقعه يطل على  البحر الأحمر شمال مضيق باب المندب،  لا يوجد سكان دائمون، ويعتمد عليها الصيادون في الصيد، كما تعتمد على السياحة البيئية المحدودة.

أرخبيل زقر بمساحة صغيرة، قبالة سواحل الحديدة، وهي جزر صغيرة تتميز بشعاب مرجانية هامة وأهم الاستخدامات المرتبطة بها الصيد البحري واستقطاب السياحة البيئية.

 

الأهمية الاستراتيجية للجزر اليمنية

تحتل الجزر اليمنية موقعًا جغرافيًا محوريًا على طرق الملاحة البحرية الدولية، حيث تشكل نقطة التقاء بين البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، هذا الموقع الفريد يجعلها حارسًا طبيعيًا لمضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، الذي يربط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي عبر قناة السويس،  يمر عبر هذا المضيق حوالي 10% من التجارة البحرية العالمية، بما في ذلك شحن النفط والسلع الأساسية، ما يمنح الجزر اليمنية دورًا استراتيجيًا في مراقبة وتأمين حركة الملاحة الدولية.

الأبعاد العسكرية

تلعب الجزر اليمنية دورًا عسكريًا حيويًا في تعزيز الأمن الوطني والإقليمي ،  وتقع العديد من هذه الجزر في مواقع تمكن من السيطرة على المضائق البحرية الحيوية، مثل مضيق باب المندب، الذي يعد ممرًا استراتيجيًا لا يمكن تجاوزه. ولذلك، تُستخدم هذه الجزر كمواقع للمنشآت العسكرية والقواعد البحرية التي تراقب وتسيطر على حركة السفن، وتمنع التهديدات الأمنية مثل القرصنة والتهريب والأنشطة العدائية، كما توفر قاعدة انطلاق للقوات البحرية والجوية لمراقبة وتأمين المياه الإقليمية، وتُعد منطلقًا هامًا للعمليات العسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن.

الأبعاد الاقتصادية

تمثل الجزر اليمنية محاور اقتصادية استراتيجية ترتبط مباشرة بتجارة الطاقة والنقل البحري الدولي،  مرور نحو 4 ملايين برميل نفط يوميًا عبر مضيق باب المندب يجعل من هذه الجزر نقطة مركزية في تأمين سلسلة إمدادات الطاقة العالمية، كما تشكل الجزر مناطق جذب للسياحة البيئية، خصوصًا أرخبيل سقطرى، الذي يمتلك إمكانات كبيرة لتطوير السياحة المستدامة، مما يفتح فرصًا اقتصادية جديدة للسكان المحليين ولليمن بشكل عام. إضافة إلى ذلك، تتيح الجزر فرصًا للاستثمار في قطاع الصيد البحري وتنمية الموارد البحرية، وهو ما يمكن أن يساهم في تعزيز الأمن الغذائي ورفع مستويات الدخل في المناطق الساحلية.

 

التهديدات الجيوسياسية والتوترات الإقليمية وتأثيرها على الجزر اليمنية

تقع الجزر اليمنية في قلب منطقة بحرية استراتيجية تعج بالتوترات الجيوسياسية التي تنعكس بشكل مباشر على أمن واستقرار هذه المناطق الحيوية،  إن موقعها القريب من مضيق باب المندب، الذي يشكل ممرًا مائيًا دوليًا رئيسيًا، يجعلها هدفًا للمنافسات الإقليمية والدولية التي تسعى للسيطرة على طرق الملاحة وتأمين مصالحها الاقتصادية والسياسية.

حيث تشهد منطقة البحر الأحمر وخليج عدن توترات  إقليمية ودولية، نتيجة الأطماع الاستعمارية المستمرة للجزر اليمنية أو في السيطرة على الممرات البحرية  ، حيث تشكل الجزر اليمنية نقاطًا محورية في المنافسات الدولية بين القوى الاستعمارية الكبرى التي تسعى للحفاظ على نفوذها في منطقة الشرق الأوسط وخطوط التجارة العالمية ،  كما تزداد أهمية الجزر كقواعد محتملة للتحكم في طرق الشحن، ما يجعلها عرضة للتوترات والتدخلات العسكرية.

