ثورة 21 سبتمبر في خطابات السيد القائد .. قراءة في خطاب الذكرى الثانية 2016م (ثورتنا مستمرة)
في الذكرى الثانية لثورة الواحد والعشرين من سبتمبر العام 2016، التي تزامنت مع مناسبة عظيمة في وجدان الأمة وهي ذكرى الغدير، ألقى السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله، خطابًا محوريًا يعكس بعمق الرؤية الثورية والتحليل الاستراتيجي لما تمر به اليمن والمنطقة من تحولات وتحديات.
يمانيون / تقرير / خاص
جاء الخطاب آنذاك في سياق تصعيد العدوان الأمريكي السعودي، ومحاولة تجفيف كل مصادر الحياة من أمام الشعب اليمني، لكنه أيضًا أتى ليُشعل جذوة الوعي الوطني، ويضع الأمة أمام مسؤوليتها التاريخية.
العدوان .. ليس حدثاً عابراً
أكد السيد القائد يحفظه الله ، في خطابه أن العدوان ليس مجرد أزمة آنية أو معركة تقليدية، بل هو جزء من مخطط استراتيجي واسع يستهدف الأمة بكاملها، ويخدم المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.
ووصف العدوان بأنه “سلسلة تآمرية مستمرة”، تهدف إلى السيطرة، الإذلال، وسلب القرار، وأن الأمة بحاجة إلى وعي متجدد وإدراك عميق لمخاطر هذه المؤامرة، وإلا ستسقط كما سقطت أمم عبر التاريخ.
الفرصة في قلب التحدي
واحدة من أبرز رسائل الخطاب للسيد القائد كانت دعوة صريحة إلى تحويل “التحدي إلى فرصة”، حيث قال السيد القائد: “إن التحدّيات والأحداث العظام ولدت أُمَـم وقوضت أُمَـم أُخْـرَى، ويمكن لأي شعب يواجه تحدٍ كبير مثل التحدّي الذي يواجهه شعبنا أن يتحرك لبناء واقعه الداخلي.”
بهذه الروح الثورية، دعا إلى أن تكون المعاناة دافعًا للبناء، لا للانكسار، مشددًا على ضرورة الاعتماد على القيم الإيمانية والهوية الإسلامية كركيزة في مواجهة التحديات.
تشخيص واضح للعدو .. وموقف لا لبس فيه
كان الخطاب مباشرًا في تحديد هوية المعتدي، “العدوان أُعلن من أمريكا، وأدواته السعودية والإمارات ومرتزقتهم، وهم من يقتلون الأطفال والنساء ويدمرون كل شيء.”
لم يتحدث السيد القائد بلغة الدبلوماسية، بل بلغة الثورة والموقف، واصفًا العدوان بأنه يمثل “جوهر الطغيان والظلم والفساد والمنكر”، وموضحًا أن صمت الشعب أو تراجعه هو الخطر الأكبر، وليس شراسة العدو.
الثورة مستمرة .. حتى النصر
في ختام خطابه، ربط السيد القائد بين الثورة كفعل انطلاقي في 21 سبتمبر، وبين الثورة كمسار مستمر: “الثورة لم تنتهِ، بل خطت خطوة واحدة إلى الأمام، وهي مستمرة اليوم في وجه العدوان، وغدًا في سبيل إقامة دولة عادلة، حرة، مستقلة.”
وأشار إلى أن ذكرى الغدير تأتي لترسخ المفاهيم القيادية التي ترتكز على العدل والولاء لله ورسوله وأهل البيت عليهم السلام، وتزيد من الوعي الثوري لدى الجماهير.
حملة دعم البنك المركزي .. تجسيد للوحدة الوطنية
ومن النقاط العملية البارزة في الخطاب كانت الدعوة لإطلاق حملة شعبية لدعم البنك المركزي اليمني، كرد مباشر على الحصار الاقتصادي ومحاولات خنق الشعب اليمني.
دعا السيد القائد يحفظه الله كل المواطنين، مهما كانت مساهماتهم بسيطة، إلى المشاركة في هذه الحملة كموقف مسؤول ومتكافل ووطني.
رسالة إلى النظام السعودي: “مهما كان طغيانكم .. النصر لنا”
وفي رسالة مباشرة إلى النظام السعودي، وصفه السيد القائد بـ”العبد لأمريكا”، و”الدمية بيد الآخرين”، مؤكدًا أن نهايته هي الخسران، وأن الشعب اليمني عصيّ على الاستعباد، متجذر في حريته، وصامد بثقافته القرآنية وإيمانه العميق.
