7 عقود من الإجرام والنكبة..«الأقصى» في صدارة استهداف مشروع يتجاوز فلسطين ويهدد الأمة
يمانيون|تقرير: محسن علي
منذ اللحظة التي زرع فيها الكيان الصهيوني كغدة سرطانية في جسد الأمة وذلك على أنقاض النكبة عام 1948، لم يكن الأمر مجرد احتلال عسكري يسعى للسيطرة على بقعة جغرافية محدودة، بل كان ولا يزال مشروعاً استعمارياً استيطانياً متكاملاً، يقوم على الإجرام الممنهج والإبادة الجماعية، ويستهدف وجود وهوية المنطقة العربية والإسلامية بأسرها والسيطرة عليها واحتلالها.
الأقصى رأس حربة للعدو يهدد كيان الأمة
تحليلات سلوك الكيان المجرم يكشف عن نمط ثابت من العدوان، لا يهدف فقط إلى طمس الهوية العربية والإسلامية وتغيير الجغرافيا والديموغرافيا في فلسطين، بل يتجاوز ذلك لتكريس الهيمنة الإقليمية الشاملة متخذا من الأقصى الشريف رأس الحربة في استهداف عقائدي يهدد كيان الأمة بأكملها.
الجذور الإجرامية للكيان.. تاريخ من الدم والتطهير
لقد تأسس الكيان الصهيوني على سلسلة من المجازر والمذابح التي شكلت جوهر “النكبة” الفلسطينية. فمنذ عام 1948، شهدت فلسطين فصولاً دامية من العنف المنظم، حيث تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسراً، وارتكبت عشرات المجازر المروعة في قرى ومدن مثل دير ياسين، وكفر قاسم، والطنطورة، بهدف إحداث تطهير عرقي وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين.
هذا النمط الإجرامي لم يتوقف عند حدود النكبة، بل استمر وتصاعد مع احتلال عام 1967 للضفة الغربية وقطاع غزة وعلى مدى نصف قرن بدعم واسناد امريكي بريطاني غربي، مارست سلطات الاحتلال انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، شملت بناء المستوطنات غير الشرعية التي تعتبر جريمة حرب بموجب القانون الدولي، وفرض الحصار الخانق على قطاع غزة، واعتماد سياسات الاعتقال الإداري والتعذيب.
العدوان على غزة.. جريمة القرن
في الآونة الأخيرة، تجلى هذا الإجرام لكافة دول وشعوب العالم في أبشع صوره خلال العدوان المتكرر على قطاع غزة، الذي وصل إلى حد اتهام الكيان بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وفقاً لتقارير حقوقية دولية، التي أكدت على ان استمرار سياسة القتل والتدمير الممنهج وجرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين العزل يؤكد أن الإجرام ليس استثناءً، بل هو القاعدة التي يقوم عليها هذا المشروع.
“إسرائيل الكبرى”.. الأبعاد التوسعية لمخطط الهيمنة
إن النظرة الشاملة للمشروع الصهيوني تكشف أن فلسطين ليست هي المستهدف الوحيد، بل هي نقطة الانطلاق لمشروع هيمنة أوسع يطال المنطقة بأكملها، وهو ما يُعرف بمخطط “إسرائيل الكبرى” فهذا المخطط لا يقتصر على الحدود الجغرافية لبلاد الشام (فلسطين، سوريا، لبنان، الأردن)، بل يمتد ليشمل أهدافاً استراتيجية أبعد.
الاستهداف الجغرافي.. تمدد الخطر إلى النيل والجزيرة العربية
تؤكد التحليلات المستندة إلى خطابات متعددة، ومنها خطابات السيد القائد عبدالملك الحوثي، أن المخطط الصهيوني يهدف إلى التوسع الجغرافي الذي يتجاوز بلاد الشام، ويُحذر من أن هذا المخطط يمتد ليشمل نهر النيل والساحل المصري على البحر الأحمر وأجزاء واسعة من الجزيرة العربية بما في ذلك العراق وسوريا والأرن ولبنان والمملكة العربية السعودية، وتجدد تحذيرات ونصائح السيد القائد ودق جراس الانذار لأبناء الأمة ومحاولة استنهاضها يهدف إلى رفع مستوى الوعي بالخطر الشامل، وأن الصراع ليس محصوراً في حدود جغرافية ضيقة.