المخاطر الأمنية والتهديدات البحرية

تواجه الجزر اليمنية سلسلة من المخاطر الأمنية المتزايدة التي تهدد استقرارها وسلامة الملاحة البحرية في المنطقة. تتمثل هذه التهديدات في نشاطات القرصنة البحرية، وعمليات التهريب، بالإضافة إلى التوترات بين القوى الإقليمية والدولية التي تحاول فرض سيطرتها على الممرات البحرية الحيوية ، كما تشكل التحركات العسكرية الأجنبية، والتحالفات التي تدعم فصائل مرتزقة، مصدر تهديد مباشر للأمن البحري، حيث تحولت الجزر إلى مسرح لصراعات استخباراتية وعسكرية تخدم أجندات خارجية على حساب سيادة اليمن.
إن غياب الأمن البحري يعرض حركة التجارة الدولية وممرات الطاقة للخطر، ما يفرض على اليمن تعزيز قدراتها الأمنية وتعاونها الإقليمي والدولي للحفاظ على سلامة مياهها الإقليمية، وضمان أمن الملاحة البحرية وحماية ثرواتها الطبيعية.

التأثيرات على التنمية والاستقرار المحلي

تشكل النزاعات المستمرة والتدخلات الخارجية عائقًا رئيسيًا أمام التنمية المستدامة في الجزر اليمنية، حيث تؤثر الأعمال العسكرية والاحتلالات على البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما يعيق تحسين مستوى المعيشة للسكان المحليين.
تتسبب هذه التوترات في نزوح بعض السكان وخلق أجواء من انعدام الأمان تضعف استقرار المجتمعات، كما تؤثر على القطاعات الحيوية مثل الصيد والسياحة والزراعة التي يعتمد عليها السكان بشكل مباشر.
كما أن الاعتماد على الدعم الخارجي أو فصائل  المرتزقة المسلحة المدعومة من قوى خارجية يعرقل بناء مؤسسات وطنية قوية ويقوض فرص التنمية الحقيقية، ما يجعل التنمية المحلية رهينة للأوضاع الأمنية والسياسية المتقلبة.
لذا، فإن تحقيق الاستقرار السياسي والأمني يعد شرطًا أساسيًا لتمكين التنمية المحلية، وتحسين جودة الحياة، وتحقيق التوازن بين حماية السيادة الوطنية ورفاهية المجتمعات الساحلية.

الأطماع الاستعمارية والإقليمية في الجزر اليمنية

تمثل الجزر اليمنية مواقع استراتيجية ذات أهمية جغرافية وسياسية تجعلها محط اهتمام كبير من قبل قوى إقليمية وعالمية تسعى إلى تعزيز نفوذها وتأمين مصالحها في المنطقة.

الأطماع الأمريكية والإسرائيلية

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية، بوصفها قوة عالمية كبرى، إلى الحفاظ على السيطرة ضمن محاور الملاحة البحرية الحيوية، وخاصة مضيق باب المندب، الذي يمر عبره جزء كبير من التجارة العالمية وطرق إمداد الطاقة ،وتستخدم الولايات المتحدة هذه الجزر لتعزيز وجودها العسكري والاستخباراتي في منطقة الشرق الأوسط، بما يتيح لها مراقبة حركة السفن ومواجهة تهديدات مثل الإرهاب والقرصنة، كما تستفيد الولايات المتحدة من التنسيق مع حلفائها لتعزيز الأمن البحري.

أما العدو الإسرائيلي، فيولي اهتمامًا استراتيجيًا بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب لضمان أمن خطوط الإمداد الخاصة به، ويعمل من خلال تحالفات إقليمية، خاصة مع الإمارات والسعودية، على توسيع نفوذه في المنطقة ويسعى العدو الإسرائيلي إلى التأثير على التوازنات الجيوسياسية عبر دعم بعض فصائل  المرتزقة وتقوية وجودها الأمني والاستخباراتي في البحر الأحمر، مما يعزز من قدرتها على مواجهة التهديدات الإقليمية.

الأطماع الإماراتية

تسعى الإمارات  المتحدة إلى توسيع نفوذها في البحر الأحمر وخليج عدن من خلال السيطرة أو التأثير على الجزر اليمنية الاستراتيجية، خصوصًا أرخبيل سقطرى وجزر حنيش. وتستخدم الإمارات نفوذها الاقتصادي والعسكري لدعم فصائل المرتزقة ، وتوسيع قواعدها العسكرية، بما يخدم أهدافها في السيطرة على الممرات البحرية الحيوية وتأمين مصالحها الاقتصادية، خصوصًا في مجال التجارة البحرية والطاقة، كما تسعى الإمارات إلى تعزيز وجودها عبر مشاريع تنموية تستهدف إضعاف النفوذ اليمني الرسمي.