الجزء الذي لن يمحى من ذاكرة اليمنيين في خطاب السيد القائد في المناسبة :
وأنا أقول لكم وخصوصاً أننا في ذكرى مهمة، قادمون عليها بعد يوم، يجب أن نعيش الإحساس الثوري والوعي الثوري، والدافع الثوري، نحن ثوار، شعبنا ثائر، اليوم نحن ثورة في وجه العدوان والاحتلال، وبعد الغد نحن ثورة حتى إقامة دولة عادلة، وثورة مستمرة من كُلّ الأحرار في هذا البلد أي كانت انتماءاتهم الحزبية أَوْ المذهبية، ثورة مستمرة حتى يتحقق لنا في هذا البلد حرية واستقلال، ويتحقق لنا بناء دولة عادلة تقيم العدل في شعبنا، ويتحقق لنا أمن واستقرار شامل، ثورة، الحس الثوري، الوعي الثوري، الدافع الثوري، الحماس الثوري، هو الذي نحتاج إليه، وهو الذي سيفيد، في مستوى مواجهة التحدّيات مهما كانت، أولئك يحرصون على أن يستعبدونا، وكيف، معهم شوية من المنافقين والمرتزقة، عبيد، يشتوا بقية الـيَـمَـنيين عبيد مثلهم، معهم شوية من الأنذال الذين باعوا أنفسهم بشوية فلوس، مفرغين لا أخلاق ولا قيم ولا أي شيء، ويريدون كُلّ الـيَـمَـنيين كأولئك، ولكن هذا بعيد عليهم بعد السماء عن الأرض، وبعد الثريا من الثرى، لأن هناك في الـيَـمَـن مؤمنون، وهناك أحرار، وهناك من لا يزالون يختزنون في كُلّ وجدانهم ومشاعرهم وأحاسيسهم كُلّ المشاعر الإنْسَانية النبيلة والشريفة، أحرار أعزاء كرماء نبلاء شرفاء، لا يقبلون بالهزيمة ولا بالذل، ولا بالهوان ولا يخنعون ولا يخضعون إلا لرب السماوات والأرض رب العالمين، نحن معنيون في تعزيز الحس الثوري والتحرك الشامل والشعبي، وعلى النخب مسؤولية كبيرة جداً أمام الله والتأريخ أن تتحرك على المستوى المعنوي والتعبوي بين أوساط الجماهير وأن تقدم الدروس حتى من حركاتنا عبر التأريخ كشعب يمني وأمة إسْـلَامية وحتى في الأُمَـم الحرة في الأرض التي واجهت التحدّيات، واجهت الاستعباد والاستبداد، واجهت الغزو الأجنبي والاحتلال الخارجي وتحررت، تحررت وكانت حرة، ولا زالت الكثير منها أَوْ البعض منها حرة، يجب أن نعيش الحالة الثورية إحساساً عالياً بالمسؤولية ترجمة للألم والأمل في موقف عملي مثمر، تحرك جاد، الثورة لم تنتهي، الثورة خطت خطوة واحدة إلى الأمام وأمامها الكثير من الخطوات، الثورة مستمرة، مستمرة اليوم في وجه العدوان، الثورة مستمرة لتحقيق الحرية والاستقلال، نأبى إلا أن نكون شعباً حراً مستقلاً، لا وصاية لبلد علينا، لا وصاية لا لأمريكي ولا لإسْرَائيْلي ولا لسعودي ولا لأي كائن في هذه الدنيا، لا وصاية علينا لأحد، لأحد أي كان هذا الأحد، نحن خاضعون لله، ونحن شعب مسلم، لنا الحق أن نكون أحراراً نقرر بأنفسنا، وليس أن نكون محكومين لشخص يبدع يتصل بالأمير السعودي أَوْ موظف الاستخبارات السعودي أَوْ الأمريكي، هل أعين فلأن مدير أمن، ألو، هل أعين فلاناً مسئول وزارة كذا، ألو، هل أفعل كذا، أَوْ يستقبل التعليمات من هناك، لا، لنا الحق أن نكون شعباً حراً عزيزاً مستقلاً بكل ما تعنيه الكلمة، أن نرعى مصالحنا شؤوننا، أن نهتم بأمورنا، أن نقرر لأنفسنا ما نشاء في أنفسنا، ونحن عبيد لله سُبْحَانَه وتَعَالَى.
خاتمة
خطاب الذكرى الثانية لثورة 21 سبتمبر 2016، لم يكن مجرد خطاب تعبوي، بل كان وثيقة ثورية شاملة، تلخص طبيعة الصراع، وتحدد بوصلة العدو، وتضع الشعب أمام مسؤولية استكمال الثورة، حيث كان نداءً حقيقيًا للثبات، وللوعي، وللعمل، ولترسيخ قيم الغدير في مشروع الأمة التحرري.
إن الثورة لا تزال في بداياتها، والعدوان لا يزال قائمًا، ولكن الإرادة الحية، والقيادة الواعية، والشعب الصامد، عناصر كفيلة بأن ترسم ملامح النصر القادم بإذن الله.