نصرةً لفلسطين.. التعبئة العامة تستعرض جاهزيتها في العاصمة والمحافظات
يمانيون | تقرير
في ظلّ استمرار المجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة، ومع تصاعد الغضب الشعبي والرسمي إزاء الصمت الدولي والتواطؤ العربي، يواصل الشعب اليمني رسم مشهد مختلف تمامًا، عنوانه الاستنفار والجاهزية.
من العاصمة صنعاء إلى مأرب وصنعاء المحافظة والحديدة، شهدت الساحة الشعبية، اليوم السبت، سلسلة فعاليات متكاملة عسكرية وشعبية وقبلية، عكست وحدة الموقف وصلابة الإرادة، مؤكدة أن اليمن حاضر في قلب المعركة الكبرى للأمة، وأن فلسطين ليست قضية بعيدة بل معركة وجود ترتبط مباشرة بمصير اليمن ومستقبله.
مناورة عسكرية في صنعاء.. رسالة قوة واستعداد
بدأ المشهد من العاصمة صنعاء، حيث نفّذت شعبة التعبئة العامة مناورة عسكرية لخريجي دورة “البناء والتأهيل”. المناورة حملت شعارًا ذا دلالة: “لبيك يا رسول الله.. إسنادًا لغزة واستعدادًا لمواجهة أي عدوان خارجي واستنفارًا ضد الخونة”.
تحت هذا الشعار، قدّم المقاتلون استعراضًا حيًّا لمحاكاة واقعية للمعركة: إعداد الخطط، رصد مواقع العدو الافتراضية، التمهيد بالأسلحة الثقيلة، ثم الاقتحام المباشر وسط أصوات الرصاص والانفجارات. ومع كل حركة قتالية، برزت مهارة الخريجين وانضباطهم، عاكسة روحًا عالية من الاستبسال والشجاعة.
لم تكن مجرد مناورة تدريبية، بل رسالة سياسية وعسكرية تقول: إن صنعاء ليست فقط حاضرة على مستوى الموقف السياسي، بل هي جاهزة ميدانيًا لأي مواجهة قادمة.
التعبئة الشعبية في الأحياء والمديريات
لم تقتصر الفعاليات على المستوى العسكري المنظم، بل امتدت إلى عمق المجتمع عبر المسيرات الشعبية في مديريات الأمانة.
في مديرية الصافية، خرجت قوات التعبئة في مسير عسكري جاب الشوارع، تزيّنت فيه الأعلام اليمنية والفلسطينية، وارتفعت فيه الهتافات المؤكدة أن اليمنيين لا يمكن أن يكونوا متفرجين على مأساة غزة.
وفي أحياء شعوب ومعين وبني الحارث، تحرك أبناء الحارات في مسيرات ووقفات لخريجي دورات “طوفان الأقصى”، رافعين شعارات البراءة من الصهاينة والخونة، وموجهين رسائل تحذير للعملاء الذين قد يفكرون في الارتهان للمشروع الأمريكي الصهيوني.
المشهد في قرية القابل كان مميزًا، إذ جمع بين الطلاب والأهالي والشخصيات الاجتماعية في مسير شعبي أكد على الترابط بين التضامن مع غزة والاستعداد للاحتفاء بالمولد النبوي الشريف، ما يعكس الاندماج بين الهوية الدينية والنصرة الجهادية في الوجدان اليمني.
وقفة قبلية مسلحة في خولان الطيال
وفي محافظة صنعاء، برز الدور القبلي الذي يشكل ركيزة أساسية في الهوية اليمنية. أبناء مديرية الطيال أقاموا وقفة قبلية مسلحة أعلنوا خلالها موقفهم الواضح: نصرة فلسطين ليست خيارًا بل واجبًا. أدان المشاركون سياسة التجويع التي يفرضها العدو الصهيوني على غزة، معتبرين أن العالم بصمته المخزي يتحول إلى شريك مباشر في الجريمة.
البيان الصادر عن الوقفة أكد دعم أبناء خولان للقيادة الثورية والسياسية العليا والقوات المسلحة اليمنية، مبايعين على الثبات في مواجهة قوى الطغيان والاستكبار، وموجهين نداءً إلى أحرار العالم – علماء ومثقفين وأكاديميين – لاتخاذ موقف واضح ضد هذه الجرائم.
