Herelllllan
herelllllan2

غزة .. الوجع المفتوح وجوع الأطفال

غزة حيثُ لا مأوى، ولا ماء، ولا مرعى. غزة حيث التضحية، والصبر، والجلد، تقاوم رغم الألم، وتُقارع رغم الخذلان. ببطون خاوية، وأحشاء يعتصرها الجوع، يُكابد الغزّاوِيُّون مرارة هذه الحقيقة التي لا يفهمها سواهم، ولا يعيشها دونهم.
بأجسام نحيلة يقتلها جوع مُذقِع، وقلوب مكلومة مثخنة بالجراح، يقف أبناء غزة كمرآةٍ تعكسُ صورةً مُلطخة بالدم، كُتب على جبينها: “أين ضمير الإنسانية؟!”

يمانيون/ كتابات/ خلود الهمداني

 

وفي مشهد مأساوي يُترجم أقسى انحدارٍ أخلاقي، وقيمي، وديني، وصلت إليه أمتنا، وللأسف الشديد.

يعيش أبناء القطاع جريمة حرب كُبرى، وإبادة جماعية لا نظير لها في كل العالم، بينما العالم يقف مُكبلاً، يكتفي بالصمت، ويُراقب بعجزٍ مفضوح، وخذلانٍ صارخ، وضمير متحجر، ودمٍ بارد.

يحاول أن يتعامى عن كل هذه الجرائم المُروعة، بل ويتماهى مع العدو الصهيوني ويتواطأ معه في ارتكاب الجريمة.

لا سيما حكومات الأنظمة العربية والإسلامية، التي بيدها مفاتيح وأوراق تقصم ظهر هذا العدو وتردعه عن بطشه وغِيّه، كورقة النفط والغاز التي في قبضة دول الخليج، والمضايق والقنوات المهمة كقناة السويس، والنيل، واليرموك، وغيرها. وهي قادرة على تحويل مسار المعركة وكسر شوكة الطغيان الصهيوني.

لكن تقف الأمة بين مفترقات عدة، وأمام خيارات مفصلية، مفادها أن لا عِزّة لها، ولا مَنعة، ولا قوة، إلا بالجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، فهو المُخلّص الوحيد، والمخرج من كل هذه المآزق الضيقة والخانقة.

“بالجهاد” يتحقق العدل، والأمن، والقوة التي لا تُضام أبدًا.
بالجهاد يُصنع مستقبلٌ مُشرق،
وبالجهاد تتحقق كل النتائج المهمة لهذه الأمة، وتُضمن حقوقها، عزّتها، كرامتها، إنسانيتها، وتأمن كيد عدوها، وتَسلَم من شرّه، وتُحبَط مؤامراته، وتُفشَل مخططاته.

غزة لا تحتاج إلى الخطب الرنانة، ولا بيانات الشجب الباهتة، ولا القمم الطارئة التي لا تُثمر إلا المزيد من الخذلان والانتظار، غزة تحتاج إلى كسر الحصار، ووقف العدوان، ورفع الظلم الذي يُمارَس عليها منذ سنين، تحت سمع وبصر الجميع.

الطفل الذي يموت جوعًا هناك، لا يعرف لغة السياسة، ولا حسابات المصالح، ولا توازنات القوى،
يعرف فقط أن بطنه خاوية، وأن عينيه تبحثان عن شيء يملأ هذا الفراغ القاتل.يعرف أن في مكانٍ ما من هذا العالم، هناك من يستطيع أن يوقف هذا الجوع، ولكنه لا يفعل.

الزعامات وأصحاب السمو، يجلسون على موائد عامرة، تصم آذانها عن صرخات الأمهات، وتُغلق شاشاتها عن صور الأطفال المُمددين على الأرصفة، والباحثين عن لقمة خبز في أكوام الركام. هم جزء من الجريمة بصمتهم، وجمودهم، وتواطئهم.

في غزة، يكتب الشعب ملحمة من صمود لا يُقهر، وإرادة لا تُهزم،
يُثبت للعالم أن الجوع لا يُنهي الوعي، ولا يكسر العزيمة، بل يُغذي جذوة الغضب، ويُعيد رسم ملامح معركة أكبر من حدود الجغرافيا.

غزة تنادي من جديد، والأمة لا تزال على المحك، فإما أن تنتصر لقيمها، ومبادئها، ودينها، أو تسقط نهائيًا في فخ التبعية والخذلان.

وغزة ستبقى تقاوم بكل ما تملك:
بأمعائها الخاوية، وقلوبها المليئة بالإيمان، حتى يسقط هذا العالم المتخاذل، أمام صرخة جائع يحمل في عينيه نور الحق.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com