Herelllllan
herelllllan2

الصحافة الورقية في اليمن .. من معركة التنوير إلى سلاح الموقف الجهادي

لا تزال الصحافة الورقية في اليمن تلعب دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام، ومخاطبة النخبة المثقفة، والتفاعل مع قضايا المجتمع على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والإعلامية،  فعلى الرغم من التحديات التي فرضها العصر الرقمي، ظلت الكلمة المطبوعة تحمل وزنها ورمزيتها كوسيلة ذات عمق وتأثير في الوعي الجمعي، وأداة قادرة على ربط الماضي النضالي بالحاضر المتغير.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

الصحافة الورقية .. رافعة الوعي وبوصلة الرأي العام

 

 أهمية الصحافة الورقية ودورها الوطني

تُعد الصحافة الورقية إحدى أدوات الدولة والمجتمع في التعبير عن الرأي والتوجيه والتثقيف، حيث تتجاوز وظيفتها الإخبارية إلى مهام أعمق في بناء الإنسان والمجتمع. لقد كانت ولا تزال رافعة للخطاب المسؤول، ومنبرًا لتحليل الأحداث، ومرجعًا للنخبة ومراكز التفكير، بما تتيحه من مساحة للرؤية المتعمقة والمعالجة الموضوعية غير السريعة أو المتسرعة.

 

نماذج من الصحف الورقية اليمنية

برزت في اليمن عدة صحف ورقية رسمية وثورية مثل:

صحيفة الثورة: الناطقة باسم الشعب ومؤسسات الدولة، وتُعد منبرًا للموقف الوطني المقاوم والموجه، خصوصًا في ظل المسيرة القرآنية، تأسست في ستينيات القرن الماضي، وتعد من أبرز الصحف اليمنية،  تنشر تقارير شاملة عن السياسة والاقتصاد والمجتمع، وتحظى بثقة لدى النخب السياسية والأكاديمية، وتلعب دورًا بارزًا في توجيه الخطاب العام

صحيفة 26 سبتمبر: المعنية بالشأن العسكري والأمني، ولعبت دورًا بارزًا في إبراز انتصارات الجيش واللجان الشعبية، تصدر عن دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع، وتهتم بتوثيق الأداء القتالي، ونشر الخطابات الوطنية الداعمة للجيش. تُعد مؤثرة في الوسط العسكري وذات طابع تعبوي ووطني واضح.

صحيفة اليمن وصحيفة المسيرة: اللتان واكبتا المتغيرات الثورية والسياسية، وتناولت القضايا القومية بروح قرآنية ثورية.

وقد استطاعت هذه الصحف رغم ظروف العدوان والحصار، أن تُثبت حضورها المهني والوطني، وتسهم في رفع الوعي ومواجهة الحملات التضليلية الإعلامية.

 

تحدي الصحافة الرقمية ومستقبل الورقي

أمام الانتشار الواسع للصحافة الرقمية ومنصات التواصل، تواجه الصحافة الورقية تحديًا مصيريًا يتعلق بالبقاء والتأثير، ومع ذلك، تظل الصحف الورقية متميزة بخصائص فريدة، منها ، الموثوقية والرصانة، والأرشفة المادية الطويلة الأمد، والتعمق في التحليل والتوثيق، غير أن مستقبلها مرهون بتحقيق التجديد في الشكل والمحتوى، وتبني التكامل مع الإعلام الرقمي لا الصراع معه، لتحافظ على وحدة الرسالة وتكامل التوجه وأثرها في ظل الحرب الإعلامية الشاملة والتحولات المتسارعة.

 

هل يمكن للصحافة الرقمية أن تكون بديلًا عن الصحافة الورقية؟

رغم أن الصحافة الرقمية أصبحت وسيلة أساسية للوصول السريع والواسع، فإنها لا تُعد بديلاً كاملًا عن الصحافة الورقية، بل مكملاً لها،  فالمصداقية، والدقة، والتحليل العميق، والرمزية التي تحملها الورقيات، ما زالت تحظى باحترام النخب والمثقفين، بينما تعاني الرقمية في كثير من الأحيان من فوضى المحتوى وسرعة الزوال.

 

الصحافة الورقية في ظل المسيرة القرآنية والمتغيرات الوطنية

منذ انطلاق ثورة 21 سبتمبر وظهور المسيرة القرآنية كمشروع تحرري، واكب الإعلام الورقي وعلى رأسه صحيفة الثورة، هذه التحولات بفاعلية، حيث أعاد صياغة خطابه الإعلامي ليعكس، الانتصارات العسكرية والسياسية في مواجهة العدوان ومرتزقته، والمواقف السيادية الرافضة للوصاية الأمريكية والسعودية، والتحولات الفكرية والثقافية داخل المجتمع اليمني نحو الصمود والثقة والوعي.

كما كانت الصحافة الورقية في طليعة المواقف المشرفة في دعم القضية الفلسطينية، فساندت غزة بصوت الكلمة، ورافقت الموقف الرسمي والشعبي الرافض للتطبيع والداعم لخيار المقاومة، في انسجام تام مع التوجه القرآني.

 

في ظل المسيرة القرآنية .. أي صحافة نريد؟

تفرض المرحلة الراهنة على الصحافة الورقية أن تكون ، صحافة موقف لا حياد زائف، وصحافة جهاد لا مجاملة، وصحافة وعي لا تكرار ولا اجترار.

إن يمن المسيرة القرآنية اليوم بحاجة ماسة إلى صحافة تخوض معركة الكلمة كما تُخاض معركة البندقية، وتنتصر لقيم الاستقلال، وتناهض أدوات التبعية، وتكون صوتًا للمجاهد، لا صدى للمتواطئ أو الخائن، إن صحافة اليوم في ظل زخم المسيرة القرآنية مطالبة بأن تكون صوت الثورة، وبوصلة الوعي، ومنبر الكرامة، وسلاح الموقف.

في ظل المسيرة القرآنية، لا مكان للصحافة الرمادية، ولا قيمة للصحافة التي تخشى الاصطفاف، نحن بحاجة إلى صحافة تنتمي لدماء الشهداء، وتحمل أمانة الصدق، وتؤمن أن المعركة الكبرى ليست فقط في الميدان، بل أيضًا في ميدان الكلمة والموقف والوعي.

 

الكلمة مسؤولية .. والصحافة معركة

ختامًا، فإن الصحافة الورقية في اليمن، وعلى الرغم من التحديات، لا تزال حية، نابضة، حاضرة في الميدان والموقف، شريطة أن تظل وفية لرسالتها، منسجمة مع شعبها، وصادقة في موقفها.

الصحافة الورقية في اليمن مطالبة بتحديث الرؤية الإعلامية، وتجديد أدواتها، ورفع كفاءتها المهنية، وفي الوقت الذي تُحقق فيه الصحافة الرقمية انتشارًا واسعًا، تبقى الصحيفة الورقية صاحبة الأرشيف العميق، والرسالة الموثقة، والمصداقية المتجذرة في الذاكرة الوطنية.

الرهان اليوم ليس على الوسيلة، بل على القدرة على التجدد والابتكار، حتى تبقى الصحافة الورقية فاعلة في المشهد الإعلامي اليمني، شريكة لا خصمًا للصحافة الرقمية.

والخلاصة أن الصحافة الورقية ليست مجرد أوراق تُطبع، بل جبهة من جبهات الوعي، وسلاح في معركة الوجود.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com