الأطماع السعودية

تسعى المملكة  السعودية، التي تشترك مع اليمن في حدود بحرية واسعة، إلى تأمين مداخلها البحرية ومراقبة المضائق الحيوية، وخاصة مضيق باب المندب، وتعمل السعودية على دعم تحالفات سياسية وعسكرية في اليمن لتعزيز سيطرتها وتأمين مناطق النفوذ، بما في ذلك الجزر اليمنية، وتعتبر السعودية هذه الجزر خط دفاع أول لمنع نفوذ قوى معادية أو متشددة في منطقة الخليج والبحر الأحمر، كما تسعى إلى حماية طرق شحن النفط والتجارة البحرية الحيوية من التهديدات المحتملة.

الجزر اليمنية في عهد المسيرة القرآنية .. سيادة لا تُساوَم ومواجهةٌ للأطماع الاستعمارية

منذ عقود، ظلت الجزر اليمنية عرضة لأطماع القوى الاستعمارية الكبرى، نظرًا لما تمثّله من أهمية استراتيجية فائقة في ممرات الملاحة الدولية، وخاصة في البحر الأحمر وخليج عدن،  فبعض هذه الجزر كـ”سقطرى” و”حنيش” و”كمران” و”جبل الطير”، كانت مسرحًا لصراعات النفوذ والتدخلات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، عبر الاحتلال أو اتفاقات مشبوهة تنتقص من السيادة اليمنية.

إلا أن مع انطلاق المسيرة القرآنية بقيادة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، شهدت اليمن تحولًا جوهريًا في طريقة التعاطي مع ملف السيادة، وخصوصًا ما يتصل بالجزر والممرات البحرية، فقد أعادت هذه المسيرة تعريف مفهوم السيادة باعتباره مبدأ دينيًا ووطنيًا غير قابل للمساومة أو التفاوض، وأكدت أن الحفاظ على الأرض – برًا وبحرًا – واجب مقدّس.

تثبيت معادلة السيادة والردع

في هذا السياق، أصبح التواجد الأجنبي في أي من الجزر اليمنية أو مياهها الإقليمية مرفوضًا بشكل قاطع،  فالمسيرة القرآنية لم تكتفِ برفع شعار السيادة، بل ترجمته عمليًا عبر خطوات عسكرية، أمنية، وسياسية تهدف إلى طرد الاحتلال وتفكيك مشاريع الوصاية،  وقد تجلّى ذلك في مواقف واضحة ضد التواجد الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي في المياه الإقليمية، والذي بات يُدار عبر أدوات إقليمية تابعة لــ التحالف الأمريكي-الصهيوني.

كما عملت القيادة الثورية على تعزيز الوعي الشعبي بخطورة هذه المشاريع، وبيّنت كيف أن الاحتلال العسكري للجزر أو محاولات السيطرة على ممرات البحر الأحمر ليست سوى جزء من مشروع استعماري شامل يستهدف سيادة اليمن، وثرواته، وموقعه الجغرافي الحساس.

البحر ساحة للمواجهة والتحرير

لقد تحولت سواحل اليمن وجزره إلى جبهة مفتوحة للمواجهة مع قوى الهيمنة، وهو ما برز بوضوح في مواقف صنعاء تجاه الاحتلال الإماراتي لسقطرى، والتدخلات البريطانية في المهرة، ومحاولات السيطرة على مضيق باب المندب. ولم تعد الجزر اليمنية ثغرات للغزو والاحتلال، بل أصبحت رموزًا للصمود والسيادة، وساحةً مفتوحة للمقاومة في وجه أي قوة تسعى للنيل من استقلال اليمن.

خاتمة 

في ظل احتدام الصراع على الجزر اليمنية، يتضح أن ما يجري في البحر والبر ليس مجرد نزاع جغرافي، بل هو معركة كبرى على السيادة والقرار الوطني، تتشابك فيها المصالح الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية لقوى كبرى وإقليمية،  لقد أعادت القيادة الثورية اليمنية رسم معادلات الردع والرفض لأي وجود أجنبي، وهو ما يحول الجزر اليمنية من مناطق مستباحة إلى جبهات صلبة في مواجهة مشاريع الاحتلال، غير أن المواجهة لا تقتصر على الجانب العسكري والسياسي، بل تمتد إلى ضرورة بناء نموذج تنموي مستدام يربط بين الحفاظ على البيئة البحرية، وتثبيت السيادة، وتعزيز صمود المجتمعات المحلية. إن حماية الجزر اليمنية، إذًا، ليست مهمة عابرة بل مسؤولية وطنية واستراتيجية تتطلب تضافر الجهود الرسمية والشعبية، باعتبارها رموزًا للكرامة الوطنية وركائز لمستقبل مستقل وحر.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com