الاستهداف العقائدي.. الأقصى مفتاح السيطرة على الهوية
إذا كان الاستهداف الجغرافي يطال المنطقة بأسرها، فإن الاستهداف العقائدي يضع المسجد الأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في مقدمة أولويات المشروع الصهيوني باعتباري رمز مركزي اسلامي للهوية الدينية والحضارية للأمة الإسلامية جمعاء.
عنوان المشروع الصهيوامريكي
منذ احتلال القدس عام 1967، اتخذت سلطات العدو سلسلة من الإجراءات المتصاعدة التي تهدف إلى السيطرة التامة على المسجد وتهويده، وتشمل:
التقسيم الزماني والمكاني ومحاولات فرض تقسيم المسجد بين المسلمين والعصابات اليهودية المغتصبة،وكذلك دعم المخططات الهادفة إلى هدم المسجد الأقصى وإقامة “الهيكل المزعوم” على أنقاضه، وهو ما يصفه السيد الحوثي بأنه “عنوان أساس في المشروع الإسرائيلي” كما أن التحركات العلنية والمتسارعة للجماعات اليهودية المتطرفة تؤكد أن استهداف الأقصى هو استهداف للهوية الدينية للمنطقة بأسرها، وهو البوابة التي يسعى الكيان المجرم من خلالها لفرض سرديته الدينية والتاريخية المزيفة.
الاستهداف الاستراتيجي.. تفكيك الدول وزرع الفتنة
يتجاوز الاستهداف الصهيوني الحدود الجغرافية ليطال الهوية الثقافية والاقتصادية والسياسية للمنطقة لذا فإن الهدف الاستراتيجي هو تغيير ملامح المنطقة بأسرها، وتفكيك وتقسيم دولها وزرع الفتن الداخلية والصراعات البينية لضمان بقاء الكيان كقوة مهيمنة بلا منازع، ويمثل تهديداً وجودياً مباشراً على سيادة واستقرار الدول العربية والإسلامية، وليس مجرد قضية فلسطينية.
رؤية المقاومة.. ضرورة التصدي للخطر الشامل
تُقدم خطابات السيد عبدالملك الحوثي تحليلاً مكثفاً وواضحاً، يربط بين الإجرام التاريخي للكيان الصهيوني وبين مخطط توسعي شامل يهدف إلى ابتلاع المنطقة بأكملها تحت مسمى “إسرائيل الكبرى”. وتُعد هذه الخطابات منبراً مركزياً اسلاميا لتوعية الأمة بخطورة هذا الاستهداف الشامل, ويُلزم السيد الحوثي أبناء الأمة بـ “التصدي” لهذا العدو و”وقف إجرامه”، معتبراً أن المعركة مع العدو الصهيوني هي معركة مصيرية وواجب ثابت ويُحذر من أن استمرار الأمة في حالة الصمت والخنوع سيؤدي إلى هلاكها ويطمع عدوها للسيطرة عليها، وأن العدوان الصهيوني على غزة التي وصفها بـ “جريمة القرن” هي فضيحة تكشف تواطؤ البعض وتجرد قادة وانظمة غالبية الدول العربية والاسلامية من انسانيتها ودينها.
الخطوة الأولى للمواجهة الشاملة
يتبين أن الإجرام الصهيوني على مدى سبعة عقود هو مشروع متكامل الأركان، لا يقتصر على حدود فلسطين، بل يمتد ليشمل بلاد الشام بأسرها، ويهدف إلى تغيير وجه المنطقة بالكامل وتصريحات قادة كيان العدو وحجم المجازر والانتهاكات يؤكد الطبيعة الإجرامية لهذا الكيان.
ختاما
وفي هذا السياق، يظل المسجد الأقصى الشريف هو الرمز الأبرز والأكثر استهدافاً، كونه يمثل قلب الصراع على الهوية والوجود والقضية المركزية للأمة، وخط الدفاع الأول عن مقدسات الأمة، وإن فهم أبناء الأمة للعدو اولا، وطبيعة الصراع معه ثانيا، وهذا الاستهداف المتعدد الأبعاد ثالثا، هو الخطوة الأولى لنهضة الأمة من سباتها والتحرك نحو مواجهة هذا المشروع الاستعماري الشامل.