الشهيد الغماري… هندسة الخلود وميلاد معادلة الردع القرآنية
عدنان عبدالله الجنيد.
أبو هاشم وغزة هاشم: سنوار اليمن وسنوار غزة في مشروع الفتح الموعود
وداع يهز عروش المستكبرين:
لم يكن وداع الفريق الركن الشهيد محمد عبد الكريم الغماري (أبو هاشم) ،رضوان الله عليه مجرد تشييع عسكري لقائد رحل، بل كان زلزالاً استراتيجياً ارتجّت له دهاليز واشنطن وارتعشت منه مفاصل تل أبيب.
في مشهد تخشع له الجبال، تحولت شوارع اليمن إلى محراب عهد وبصيرة وولاء؛ الأمة ودّعت جسداً صعد إلى الخلود فانبثق نور يقود أمة بأكملها.
غادر الغماري الساحة وهو يبتسم في وجه الموت كمن يودع تلميذاً من تلاميذه، مؤكداً أن رحيل الجسد لا يطفئ الشعلة، بل يحولها إلى مصباح يهتدي به الرجال.
الغماري: هندسة الردع وإعادة تعريف الجغرافيا والسياسة:
كان الغماري مدرسة استراتيجية متكاملة: عقل مفكر، بصيرة مؤمن، وجرأة قائد.
لم يكن رجلاً للمكاتب، بل مهندس معجزة صنع من الحصار منصة انطلاق، ومن العزلة ميدان تصنيع عسكري متكامل.
تحت قيادته أعيد رسم خريطة القوة الإقليمية؛ صنع اليمن قوة ذات قرار ومؤثرة في معادلات الردع، ترسل رسائلها الصاروخية إلى عمق العدو وتعيد للكرامة مكانها في البحار والبر والجو.
من أرض سبأ، ومن أرض الصرخة في وجه المستكبرين، وبسواعد أحفاد الأنصار وحاملي رايات المشروع القرآني، انبثق الإعصار الذي أعاد تعريف المعادلة.
1 – شرف الموقف: لا بريق الرتبة:
في زمن تتكدس فيه النياشين على صدور جيوش خرساء، أعاد الغماري للموقع العسكري قدسيته، وللشرف معناه. فلسطين لديه ليست شعاراً بل بوصلة هوية ومحراب عقيدة؛ ومن بين صمت العواصم المطبعة ارتفع صوته: «لن تكون القدس غريبة ما دام في اليمن قلب ينبض بالإيمان».
2 – هندسة القدرات: من الدفاع إلى الردع:
حين ظن العدو أن اليمن لا يملك سوى التراب، كان أبو هاشم يرسم خرائط التحول: تطوير القوة الصاروخية، إطلاق أسراب الطيران المسير، وإعادة تشكيل المعادلات البحرية في الممرات الدولية.
من «بركان» و«ذو الفقار» الى صاروخ فلسطين ٢ الإنشطاري ،إلى أسراب «يافا» وزوارق الصمود في البحر الأحمر – كلها صنعت توازناً جديداً، ورفعت كلفة الاعتداء إلى مستوى لا يُحتمل.
3 – بصيرة الإيمان: أمضى من التكنولوجيا:
في مدرسة الغماري، الاتكاء على الإيمان كان أساساً لصنع القيادة والتخطيط. الآية كانت منهجاً: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ﴾ – فحولت البصيرة القرآنية الجنود إلى صوب لا يزح، والعقيدة إلى خطط ميدانية تقهر الرعب وتمنح النفس ثقتها.
4 – فلسطين: جوهر المشروع وسنام الشهادة:
فلسطين لم تكن هامشاً؛ كانت قبلة مشروعه، وكل عملية في اليمن كانت ترسل دعماً عملياً ومعنوياً إلى «طوفان الأقصى».
وهنا يكتمل الربط بين أبو هاشم وغزة هاشم: سنوار اليمن وسنوار غزة وجمع الرأفة والولاء في مشروع واحد عنوانه: الفتح الموعود والكرامة التي لا تقسم.
إرث الخلود: مشروع لا يموت:
رحل أبو هاشم الغماري جسداً، لكنه ترك:
_جيشاً قرآنياً ينهل من فكره ويقاتل بروحه
_ مدرسة تخرج قادة على منهج الإيمان والاحتضان والتضحية
_ ترسانة وطنية تستمر في تطوير أدوات الردع
_وعقيدة نصر تغرس اليقين في قلوب الأحرار: أن الشهادة باب لبزوغ عهد جديد
العهد اليماني: النصر وعد إلهي:
اليوم يقف اليمن، بدماء شهدائه، وقوة إيمانه، ليجدد العهد: أن مسيرة الغماري، وأنفاسه في الصدور، لن تتوقف حتى تستعاد الحقوق، وتنصف المقدسات، وينتصر الحق.
تحولت قطرة دمه إلى ميلاد جديد من العزيمة والعمل – خلية من نور تسير حاملة راية الصمود حتى يكتب التاريخ بعدل وكرامة للأمة.
خاتمة : دمه وعد وبشارة لا غبار عليها
يا أبا هاشم، يا من حاصرت الكيان بصبرك وعزيمتك، يا من أجبرت جبروت المعتدين على حساب جديد من الحساب – لقد كتب دمك في السماء نذيراً وبشارة: أن دمك لن يروى الأرض سوى لتنبت منه زهرة الحرية والعدل.
دمك رمز للصمود،ونبرة في قصيدة الأمة، وذكرى تسري في الصدور وتوقظ الأجيال.
من أرض سبأ وصوت الصرخة ووجوه أحفاد الأنصار، سيمتص التاريخ دمك ليغدو مصنعاً للأمل.
طوبى لدم خلد أمة، وطوبى لأمة أنجبت هذا الدم.