وكلاء العدو من غزة إلى لبنان واليمن.. وجوه محلية لمشروع صهيوني واحد

يمانيون |
ما إن خفّت أصوات المدافع في بعض أحياء قطاع غزة حتى برز وجه آخر من وجوه المشروع الصهيوني: عملاء محليون يُقدَّمون على أنهم بدائل “مدنية” للحرية والمقاومة، وفي الواقع أدوات داخلية لخدمة أهداف الكيان الصهيوني وإعادة تشكيل المشهد الفلسطيني بما يخدم مشروع التطبيع والسيطرة.

مصادر ميدانية ومتابعون سياسيون يؤكدون أن تجربة “إحلال الوجوه المحلية” ليست جديدة، بل هي تكتيك متكرر لدى قوى الاستعمار والهيمنة حين تتعثر خططها العسكرية، فتلجأ إلى توظيف عناصر محلية تُسوَّغ أمام الرأي العام على أنها خيار تسوية واعتدال.

وفي غزة ظهرت نتائج هذا التكتيك في تصريحات وخرائط تحركات لعناصر محلية أعلنت ولاءها للعدو الصهيوني أو انفتاحها على رعاة خارجيين، تدّعي من خلالها أنها قادرة على فرض “سلام” يخفي تحت طياته الاستسلام والتنازل عن الحقوق.

أحد نماذج هذا الوجوه المحلية هو ما صدر عن قيادات محلية في خان يونس، من تصريحات علنية تبيّن شبكة علاقات مع جهات امبريالية وصهيونية، ووعود بفتح مناطق أمام الاحتلال والتخلّي عن خيار المقاومة.

هذه التصريحات ليست مجرد زلات لسان، لكنها مؤشر على استراتيجية أوسع تعمل بها أذرع الاستخبارات والتمويل الخارجي لإضعاف قدرة الشعوب على المقاومة وشرعنة بسط النفوذ الصهيوني عبر وكلاء محليين.

المشهد الفلسطيني اليوم ليس منعزلاً عن تجارب إقليمية مشابهة، حيث شهدت الساحة اليمنية تحولات خلال سنوات العدوان تحولت فيها بعض الجماعات المحلية إلى وكلاء لأجندات خارجية، تحت شعارات “إعادة الشرعية” أو “الأمن والاستقرار”، بينما كان الهدف الحقيقي هو تثبيت نفوذ قوى إقليمية وفرض نمط تبعية جديد على القرار الوطني.

الخطورة في نهج “الوكالة المحلية” أنه يقوّض كل صور التلاقي الوطني ويغرس منطق التشظي السياسي والاجتماعي، فتتحول خلافات داخلية إلى أدوات لتشتيت المقاومة وتفتيت الوحدة، بينما يُعطى للمطبّعين والمتعاونين غطاءً مدنياً وشرعية زائفة.

المراقبون يشيرون إلى أن خطة توظيف وكلاء محليين تعتمد على مزيج من عناصر: دعم إعلامي وتمويلي، تقديم وعود سياسية واجتماعية، واستثمار ثغرات اجتماعية واقتصادية تستغلها هذه العناصر لتجنيد قاعدة شعبية ضعيفة الارتباط بالخط الوطني المقاوم. والنتيجة دائماً واحدة: إعادة إنتاج هيمنة سياسية تسمح للكيان الصهيوني ومَن يدعمه من الغزاة بإعادة فرض مشروعات التصفية والاستسلام بشکل تدريجي ومنظم.

في ضوء ذلك، يواجه المشروع المقاوم تحديات تتجاوز المعركة العسكرية لتشمل جبهة الوعي الوطني، حيث تُصبح مواجهة وكلاء العدو المحليين معركة سياسية وثقافية لإفشال محاولات تمزيق اللحمة الوطنية وفرض بدائل مشبوهة باسم “الإنقاذ”.

لا يقلّ عن ذلك أهمية كشف مصادر تمويل هؤلاء الوكلاء وفضح قنوات الاتصال بينهم وبين رعاتهم الاقليميين والدوليين، وإغلاق المجال أمام أي عمل يقدم على أنه “حل سلمي” في حين يسهم عملياً في إخضاع الشعوب ونهب حقوقها.

ختامًا، يظلّ المعيار الوحيد للحكم على أي طرف محلي أو إقليمي في هذه المعادلة هو موقفه من المقاومة وحقوق الشعب الفلسطيني: من يختار الاستسلام أو التعاون مع المشروع الصهيوني فليس سوى امتداد لسيطرة العدو، ومن يثبت على خيار المقاومة والدفاع عن الأرض والكرامة فهو جزء من الصمود الذي لا يزول.

You might also like