Herelllllan
herelllllan2

من الميدان إلى الاقتصاد .. معركة السيادة مستمرة والبنك المركزي في قلب المواجهة

في ظل التحديات الاقتصادية المتصاعدة التي تواجهها البلاد نتيجة العدوان والحصار، يواصل البنك المركزي في صنعاء أداء دوره المحوري في حماية الاستقرار النقدي ودعم الاقتصاد الوطني،  وتأتي الخطوات الأخيرة التي أعلن عنها البنك والمتمثلة في إصدار عملة معدنية من فئة خمسين ريالًا، إلى جانب إعادة طباعة فئة المائتي ريال الورقية، كخطوة استراتيجية تعكس رؤى اقتصادية مدروسة تسهم في تعزيز السيولة النقدية وتحسين كفاءة التعاملات المالية اليومية. ويمثل هذا الإجراء انتصارًا اقتصاديًا جديدًا ضمن مسار المواجهة الاقتصادية، ويبرهن على قدرة مؤسسات الدولة على ابتكار حلول فاعلة رغم القيود المفروضة، ويعيد التأكيد على أن المعركة الاقتصادية تُدار بعقلانية ومسؤولية لضمان الاستقرار المالي،

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

 

يتناول هذا التقرير أبعاد هذه الخطوة من الناحية الاقتصادية، والسياسية، والاستراتيجية، ويحلل كيف أربكت هذه الإجراءات حسابات المرتزقة، ورسّخت مفهوم السيادة النقدية، وأسهمت في دعم استقرار سعر الصرف وتعزيز ثقة المواطن بالعملة الوطنية، كما يمثل هذا التطور المالي نقطة تحول بارزة في المعركة الاقتصادية التي يخوضها الشعب اليمني، ويؤكد أن البنك المركزي ليس مجرد مؤسسة تصمد أمام الضغوط، بل مؤسسة تبادر وتنتصر.

 

خطوات استراتيجية في توقيت حساس

فوجئ الشارع اليمني بإعلان البنك المركزي إصدار عملة معدنية من فئة خمسين ريالًا بعد سنوات من غيابها، في خطوة أعادت الروح لأدوات التداول النقدي الصغيرة، ولم تمضِ سوى أيام حتى أُعلن عن إصدار ورقة نقدية جديدة من فئة مائتين ريال، وهو ما أثار اهتمام المراقبين والاقتصاديين، كونه يشير إلى وجود خطة نقدية متكاملة ومدروسة.

جاءت الخطوتان ضمن توقيت حساس، حيث تُمارَس على الاقتصاد الوطني ضغوط مالية ونقدية ممنهجة من قبل قوى العدوان، وتُدار حرب عملات تهدف إلى إغراق السوق اليمنية بالفئات المطبوعة في الخارج، دون غطاء نقدي، لخلق تضخم مالي وخلل في سعر الصرف.

 

الأبعاد الاقتصادية للخطوة

تمثل هذه الخطوة من البنك المركزي أكثر من مجرد تحديث فني للعملة، بل تفتح المجال أمام مجموعة من التأثيرات الاقتصادية المهمة، منها ،

ضخ السيولة الصغيرة والمتوسطة بما يسهّل حركة التداول وتنعش الأسواق المحلية ،

وكذلك استقرار الأسعار وتقليص تداول الفئات التالفة أو غير القانونية ويُسهم في ضبط الأسعار،

إضافة إلى تعزيز الثقة بالعملة الوطنية وهو تأكيد على أن البنك يدير السياسة النقدية باحترافية وسيادة،

الحد من المضاربة والفوضى النقدية ، وتقليص نشاط السوق السوداء والتعاملات غير الرسمية.

تمهيد لإصلاحات أوسع بتهيئة بيئة نقدية متوازنة تدعم الإصلاحات المالية المستقبلية.

 

أهمية الخطوة في معركة السيادة الاقتصادية

تأتي هذه الخطوات في سياق مواجهة شاملة تخوضها الدولة اليمنية ضد أجندة تجويع وحصار تمارسها قوى العدوان، من خلال إعادة زمام المبادرة المالية بيد صنعاء بعد محاولات إسقاط البنك المركزي ، وكشف هشاشة أدوات المرتزقة الذين فشلوا في إدارة السياسات النقدية في الجنوب.

