من شعارات ’’التحالف دمّر اليمن’’ .. إلى تبرير العدوان وموالاة العدو الإسرائيلي
في مشهد سياسي يعبّر عن حالة نادرة من التناقض والازدواجية، يواصل طارق عفاش، السقوط أكثر في مستنقع العمالة والارتزاق والارتماء في أحضان العدو ، بعد سلسلة من المواقف المتقلبة التي نقلته من خانة المهاجم الشرس للتحالف السعودي الإماراتي إلى أحد أبرز أدواته في الساحة اليمنية، بل وأحد الداعمين لمشاريعه المشبوهة في البحر الأحمر والمنطقة.
يمانيون/ تقرير/ خاص
طارق في صنعاء
قبل أحداث ديسمبر 2017 التي شهدت فتنة عفاش ومصرعه، كان طارق عفاش أحد أبرز الأصوات التي اتهمت التحالف بقيادة السعودية والإمارات بتدمير اليمن واحتلاله.
فقد بثّت وسائل الإعلام الرسمية والمستقلة، بما فيها القنوات الموالية للمؤتمر الشعبي العام أنذاك، تصريحات واضحة لطارق وهو يقول إن التحالف دمّر اليمن تحت شعار إعادة الشرعية، وأنه جاء لإضعاف اليمنيين وتمزيق وحدتهم.
في تلك الفترة، كان طارق يظهر بخطاب قومي وحدوي يهاجم التحالف ويدّعي الدفاع عن سيادة اليمن وكرامته، داعيًا إلى وقف وطني ضد العدوان.
بعد هروبه من صنعاء .. الارتماء في أحضان التحالف
غير أن مشهد ديسمبر 2017 غيّر كل المعادلات، فبعد فشل فتنة عفاش ومقتله، فرّ طارق من صنعاء، لتظهره عدسات الإعلام بعد أسابيع في مناطق محتلة وخاضعة لسيطرة تحالف العدوان.
ومنذ ذلك الحين، بدأ الرجل يتحدث بلسان مختلف تمامًا، يصف فيه التحالف بأنه أنقذ اليمن من الميليشيات، وأعاد الأمل ويقود معركة التحرير.
هكذا تحوّل طارق من مهاجم للتحالف إلى مدافع عنه، ومن ناقد للعدوان إلى أحد أبرز القادة الميدانيين العاملين تحت مظلته وتمويله.
من شعار الوطن أولًا إلى التورط في مشاريع مشبوهة
لم يتوقف تناقض طارق عند حدود الخطاب السياسي، بل امتد إلى الميدان، حيث أصبح جزءًا من المشروع الإماراتي في الساحل الغربي، الذي يعرف كل اليمنيون بأنه يهدف إلى السيطرة على الموانئ والجزر اليمنية وتفكيك البنية الجغرافية للدولة ويدير مشروعاً صهيوأمريكي خطير، يخدم تمدد مشروع الاستباحة .
وفي الوقت الذي كانت فيه قواته تتلقى الدعم العسكري واللوجستي من أبوظبي، كانت تصريحاته تتماهى مع الخطاب الإماراتي الداعي إلى تأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وهو العنوان الذي تخفي تحته الإمارات والسعودية مخطط السيطرة على الممرات المائية اليمنية بالتنسيق مع الكيان الصهيوني.
الموقف من القضية الفلسطينية .. سقوط القناع
أثار طارق موجة غضب واسعة في الأوساط اليمنية والعربية بعد مواقفه التي بدت مؤيدة للعدو الإسرائيلي بشكل مباشر أو غير مباشر.
ففي الوقت الذي كانت فيه طائرات الاحتلال تمطر غزة بالصواريخ وتقتل الأطفال والنساء، خرج طارق بتصريحات تحمل نبرة تبرير للعدوان، متحدثاً حسب قوله أنه يجب حماية الممرات البحرية وهاجم العمليات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد السفن الصهيونية في البحرين الأحمر والعربي، متبنياً خطاب العدو في أنها تشكل تهديداً للملاحة البحرية ، وهو موقف وُصف بأنه اصطفاف صريح إلى جانب الكيان الصهيوني في لحظة تاريخية كانت تتطلب الوضوح الأخلاقي والسياسي.
