الزخم الشعبي اليمني في معركة الإسناد لغزة .. صوت الشارع يصنع التأثير الإقليمي والدولي
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، برزت الساحات اليمنية كمراكز فاعلة ومستمرة في التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، في مشهد غير مسبوق من الحشد الجماهيري والسياسي والإعلامي. آلاف اليمنيين خرجوا في مظاهرات حاشدة، ورفعت أعلام فلسطين في صنعاء والحديدة وصعدة وتعز وذمار ومأرب، وسط شعارات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي ومؤيدة للمقاومة.
يمانيون / خاص
يُظهر الحراك اليمني زخماً جماهيرياً يعكس وحدة الوجدان الشعبي تجاه القضية الفلسطينية، رغم التحديات المحلية والاقتصادية والحصار المفروض على البلاد، الحشود المتواصلة في كل جمعة، والتي تُرفع فيها شعارات مع غزة، لستم وحدكم، تؤكد أن فلسطين ليست قضية موسمية، بل جزء أصيل من الوعي الجمعي اليمني.
وتتميز هذه الحشود بطابعها المنظم والواعي والحضاري، رغم الظروف المفروضة بسبب العدوان والحصار، ما يعكس نضجاً سياسياً وشعبياً في التعبير عن المواقف الدينية والقومية والإنسانية.
تحولت الساحات اليمنية إلى منصات ضغط حقيقية على المستوى الإعلامي والسياسي، ليس فقط داخلياً بل خارجياً أيضاً، وقد لعبت هذه المسيرات دوراً في إبقاء القضية الفلسطينية حاضرة في الوعي العربي والإسلامي، لا سيما مع تراجع بعض العواصم عن مواقفها التقليدية الداعمة لفلسطين.
ولم يقتصر الدعم على التظاهرات، بل شمل أيضاً عمليات عسكرية أرعبت العدو وهددت أمنه الداخلي ونشاطه الإقتصادي وتسببت في إلحاق الخسائر الفادحة، ضد أهداف في عمقه الداخلي وفي البحر الأحمر وباب المندب، ما أعطى للحراك الشعبي بعداً عملياً يتجاوز الشعارات.
الزخم الشعبي في اليمن لم يكن حدثاً عابراً، بل يعكس دلالات سياسية واستراتيجية، أبرزها، حيوية الشارع اليمني رغم سنوات العدوان والحصار، مما يثبت أن المواجهة المستمرة لم تنهك الوعي العام ، وكذا إعادة تموضع اليمن في الخارطة الإقليمية كلاعب مؤثر في معادلة الصراع والمواجهة للعدو الإسرائيلي، من خلال تأثيره في الممرات المائية الحيوية ودوره العسكري في معركة غزة، ورسالة للعالم مفادها أن دعم فلسطين لا يحتاج إلى قرارات رسمية فقط، بل يمكن أن تُحدث الشعوب فرقاً حقيقياً في ميزان الصراع مع الأعداء، كما أظهرته التجربة اليمنية.
أثارت التحركات اليمنية ردود فعل دولية واسعة، رآها العالم بموقفه الشعبي الحر، موقفاً مشرفاً في إطار الدفاع عن المستضعفين والوقوف إلى جانب المظلومين في أقوى صور التضامن الإنساني ، كما يراها العالم امتداداً طبيعياً لموجة التعاطف الشعبي العالمي مع غزة، على الصعيد الإعلامي، كانت الصور القادمة من الساحات اليمنية جزءاً من التغطيات الدولية التي أبرزت حجم الغضب تجاه العدوان على غزة، وكان موقفاً فريداً قل نظيره في العالم .
دور السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في إحياء الوعي الجهادي والتعبوي .. قيادة استثنائية في زمن المواجهة
برز الدور القيادي للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله، كعامل حاسم في توجيه البوصلة الشعبية اليمنية نحو القضية الفلسطينية، وتحويل الموقف الشعبي من التعاطف إلى الفعل، ومن التفاعل العاطفي إلى الموقف العملي، فمنذ الأيام الأولى للعدوان على غزة، كانت كلماته وخطاباته بمثابة خارطة طريق للأمة، تستنهض الوعي وتُعيد الاعتبار لمركزية فلسطين في الوجدان الإسلامي.
وقد أسهمت توجيهاته بشكل مباشر في تفعيل الحراك الجماهيري في كافة المحافظات، حيث انتظمت الفعاليات الأسبوعية تحت شعار “معركة الوعي”، وكان لها أثر كبير في التعبئة المستمرة، رغم الأوضاع الاقتصادية والتحديات التي واجهها الشعب اليمني نتيجة العدوان والحصار الذي لا يزال مستمراً ، وتمكنت خطاباته يحفظه الله ، من استنهاض الروح الجهادية والنفس الثوري لدى الشعب اليمني، انطلاقاً من فهم عميق لطبيعة الصراع وامتداداته، في سياق المشروع الصهيوأمريكي الذي يسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية وضرب إرادة الشعوب الحرة.
ولم تقتصر هذه القيادة على الخطاب فحسب، بل امتدت لتترجم عملياً من خلال المواقف السياسية والعسكرية التي تبنتها دعماً لغزة، في رسائل مباشرة على أكثر من مستوى، أكدت أن الشعب اليمني بقيادته جزء فاعل وأصيل من المعركة الكبرى ضد الاحتلال.
هذا الدور، الذي يصفه مراقبون بأنه نموذج فريد لقيادة شعبية تعبّر عن نبض الأمة، جعل من اليمن واحداً من أكثر الساحات حيويةً وتفاعلاً مع معركة غزة، وأكسب القضية الفلسطينية بعداً جديداً من الصمود والارتباط الشعبي في قلب الأمة.
تؤكد التجربة اليمنية أن الشعوب، رغم ما تعانيه من أزمات، قادرة على البقاء في موقع التأثير والتفاعل مع قضايا الأمة، واليمن، بقيادته وبساحاته وشعبه، قدم نموذجاً قوياً لدور الجماهير في التأثير على المعركة، ليس فقط من باب الدعم الإنساني، بل في صياغة مواقف إقليمية تتحدى حالة الصمت والتواطؤ.