بعد عودتها “منهكة”.. البنتاغون يكشف: حاملة الطائرات “ترومان” نفذت أكثر من 13 ألف طلعة على اليمن
يمانيون | تحليل
في إعلان يكشف حجم المشاركة الأمريكية المباشرة في العدوان على اليمن، أفادت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن حاملة الطائرات “هاري إس ترومان”، التي وصلت يوم الأحد إلى قاعدة “نورفولك” البحرية بالولايات المتحدة، نفّذت أكثر من 13,000 طلعة جوية قتالية خلال فترة انتشارها في البحر الأحمر، ضمن العمليات العسكرية الأمريكية ضد اليمن.
ويكتسب هذا الإعلان أهميته من توقيته، إذ جاء بالتزامن مع انسحاب “ترومان” من مياه البحر الأحمر، بعدما تعرّضت لسلسلة ضربات نوعية من القوات المسلحة اليمنية.. وهو ما دفع مراقبين إلى اعتبار هذه العودة بمثابة إقرار ضمني بفشل استراتيجي أمريكي في إخضاع الجبهة اليمنية أو كسر إرادتها القتالية.
13 ألف طلعة… والنتيجة: انسحاب مرّ
هذه الإحصائيات التي تضمّنتها البيانات الأمريكية لم تكن مجرّد أرقام تُسجّل في تقارير عسكرية، بل تعكس حجم الرهانات الأمريكية على تحقيق نصر حاسم في اليمن.. إلا أن الواقع الميداني جاء مناقضًا لتلك التطلعات، إذ لم تُترجم كثافة الطلعات الجوية إلى نتائج حاسمة، ما أدى في نهاية المطاف إلى سحب “ترومان” من ساحة المواجهة، بعد فشلها في إحداث أي اختراق نوعي في معادلة الصراع.
وتأكيدًا لذلك، وصفت قناة “13 نيوز ناو” الأمريكية عودة الحاملة بـ”المغادرة المتأخرة بعد سلسلة من الإخفاقات”، موضحة أن القوة النارية التي تمتلكها لم تكن كافية أمام تعاظم قدرات الدفاع اليمني البحري والجوي، ما جعل مهمة “ترومان” في تأمين أهدافها شبه مستحيلة.
الردع اليمني يرسم قواعد جديدة للصراع
وفي سياق هذه التطورات، يُفهم انسحاب “ترومان” كأحد أبرز المؤشرات على تبدل موازين الردع في المنطقة. فقد جاء هذا الانسحاب عقب أشهر من الاشتباك غير المتكافئ، الذي أدارته القوات المسلحة اليمنية بكفاءة عالية، متسلحة بعقيدة قتالية وروح مبادرة قادرة على كسر التفوّق التكنولوجي الأمريكي.
ولم يكن استهداف الحاملة حدثًا معزولًا، بل محطة مفصلية دشّنت مرحلة جديدة من الاشتباك، حيث أصبح بإمكان اليمن فرض معادلاته الاستراتيجية، وتحدي ما تبقى من هيبة بحرية واشنطن في البحر الأحمر وخليج عدن.
اليمن يقاتل بأسلوب “النكء الذكي”
وتزداد دلالة هذا التحول أهمية حين نربط بين توقيت إعلان البنتاغون، وتصاعد العمليات البحرية والجوية اليمنية ضد التحركات الأمريكية. فالمبادرة التي أظهرتها صنعاء في إدارة المعركة بحنكة واستنزاف متواصل، دون الانجرار إلى مواجهة شاملة، تشير إلى اعتماد استراتيجية “النكء الذكي”، التي تُراكم الضغط وتُضعف العدو على المدى الطويل.
وقد وصف أحد الخبراء العسكريين الأمريكيين هذه الطريقة بأنها “هزيمة صامتة”، حيث اضطُرت واشنطن إلى الانسحاب تحت ضغط التهديد الدائم، في مشهد يُعيد تعريف مفهوم الانتصار العسكري بعيدًا عن النصر في المعارك التقليدية.
صعود اليمن… وسقوط مبدأ “التفوق الأمريكي البحري”
وبالعودة إلى لغة الأرقام التي تمسّك بها البنتاغون، نكتشف مفارقة لافتة: فالإعلان عن أكثر من 13 ألف طلعة جوية، و25 ألف ساعة طيران، لم يأتِ في سياق استعراض انتصار، بل بدا كمحاولة لتبرير كلفة عالية لعمليات لم تحقق شيئًا.
إن هذا التناقض الصارخ بين حجم الموارد المسخّرة، والنتائج الميدانية المحدودة، يضعف الخطاب الأمريكي القائم على فكرة “التفوق البحري”، ويُظهر كيف استطاعت صنعاء أن تخرج من هذه الجولة أكثر صلابةً وتأثيرًا، بينما انكمشت القوة الأمريكية إلى نطاق قواعدها في البحرين وجيبوتي.
اليمن يغيّر قواعد الاشتباك
ومن خلال كل ما سبق، تتضح ملامح معادلة جديدة بدأت تتكرّس بفعل الصمود اليمني. فـ”لا تفوق بلا ثمن” بات عنوان المرحلة، واليمن – رغم الحصار والعدوان – يفرض على أكبر قوة عسكرية في العالم أن تُراجع حساباتها، وتعيد تموضعها.
ولعل الأبلغ دلالة، أن البنتاغون لم يجد ما يقدّمه سوى أرقام الطلعات، بينما الإنجاز الحقيقي يتمثل في قدرة اليمن على فرض الانسحاب، والحفاظ على زمام المبادرة.
الأرقام لا تُخيف… والإرادة لا تُقهر
وعليه، فإن الحديث عن أكثر من 13 ألف طلعة جوية خلال العدوان على اليمن، لم يعد دليلاً على قوة أمريكا، بل بات شاهدًا جديدًا على فشلها في مواجهة إرادة شعب يرفض الركوع، ويملك من العزيمة والرؤية ما يكفي لتغيير قواعد الاشتباك، وإعادة رسم خارطة النفوذ في الإقليم.