هذا الموقف اعتبره محللون تتويجًا لمسار طويل من الانخراط في المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، بدءًا من المشاركة في ما يسمى تحالف حماية الممرات البحرية في البحر الأحمر، الذي تشارك فيه دول مطبّعة مع العدو الإسرائيلي.
التحالف مع أعداء الأمس
المفارقة الكبرى أن طارق، الذي كان يتهم التحالف بقتل اليمنيين، أصبح اليوم يتلقى الدعم الكامل من ذات التحالف، ويقيم في مناطق خاضعة لسيطرة الإمارات، متحدثًا عن شراكة استراتيجية وتحالف عربي ضد الإرهاب، بينما الإرهاب الحقيقي، هو العدوان المستمر على اليمن وحصاره، والاستيلاء على كل مقوماته وثرواته وقطع رواتب اليمنيين.
طارق عفاش .. وجه العمالة والتناقض في المشهد اليمني
بين خطاب الأمس وواقع اليوم، يقف طارق عفاش نموذجًا صارخًا للعمالة وللتحوّل السياسي القائم على المصلحة لا المبدأ، والتبعية لا الاستقلال.
فمن قائد يرفع شعار مواجهة العدوان، إلى أداة في يد العدوان، ومن مدافع عن القضية الفلسطينية إلى مؤيد ضمني لسياسات الاحتلال، ومن منادٍ بالسيادة إلى مشارك في مخطط السيطرة على الممرات اليمنية، تتضح معالم رحلة الانحدار السياسي والأخلاقي التي عاشها طارق منذ مغادرته صنعاء وحتى اليوم.
ولا يسع المشهد الوطني في اليمن إلا أن يقرّ بأن ما وصل إليه طارق عفاش من انحدار أخلاقي وسياسي لا يترك له مكاناً مقبولاً بين اليمنيين، وموقفه الذي تحوّل إلى صفقة مع قوى أجنبية واصطفافه خلف من يسعون لطمس سيادة اليمن وتهشيم وحدته يضعه عند مرْصاد التاريخ كشخصية اختارت التحالف مع المحتل على مصلحة وطنه، موقف لا يلقى لدى الشعب إلا الخزي والعار.
اليمنيون بكافة مكوناتهم يرفضون قضم أرضهم أو تسييد أجندات خارجية عبر عملاء داخليين، ورفضهم هذا ليس شعارات بل واقع يمتلك أدواته، قوة شعبية متماسكة، وجبهات وطنية، وقوات مسلحة يقظة تعي مسؤوليتها في حماية الوطن،
المؤسسة العسكرية ولجانها الشعبية تبقى على أهبة الاستعداد للتصدي لكل المؤامرات والمخططات التي تستهدف الأراضي اليمنية وممراتها البحرية، ولن تتردد في حماية سيادة البلد.
أما آمال المدعو طارق عفاش، القائمة على الرهان على العدوان وإعطاء شرعية لمشاريع احتلالية، فمصيرها الفشل والزوال. التاريخ والحقيقة يكشفان دوماً من اختار الطريق الخاطئ، ومن راهن على المحتل ضد أرضه لم يجنِ سوى التحقير والاندثار السياسي، وسيُكتب على جبين كل متواطئ أنه خاضع للمساءلة الشعبية والوطنية.
يبقى الطريق أمام اليمنيين واضحاً، توحيد الجهود للتصدي لكل المؤامرات، ومحاسبة العملاء سياسيًا وقانونيًا، وحماية الوطن من أي محاولات لنهب ثرواته أو فرض وصايات أجنبية، بهذه العزيمة تحافظ اليمن على وجودها وكرامتها، وبها أيضاً ستنحسر كل مخططات الخيانة والاحتلال مهما بدت في لحظةٍ من اللحظات قوية.