صنعاء تتصدى للإساءة للقرآن الكريم.. دعوة عامة للتعبئة الشعبية في مواجهة الحرب الغربية على الإسلام والقرآن

يمانيون | تقرير
لم تعد الإساءة إلى القرآن الكريم أفعالًا طارئة أو استفزازات معزولة، بل باتت ظاهرة متصاعدة تحمل طابعًا منظمًا، تتكئ على غطاء سياسي وقانوني غربي، وتُسوَّق تحت شعارات “الحرية” و”الديمقراطية”، بينما هي في حقيقتها حرب مفتوحة على الإسلام ومقدساته.

ومع كل واقعة جديدة، تتكشف حقيقة هذا المسار العدائي، ويتضح حجم التواطؤ الرسمي الذي يحميه، في مقابل عجز أو صمت في كثير من العواصم الإسلامية، باستثناء مواقف محدودة اختارت المواجهة بدل الاكتفاء بالإدانة.

جريمة تكساس بالأرقام… كراهية تتصاعد
الجريمة التي ارتكبها مؤخراً المجرم الأمريكي جيك لانغ، المرشح لمجلس الشيوخ، بوضع نسخة من القرآن الكريم في فم مجسم خنزير أمام مسجد في ولاية تكساس، ليست حادثة منفصلة عن السياق العام.

فبحسب تقارير منظمات حقوقية أمريكية، سُجِّلت في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 800 جريمة كراهية ضد المسلمين خلال العامين الماضيين، بينها اعتداءات على مساجد، وتدنيس للمصاحف، وتهديدات مباشرة للمصلين.

وتشير الإحصاءات إلى أن عدد المساجد المستهدفة لفظيًا أو فعليًا ارتفع بنسبة تقارب 40% منذ عام 2023، في ظل تصاعد خطاب اليمين المتطرف، الذي بات يتسلل من الهامش إلى المنصات السياسية الرسمية، كما في حالة لانغ، الذي لم يكتفِ بالفعل الإجرامي، بل أرفقه بخطاب تحريضي زعم فيه أن “أسلمة أمريكا خطر داهم”.

مرشح لمجلس الشيوخ… حين تتحول الكراهية إلى سياسة
وتكمن خطورة الجريمة في كون مرتكبها مرشحًا لمقعد في مجلس الشيوخ، أي في قلب المؤسسة التشريعية الأمريكية.

هذا المعطى يحوّل الإساءة من فعل فردي إلى مؤشر سياسي بالغ الدلالة، ويكشف أن خطاب العداء للإسلام لم يعد عيبًا انتخابيًا، بل أداة تعبئة لبعض التيارات المتطرفة.

وفي المقابل، تُظهر الأرقام أن عشرات الناشطين والأكاديميين في الولايات المتحدة وأوروبا خضعوا للمساءلة أو فقدوا وظائفهم لمجرد انتقادهم الصهيونية أو رفضهم حرب الإبادة على غزة، ما يفضح ازدواجية صارخة: إهانة القرآن “حرية”، والدفاع عن فلسطين “جريمة”.

استهداف عالمي… من أمريكا إلى أوروبا
ولم تتوقف الاعتداءات عند حدود الولايات المتحدة.

ففي أوروبا، شهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة أكثر من 60 حادثة موثقة لحرق أو تدنيس القرآن الكريم في السويد والدنمارك وهولندا والنرويج وحدها، كثير منها جرى تحت حماية الشرطة وبقرارات قضائية تبيح الفعل.

هذا الامتداد الجغرافي يؤكد أن ما يجري ليس تصرفات فردية، بل مناخًا غربيًا عامًا يتسامح مع كراهية الإسلام، بل ويشرعنها قانونيًا، في الوقت الذي تُجرَّم فيه أي إساءة مزعومة لرموز أخرى، ما يعكس انتقائية فجة في تطبيق القيم والقوانين.

الصهيونية والقرآن… استهداف المصدر
وفي جوهر هذا المسار، تدرك الصهيونية أن القرآن الكريم هو مصدر وعي الأمة وقوتها ووحدتها، ولذلك لم تكتفِ بمحاولات تحريف معانيه أو إبعاده عن حياة المسلمين، بل انتقلت إلى استهدافه ماديًا ورمزيًا: حرقًا، وتمزيقًا، ودوسًا، ورميًا في القاذورات، وصولًا إلى هذه الإهانة المركبة بوضعه في فم خنزير.

إنها حرب على المرجعية، وعلى الهوية، وعلى أي نص قادر على فضح مشاريع الهيمنة والطغيان والاستعباد.

صنعاء تكسر الصمت… من الإدانة إلى التعبئة
وفي مقابل هذا المشهد القاتم والصمت المخزي لدول العالم العربي والإسلامي، جاء موقف صنعاء مختلفًا وحاسمًا.

فقد أصدر السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بيانًا حول الإساءة الأمريكية الجديدة للقرآن الكريم، التي ارتكبها مرشح أمريكي للانتخابات.

وأوضح السيد القائد أن الإساءة إلى أقدس المقدسات الدينية على وجه الأرض تأتي في إطار الحرب اليهودية الصهيونية المستمرة، التي تجندت لها الولايات المتحدة وبريطانيا والعدو الصهيوني.