مأرب.. مسير خريجي “طوفان الأقصى”
في مأرب، وتحديدًا مديرية مجزر، نظم خريجو الدورات المفتوحة “طوفان الأقصى – المستوى الثاني” مسيرًا شعبيًا اتسم بزخم عسكري وشعبي معًا. رُفعت الأعلام اليمنية والفلسطينية جنبًا إلى جنب، ورددت الهتافات التي جسدت روح البراءة من أعداء الأمة والخونة.
المشاركون أكدوا جهوزيتهم للتحرك الميداني والالتحام بالقوات المسلحة، معتبرين أن نصرة فلسطين جزء من مسؤوليتهم الدينية والوطنية. وقد باركوا العمليات النوعية للقوات البحرية والصاروخية والطيران المسير في العمق الصهيوني والبحر الأحمر، معتبرين إياها نصراً استراتيجياً للأقصى ورداً على المجازر اليومية بحق النساء والأطفال.
الحديدة.. إعلان النفير العام
وفي تهامة، حيث يتجذر تاريخ طويل من الصمود، احتشد أبناء مدينة الحديدة في وقفة قبلية مسلحة حملت عنوان “إعلان التعبئة العامة”. حضر الوقفة المحافظ وقيادات محلية، في مشهد جسّد التلاحم بين القيادة والمجتمع.
الهتافات التي علت في الميدان لم تكتف بإدانة الجرائم الصهيونية، بل أعلنت بوضوح النفير العام بالسلاح والرجال والعتاد، مؤكدة أن أبناء الحديدة يعتبرون فلسطين معركة مصير وهوية وكرامة.
البيان الختامي للوقفة أوضح أن أبناء تهامة يقفون صفًا واحدًا خلف قائد الثورة في مواجهة الهيمنة الأمريكية الصهيونية، معتبرًا أن دماء غزة ستظل منارة للأحرار وفضيحة للتخاذل. البيان شدد على أن الوحدة القبلية هي السد المنيع أمام مشاريع الاستعمار، وأن خيار النفير العام والجهاد المقدس هو السبيل لتحقيق الفتح الموعود.
قراءة في المشهد
من خلال تتبع هذه الفعاليات في العاصمة وصنعاء المحافظة ومأرب والحديدة، يمكن القول إن المشهد اليمني يتحرك في مسارين متكاملين:
- المسار العسكري المنظم: يتمثل في المناورات التدريبية والدورات العسكرية، التي تثبت أن التعبئة العامة ليست مجرد جهاز تنظيمي بل قوة حقيقية جاهزة لخوض المعركة.
- المسار الشعبي القبلي: يظهر في المسيرات والوقفات التي تعكس أن المجتمع بكافة شرائحه – قبائل، أحياء، طلاب، شخصيات اجتماعية – بات جزءًا من التعبئة والاستنفار.
هذا التكامل بين البعدين العسكري والشعبي يجعل اليمن حالة استثنائية في المنطقة، إذ لم يكتف بالبيانات أو المظاهرات الرمزية، بل حوّل التضامن مع فلسطين إلى فعل تعبوي جهادي حقيقي، يوازي بين نصرة غزة والاستعداد لمواجهة أي عدوان خارجي.
خاتمة
إن ما شهده اليوم من فعاليات في صنعاء ومأرب وصنعاء المحافظة والحديدة، يكشف بجلاء أن الشعب اليمني يعيش حالة من التعبئة الشاملة، حيث تندمج القبيلة بالمدينة، والدين بالسياسة، والمجتمع بالميدان.
وفي الوقت الذي يواصل فيه الكيان الصهيوني ارتكاب أبشع الجرائم بحق غزة، يعلن اليمن، من قلب معاناته، أن المعركة واحدة، وأن النصر لن يكون إلا ثمرة وحدة المستضعفين وصمودهم.
وبذلك، يثبت اليمنيون مرة أخرى أنهم ليسوا مجرد متضامنين مع فلسطين، بل شركاء حقيقيون في معركة التحرر، وأنهم ماضون في خيار النفير العام حتى يتحقق وعد الله بالنصر والتمكين.