ثورة الإمام زيد .. ثورة ومشروع دائم للتحرير والوعي
يمانيون / بقلم/ عبدالحكيم عامر
إن من أعظم ما يميز ثورة الإمام زيد عليه السلام أنها كانت مشروعًا تحرريًا أصيلًا استمد جذوره من القرآن الكريم، وامتداده الطبيعي من ثورة الإمام الحسين عليه السلام، كلاهما جسّد المبدأ الواحد «
“هيهات منا الذلة” فكانت مشروع إصلاحي قرآني انطلق من معادلة بسيطة وعميقة “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت”و”ما كره قومٌ حرّ السيوف إلا ذلّوا” هنا تكمن النقطة الجوهرية ربط الإمام زيد حركته بالقرآن الكريم، وقد أدرك الإمام زيد أن ترك الأمة تسبح في مستنقع الخنوع للطغاة هو خيانة لله ولرسوله ولرسالة الإسلام.
لا تزال ثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام، رغم مرور القرون، مشعلاً ينير للأمة درب الحرية والوعي والكرامة ورفض الظلم والخضوع للطغيان، فمنذ أن خرج الإمام زيد بصرخته المدوية ضد طغيان بني أمية واستعبادهم للأمة، شكّل نموذجًا خالدًا للتحرك الواعي المسؤول، حيث حمل مشروعًا إصلاحيًا متكاملًا حمل همّ الأمة في مواجهة الانحراف والضلال.
حين نقرأ التاريخ بقراءة نقدية، ندرك أن ثورات الأئمة العظماء كانت مشاريع ممتدة تتجاوز حدود الزمان والمكان، ومن بين تلك الثورات الفارقة، تتقدّم ثورة الإمام زيد بن علي عليه السلام كأحد أنقى تجليات الإسلام الثائر على الظلم، ثورة لم تُحصر في مواجهة بني أمية فحسب، بل وضعت قواعد حاكمة للصراع مع كل طاغوتٍ يستعبد الأمة ويصادر إرادتها.
اليوم، في زمن الهيمنة الأمريكية والصهيونية، تعود هذه الثورة لتُطرح كمرجعية وعي ومشروع عمل، لا كذكرى بكائية، وهذا المبدأ ما زال صالحًا في زمننا، من يخشون مواجهة الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، يقدمون تبريرًا مجانيًا لاستمرارها.
وإذا أعدنا ربط السياق، نجد أن الشعب اليمني اليوم يعيش لحظة استلهام حقيقية من مدرسة الإمام زيد عليه السلام، الشعب اليمني يواجه مشروعًا استكباريًا هو نفسه الذي واجهه الإمام زيد مشروعٌ يهدف لإذلال الأمة ونهب مقدراتها وتزييف وعيها، ولذلك فإن إعادة إحياء ذكرى الإمام زيد محطة تعبوية لتثبيت الهوية القرآنية وتجديد الالتزام بمعادلة “البصيرة ثم الجهاد”.
أن أبرز معركة تواجهها شعوبنا اليوم هي معركة وعي والإعلام، كما حاول الطغاة من قبل تزييف صورة المجاهدين الثوار وشيطنتهم، تُعاد اللعبة نفسها اليوم بأساليب حديثة منصات مموّلة، حملات تشويه، حرب نفسية، هنا تتبدّى الحاجة القصوى إلى إحياء روح الإمام زيد بتحصين البصيرة، وكشف الباطل، فضح من يقفون مع الطغاة تحت شعارات السلام والحياد.
اليوم، المشروع الأمريكي الإسرائيلي هو الامتداد الطبيعي لذلك المنطق، احتلالٌ وقمع، نهبٌ للثروات، إعلامٌ مزيّف، هنا يظهر المعنى العميق لثورة الإمام زيد عليه السلام بمقاومة الظلم تبدأ من الداخل، من كسر الخوف، ومن إعادة تعريف الحقائق وبناء الوعي والبصيره على ضوء القرآن الكريم.
وحين نقول إن المشروع القرآني في اليمن حاضر اليوم، وكيف تحوّلت في قلب الحصار إلى رافدٍ ومساند وداعم للشعب والمقاومة الفلسطينية، وإلى رادعٍ لمعادلات الغطرسة، وهي نفس المدرسة التي تربّى عليها الشعب اليمنيون أن لا مساومة مع الطغاة.
وهذا يعني إن ثورة الإمام زيد عليه السلام منظومة قيمية واستراتيجية، تجددت في ثورات التحرر في وجه كل استكبار، واليوم، بينما تتصاعد معركة “طوفان الأقصى” وتشتد المواجهة مع المشروع الصهيوأمريكي، تعود هذه الثورة لتقول للأمة “لا سكوت أمام الجرائم، ولا مهادنة مع ظالم”.
وبهذه البصيرة، يثبت الشعب اليمني وكل أحرار الأمة أن العزة لا تُستورد من عواصم الهيمنة، بل تُصنع من جذور الإسلام المحمدي الأصيل إمتداداً بأئمة آل البيت، وتحويل ثوراتهم عبر التاريخ إلى مشروع تحررٍ حيّ لا يعرف التوقف ولا المساومه ولا الإستسلام.