ولفت إلى أن حقد اليهود الصهاينة وأتباعهم يكشف ظلماتهم، في حين أن القرآن الكريم يحصّن المهتدين به من ضلالهم وفسادهم، وهو الكفيل بإنقاذ المجتمع البشري من طغيانهم واستعبادهم.

وأكد أن العدو الصهيوني، وبعد تجلّي عدوانيته وإجرامه على مدى عامين كاملين، لا يزال يواصل ممارساته الإجرامية اليومية في فلسطين، ومنتهكًا حرمة المسجد الأقصى، لافتًا إلى أن المنافقين من الأنظمة العميلة وأبواق الصهيونية لا يتحرجون من التبني العلني لعناوينه ودعاياته والعمل على تنفيذ مؤامراته بشكل مكشوف.

واعتبر السيد القائد أن مقابلة ما يرتكبه الأعداء الكافرون الضالون من إساءات واعتداءات وحرب شاملة ضد الإسلام والمسلمين بالصمت وعدم اتخاذ أي موقف يُعد تفريطًا عظيمًا.

ودعا السيد القائد الشعب اليمني إلى إعلان موقفه تجاه هذه الإساءات للقرآن الكريم والمقدسات، عبر تحرك واسع يبدأ من الجامعات والمدارس، وفعاليات متنوعة تتصدرها أنشطة لعلماء الدين الإسلامي.

كما دعا إلى الخروج في مظاهرات كبرى يوم الجمعة القادم، تعبيرًا عن الهوية الإيمانية للشعب اليمني، ورفضًا للمواقف الأمريكية والصهيونية المسيئة للقرآن الكريم.

وأكد أن الخروج يوم الجمعة يمثل تأكيدًا على ثبات الشعب اليمني في توجهه الإيماني الجهادي في مواجهة الطغيان الأمريكي الإسرائيلي الذي يستهدف الأمة الإسلامية، وعلى الموقف الإيماني المناصر للشعب الفلسطيني المظلوم، وجهوزية الشعب للتصدي لأي مؤامرات تستهدفه من الكافرين والمنافقين.

العلماء والأحزاب… اصطفاف في خندق واحد
وتكامل هذا الموقف مع بيان رابطة علماء اليمن، التي اعتبرت الجريمة اعتداءً سافرًا ودليلًا على حقد دفين وعداء صريح، مؤكدة أن استهداف القرآن نابع من إدراك الأعداء أنه مصدر قوة الأمة ونهضتها.

وأكدت الرابطة في بيان لها مساء اليوم، أن هذه الجريمة تعكس حقداً دفيناً وعداءً صريحاً لكل ما يمثّل عزة الأمة وكرامتها، مشيرةً إلى أن العدو يوجّه سهامه الخبيثة إلى القرآن الكريم لأنه يدرك أنه مصدر قوة الأمة ونهضتها ووحدتها.

ودعت رابطة علماء اليمن جميع المسلمين إلى استنكار هذه الجريمة ورفضها، والعمل على زرع حالة من السخط الشعبي الواعي تجاه السياسات الأمريكية المعادية للإسلام، محمّلةً الأنظمة والجماعات المتماهية مع أمريكا في العالمين العربي والإسلامي جزءاً من المسؤولية عمّا يحدث، نتيجة صمتها أو تواطئها.

كما أعلنت الأحزاب والمكونات السياسية تأييدها الكامل للتحرك الشعبي، ودعت إلى تعزيز الارتباط بالقرآن، وتكثيف الأنشطة الإعلامية، وتوسيع المقاطعة الاقتصادية، بوصفها أدوات ضغط حقيقية، وربطت بين الإساءة للقرآن والعدوان المتواصل على فلسطين واليمن.

ودعت في بيان لها جماهير الشعب اليمني وكافة أحرار الأمة إلى التصدي لهذه الحملات العدائية عبر تعزيز الارتباط بالقرآن الكريم، وتكثيف الأنشطة التوعوية والإعلامية، وتوسيع دائرة المقاطعة الاقتصادية، والمشاركة الفاعلة في الفعاليات الشعبية السلمية للتعبير عن موقف واضح تجاه أعداء الأمة ومشاريعهم التخريبية.

ختاماً ..

إن ما يحدث من إساءات متواصلة ضد القرآن الكريم ليس مجرد حوادث فردية، بل هو جزء من حملة ممنهجة تستهدف هوية الأمة الإسلامية ووعى أجيالها.

وبينما يصمت الكثيرون أو يقتصرون على الإدانة، أثبتت صنعاء أن الرد الفعّال لا يكون بالكلام فقط، بل بالفعل الشعبي المنظم والمستمر.

فالتعبئة الجماهيرية والاحتشاد الإيماني في مواجهة هذه الاعتداءات يرسل رسالة قوية للعدو بأن القرآن الكريم ليس مجرد كتاب مقدس، بل هو رمز للهوية والقوة، وأن الأمة ستظل تحميه بكل ما تملك من إيمان وعزيمة.

You might also like