فعاليات خطابية وشعبية في ذكرى عاشوراء تجدد العهد مع قضايا الأمة
يمانيون | تقرير
في مشهد روحاني ونضالي يتكرر كل عام، أحيت عدد من مديريات محافظة صنعاء ومحافظات أخرى، ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، في فعاليات خطابية وجماهيرية عكست الارتباط العميق بين الشعب اليمني وثقافة كربلاء التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الهوية النضالية والموقف الأخلاقي ضد قوى الظلم والاستكبار.
حيث شهدت مديريات بني حشيش وأرحب والحيمة الداخلية بمحافظة صنعاء، بالإضافة إلى محافظة إب ومديرية المراوعة بالحديدة، فعاليات خطابية حافلة تحت شعار “هيهات منا الذلة”، أكدت أن إحياء ذكرى عاشوراء في اليمن لم يعد مناسبة عابرة، بل تحوّل إلى محطة تأهيل وتعبئة وتأكيد على استمرارية النهج الحسيني في مواجهة قوى العدوان والهيمنة، وعلى رأسها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة.
ثقافة عاشوراء كمرتكز تعبوي في بني حشيش
في مديرية بني حشيش، كانت الفعالية أكثر من مجرد خطاب، إذ جاءت لتجدد بيعة أبناء المديرية لقيم الثورة الحسينية.
حيث أكد مدير المديرية، راجح الحنمي، أن إحياء عاشوراء هو استحضار حيّ لثورة خرجت لتصحيح مسار أمة انحرفت عن تعاليم السماء، فكان الحسين عليه السلام عنوانًا للحق ورفضًا للذل.
حضور تربوي وتعبوي واجتماعي واسع شهدته الفعالية، حيث تم التأكيد على أن مظلومية آل بيت النبي، وعلى رأسهم الإمام الحسين، لا يمكن أن تُمحى من ذاكرة الأجيال، بل تُستحضر كمنهج حياة يُترجم في ميادين المواجهة، لا سيما في ظل العدوان المفروض على الشعب اليمني، والصمت الأممي تجاه ما يجري في غزة.
أرحب.. استنهاض الوعي وفضح التخاذل
أما في مديرية أرحب، فقد شكّلت الفعالية محطة لاستنهاض الوعي بمخاطر التخاذل والانحراف عن خط الحق.
حيث أشار مسؤول قطاع التربية، عبد الجليل عوّاد، إلى أن ما حدث في كربلاء لم يكن مجرد حادثة تاريخية، بل نتيجة لانحراف الأمة عن ولايتها الشرعية.
وبيّن أن صمت الناس يوم عاشوراء مكّن الباطل، وأنه لا يمكن للكرامة أن تُستردّ إلا بالسير على طريق الحسين، مشددًا أن كلفة التخاذل أكبر بكثير من كلفة المواجهة.
الحيمة الداخلية.. البصيرة قبل النصر
وفي فعالية الحيمة الداخلية، أعيد التذكير بأن الإمام الحسين لم يطلب النصر العسكري بقدر ما أراد إحياء البصيرة في قلوب الأمة.
وأوضح مسؤول الأنشطة المدرسية محمد السياغي، أن مواجهة الباطل تتطلب وعيًا مستمرًا، وأن عاشوراء هي البوصلة الأخلاقية التي تُرشد الشعوب التواقة للتحرر، مشددًا أن الشعب اليمني يُجسد اليوم تلك القيم في صموده وتضحياته المتواصلة.
إب.. منبر حسيني وموقف مقاوم
وفي محافظة إب، نظّم صندوق النظافة والتحسين فعالية نوعية، أكدت أن إحياء عاشوراء ليس حكرًا على العلماء أو المقاتلين، بل مسؤولية يتشارك فيها كل أبناء المجتمع، حتى عمال النظافة الذين اعتُبروا في كلمات الفعالية قدوة في التفاني والولاء.
وكيل المحافظة قاسم المساوى، أكد أن ذكرى الإمام الحسين تُعيد شحن النفوس بطاقة الثبات في وجه الطغاة، وتربطنا بأهم القيم النبوية في زمن التحولات الكبرى.
وتطرّق الحضور إلى المجازر المرتكبة في غزة، معتبرين أن صمت الأنظمة والأنظمة الرسمية إنما هو تكرار لصمت الأمة تجاه كربلاء، مما يوجب على الأحرار التمسك بالخط الحسيني كخيار وحيد لمواجهة الاستكبار العالمي.
فعالية نسائية في المراوعة.. عاشوراء لحظة تجل لروح المقاومة
وفي مديرية المراوعة بمحافظة الحديدة، تميزت الفعالية النسائية بحضور لافت وجدل أخلاقي وروحي عميق.
حيث أكدت مديرة إدارة تنمية المرأة، أميرة الأهدل، أن عاشوراء هي لحظة تجلٍ لروح المقاومة، وأن الحسين عليه السلام لم يُرد البكاء بقدر ما أراد الإحياء.
أشارت الأهدل إلى أن ذكرى كربلاء اليوم تُترجم بمواقف النساء اليمنيات في دعم المجاهدين وتربية الأجيال على ثقافة الرفض للظلم.
كما ربطت الحاضرات بين مظلومية الإمام الحسين ومظلومية الشعب الفلسطيني، مؤكدات أن غزة اليوم هي كربلاء العصر، وأن السكوت عن المجازر الصهيونية خيانة لدماء الحسين وأصحابه.
من كربلاء إلى غزة… امتداد المعركة الواحدة
إن التزام الشعب اليمني بإحياء يوم عاشوراء بهذه الصورة الواسعة والمتعددة، من المديريات إلى المؤسسات، ومن الرجال إلى النساء، يعكس وعيًا جمعيًّا بأن كربلاء ليست ذكرى مأساوية فقط، بل هي مشروع تحرر متجدد.
كما أن ربط كلمات الفعاليات بين ذكرى كربلاء وما يجري في غزة، يحمل دلالة استراتيجية، إذ يُسقِط اليمنيون – في وجدانهم وخطابهم – كربلاء على الواقع، ويُسقطون واقع اليوم على كربلاء، في محاولة واعية لإعادة تعريف العدو والولاء والخيانة والمظلومية من منظور إيماني ثوري لا تنفصم فيه العقيدة عن الموقف.
فبين الحسين في كربلاء، ومحور المقاومة في اليمن ولبنان وفلسطين، خيطٌ نقيّ من التضحية والكرامة والعزة، يؤكد أن المعركة لم تنتهِ بعد، وأن دم الحسين لا يزال يصرخ في وجه كل يزيد جديد.