كما أنها تأكيد على أن البنك المركزي مؤسسة سيادية نشطة، لا مؤسسة عاجزة أو منعزلة كما أراد لها العدوان ، وصدّ مؤثر للهجمة النفسية والإعلامية التي حاولت تصوير الدولة الوطنية كمنهارة اقتصاديًا.

 

المواصفات والمميزات الفنية للعملات الجديدة

تم تصنيع العملات الجديدة وفقًا لأعلى المواصفات الفنية العالمية، وباستخدام أحدث تقنيات الطباعة والتشفير المتقدمة.

 العملة المعدنية (فئة 50 ريالًا):

المادة: صُنعت من مزيج معدني عالي الجودة مقاوم للتآكل والصدأ.

التصميم: يحمل نقوشًا دقيقة تجسّد رموزًا وطنية، مع تمييز بصري ولمسي يسهل على المستخدمين التعرف عليها.

الوزن والحجم: صُمّمت بأبعاد ووزن متوازن يسهم في سهولة التداول ويمنع الخلط مع فئات معدنية أخرى.

الخصائص الأمنية: تتضمن العملة تقنيات معقدة تمنع التزوير، مثل الحواف المحفورة واللمعان الموجّه، إلى جانب إمكانية التحقق منها عبر أجهزة كشف العملات.

 العملة الورقية (فئة 200 ريال):

الخامة: طُبعت على ورق خاص عالي المتانة، مقاوم للماء والتمزق، ما يضمن بقاءها لفترات طويلة في التداول.

التقنيات الأمنية:

خيوط أمنية متطورة مدمجة داخل الورقة.

طباعة بارزة يمكن تحسسها باللمس.

علامات مائية دقيقة لا تُرى إلا عند تعريض الورقة للضوء.

ألوان متغيرة حسب زاوية النظر، وأحبار خاصة تظهر تحت الأشعة فوق البنفسجية.

التصميم الفني: جمع التصميم بين الأصالة والحداثة، حيث تبرز المعالم الوطنية، مع توزيع متوازن للعناصر البصرية يعكس الهيبة والموثوقية.

تؤكد هذه المواصفات أن العملتين الجديدتين ليستا مجرد أدوات نقدية، بل تمثلان تطورًا نوعيًا في مسار تأمين العملة الوطنية، وجعلها عصيّة على التزوير أو التلاعب، وهو ما يعبّر عن حرص البنك المركزي على استعادة ثقة المواطن بالعملة، ودعم استقرار السوق المحلي.

 

كيف أربكت هذه الخطوة حسابات المرتزقة؟

شكّل إصدار العملات الجديدة ضربة مباغتة لحسابات أدوات العدوان ، فبينما تعاني المناطق المحتلة من انهيار في سعر الصرف وتضخم جامح بسبب الطباعة العشوائية للعملة، نجحت صنعاء في تثبيت سعر الصرف وتعزيز السيطرة على السوق، وأربكت هذه الخطوة المخططات الرامية إلى عزل البنك المركزي في صنعاء ماليًا، وأكدت أن مركز القرار الاقتصادي ما زال ينبض في قلب العاصمة، وأفشلت مخطط فرض الأمر الواقع النقدي في الجنوب، وأثبتت أن الفئات غير القانونية مصيرها العزل والرفض.

 

انتصار اقتصادي في معركة الإرادة

النجاحات المتلاحقة للبنك المركزي في إدارة الملف النقدي، رغم العدوان والحصار، تمثل انتصارًا حقيقيًا لإرادة الشعب اليمني، فكما تنتصر البنادق في الجبهات، فإن القرار الاقتصادي الصامد والرشيد ينتصر في ميدان المواجهة المالية.

إن خطوة إصدار العملات الجديدة ليست مجرد تدبير مالي، بل هي رسالة موجهة للداخل والخارج، أن الشعب اليمني لن يسمح بانهيار دولته ولا مصادرة قراره الاقتصادي، وأن زمن الهيمنة النقدية الخارجية قد ولّى.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com