“العقل الهادئ والقبضة الحديدية”.. من يُلقب بخليفة السنوار في غزة؟
يمانيون |
في الوقت الذي ما تزال فيه غزة تترنح تحت وطأة العدوان الصهيوني، يبرز اسم جديد داخل أروقة حركة المقاومة الإسلامية حماس، يُتداول همساً ثم علناً كمرشح لخلافة الشهيد يحيى السنوار.
إنه توفيق أبو نعيم، الرجل الستيني القادم من مخيم البريج، الذي لم تصنعه الشاشات ولا المنابر، بل شكّلته السجون والمعارك، وصاغته التجربة المريرة في أقبية الاحتلال ليصبح واحداً من أكثر العقول الأمنية دهاءً وانضباطاً داخل الحركة.
ولد أبو نعيم في بيئة مقاومة جعلت من السجن مدرسةً ومن الألم رصيداً. اعتقله الاحتلال في سنوات الانتفاضة الأولى، وقضى أكثر من عشرين عاماً خلف القضبان، حيث أتقن العبرية وتعرّف عن قرب على أساليب العدو وأساليبه النفسية والأمنية، ليخرج من السجن بعد صفقة شاليط عام 2011 وقد صار أكثر صلابة ووعياً بطبيعة الصراع.
يُعرف الرجل بشخصيته الصارمة وقلة ظهوره الإعلامي، إذ لا يبتسم كثيراً ولا يتحدث إلا في ما يخص العمل التنظيمي أو الأمني. وكان أحد مؤسسي جهاز “المجد”، الذراع الأمنية لحركة حماس، الذي لعب دوراً محورياً في ملاحقة العملاء وتصفية شبكات التجسس داخل غزة. ومنذ ذلك الحين، أصبح اسمه مرادفاً للحزم والانضباط داخل الأجهزة الأمنية للحركة.
بعد خروجه من السجن، تدرّج أبو نعيم في المواقع القيادية حتى تولى وكالة وزارة الداخلية في غزة، وهناك واجه تحديات معقدة، أبرزها صعود الجماعات السلفية المسلحة، وقمع الاضطرابات الداخلية، وإعادة بناء منظومة أمنية متماسكة وفعالة في بيئة سياسية وأمنية مضطربة.
وتشير تقارير عبرية إلى أن “النظام الأمني الحديدي” الذي أقامه كان بمثابة العيون التي لا تنام، حتى في أشدّ ظروف الحرب، واليوم، ومع استشهاد السنوار وغياب معظم أعضاء المكتب السياسي أو انقطاع التواصل معهم، تعود الأنظار إلى أبو نعيم باعتباره الرجل الأكثر نفوذاً في غزة، وصاحب الكلمة العليا داخل الأجهزة الأمنية.
الصحافة العبرية تصفه بـ”اليد الخفية” التي تدير الأمور من خلف الستار، وتعتبره “المرشح الطبيعي” لإمساك زمام القيادة الميدانية والسياسية في المرحلة القادمة.
وبحسب تحليلات العدو، فإن أبو نعيم ليس مجرد قائد أمني تقليدي، بل هو عقل استراتيجي يُجيد قراءة العدو، ويدير منظومة أمنية متشعبة ترتكز على المراقبة والردع والاختراق، وتمنع أي اختراق استخباراتي داخل القطاع.
أما ظهوره الإعلامي النادر، فقد أضفى على شخصيته هالة من الغموض جعلت منه “رجل الظل” في حماس، الذي يتحرك بصمت ويترك بصماته من دون ضجيج.
ورغم أن مكانه الحالي غير معروف منذ هجوم السابع من أكتوبر، إلا أن ما يجمع عليه المراقبون أن الرجل ما يزال فاعلاً داخل المشهد، وأن غيابه الظاهري لا يعني سوى انغماسه العميق في إدارة المرحلة الأمنية الأكثر حساسية في تاريخ المقاومة.
فكما يقول أحد المحللين الصهاينة: “إن من تربّى في السجون الإسرائيلية وتعلم لغتنا، يدرك جيداً كيف يُخفي خطاه، وكيف يُدير المعركة من وراء الستار.”