Herelllllan
herelllllan2

ثلاثة عقود من الإفقار الممنهج والتبعية الاقتصادية !!

في دراما الزمن السياسي اليمني، شهدت فترة حكم من وُصفوا بـ”العفاشيين” تحولاً كارثياً، فبينما كانت البلاد تتمتع بوضعٍ خالٍ من الحصار أو الحروب التي تعيق التنمية، فإنها كانت تشهد في الخفاء عملية تفكيك منظمة لأسسها الاقتصادية. فقد كانت اليمن تمتلك مقومات إنتاجية واعدة، ولكنها تحولت إلى مجرد سوق استهلاكية تابعة، حيث تم تدمير الإنتاج المحلي لصالح الواردات.

يمانيون / تقرير / يحيى الربيعي

 

إن هذه السياسات لم تكن وليدة الصدفة، بل كانت منهجاً عميقاً استهدف حرمان الشعب اليمني من أي بنى تحتية قوية أو خدمات أساسية. فبينما كانت عائدات النفط تتدفق، والتي قُدرت بمئات مليارات الدولارات في تلك الفترة، لم يتم تسخيرها للنهوض بالبلاد. بل كشفت التقارير أن هذه الأموال كانت تودع في حسابات خارجية تابعة لعائلة صالح في دبي وسويسرا، بل ووصل الأمر إلى تهريب ما يزيد عن 60 مليار دولار من عائدات النفط.

لقد كان الاقتصاد اليمني رهينةً لشبكات فساد واسعة النطاق، تمثلت في تمكين الشركات الأجنبية والصهيونية من نهب الثروات، ورهن القرار السيادي للبلاد من خلال القروض المنهكة، وتضخيم موازنات الدولة واختلاسها في مشاريع وهمية. ووفقاً لتقرير للبرلمان اليمني عام 2005، فقد قام مكتب الرئاسة بالتصرف في أكثر من 5 مليارات دولار دون أي رقابة مالية.

 

شخصنة السلطة وتدمير المؤسسات

لم يقتصر الفساد على الجانب الاقتصادي، بل امتد ليشمل تدمير المؤسسات وإفراغها من محتواها. فقد أصبحت المناصب تفصّل على مقاسات أرباب المصالح، وتضخمت الهياكل الإدارية دون فعالية ، وهو ما قاد في النهاية إلى انهيار إداري ومؤسسي شامل.

وشهد ملف القضاء والتشريعات تدميراً مماثلاً، حيث تم بناء قوانين تخدم مصالح الفساد وتمنح المتنفذين غطاءً قانونياً للالتفاف على القضايا وتفاقم الظلم. حتى أن مباني المحاكم في أمانة العاصمة كانت أغلبها بالإيجار، ما يعكس الإهمال المتعمد للبنية المؤسسية للدولة.

 

الخيانة السياسية والعمالة للعدو الأمريكي والإسرائيلي

تتكشف فصول الخيانة الكبرى في حكاية حكم صالح، حيث تشير الوقائع إلى أن ارتباطه بالسلطة لم يكن سوى رهناً للقرار اليمني لصالح العدو الأمريكي منذ بداية حكمه. فقد تحول النظام إلى أداة لتثبيت الهيمنة الأمريكية، ومنح ضوءاً أخضر لانتهاك السيادة وتنفيذ عمليات القتل والتصفية. بل وأنشأ أجهزة أمنية وعسكرية لخدمة المصالح الأمريكية، مثل جهاز الأمن القومي والحرس الجمهوري.

ولم تكن العلاقة تقتصر على العدو الأمريكي، بل امتدت إلى التطبيع الصامت مع العدو الإسرائيلي. تشير التقارير إلى أن صالح استند على الموساد للوصول إلى السلطة عام 1978، ووصل به الأمر إلى تجنيد ضباط من الموساد لحمايته. لقد كان هذا التعاون سرياً لكنه كان فاعلاً، ووصل إلى صفقات سرية لبيع المصالح الوطنية.

تؤكد وثائق عديدة على هذا التواطؤ، فخلال حرب صيف 1994، كشف تحقيق مشترك لصحيفة “الغارديان” البريطانية وقناة “الميادين” عن وجود فريق عسكري إسرائيلي ضمن اللجان التي خططت للحرب وأدارت العمليات. وقد كان هذا الدعم مقابل وعد صالح بتمكين العدو الإسرائيلي من بناء قاعدة صاروخية استراتيجية في جزيرة ميون. كما كشف تحقيق لمجلة “فورين بوليسي” في عام 2016 عن وجود علاقات سرية بين صالح وكيان العدو عبر وسطاء من الإمارات والأردن ، وتضمنت تلك العلاقات صفقات عسكرية وتقنية.

 

العدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي

إن نتائج تلك الحقبة التدميرية لم تتوقف عند حدود الانهيار الداخلي، بل مهدت الطريق للعدوان والحصار اللاحق على اليمن. فبعد أن تم تدمير البنية التحتية واحتلال وسرقة الثروات النفطية، وتم قطع المرتبات على الموظفين، أصبحت البلاد في وضع هش يسهل استهدافه.

إن كل هذه الأحداث والتطورات تسرد حكايةً عميقةً من الفساد والخيانة، حيث تم استغلال مقدرات البلاد وشعبها لمصالح شخصية ضيقة، وتُركت اليمن في حالة من التبعية والانهيار. وهي قصة تضع مسؤولية كبيرة على عاتق تلك الحقبة وتأثيراتها المدمرة التي لا يزال الشعب اليمني يعاني منها حتى اليوم. فلقد خلقت سياسات النظام الهش نظامًا فقد ثقة الشعب، ومهّدت الطريق لاندلاع الأزمات والحروب التي استنزفت البلاد على مدار سنوات.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com